أساليب جديدة تتبعها المنظمات التنصيرية بالوطن العربي والتى تزايدت أعدادها ونشاطاتها وسط صمت تام من الحكومات العربية
"كنيسة على الإنترنت بالسعودية، وتوزيع الإنجيل والأقراص المدمجة التي تدعو للمسيحية في شوارع العراق، وطباعة (الصلبان) على الأدوات المدرسية بالجزائر"، أساليب جديدة تتبعها المنظمات التنصيرية بالوطن العربي والتى تزايدت أعدادها ونشاطاتها وسط صمت تام من الحكومات العربية، الأمر الذي أدى إلى تزايد عدد المواقع التنصيرية التي تستهدف الدول العربية على الانترنت بمعدل 1200 %.
عائلات بمدينة "عين فكرون" من "أم البواقى" إحدى محافظات الشرق الجزائرى بمنطقة الأوراس تفاجأت بوجود رمز الصليب على الأدوات والمحافظ المدرسية، والتى تباع بسعر 200 دينار جزائرى فقط، مشيرةً إلى ترويج العديد من القصص والأقراص المضغوطة التى تدعو للمسيحية وتشجع ظاهرة التنصير التى بدأت خيوطها تمتد للولايات الداخلية يزيد الغموض الذي يكتنف مصدر هذه القصص والأقراص التى دفعت أئمة المساجد بالمدينة لإلقاء الدروس حول خطورتها ومنع الأطفال من قراءتها.
ويرجع تسرب هذه المنتجات للسوق الجزائرية إلى غياب الرقابة، مما شجع على تداولها بكل حرية، رغم احتجاج مئات العائلات على مثل هذه التصرفات التى تهدد المجتمع الجزائري، مضيفة أن العديد من المواطنين قد اقتنوا هذه المحافظ لأبنائهم دون أن ينتبه أحد إلى "الصليب" المتواجد على هذه الأدوات، والسلسلة التى ترتديها "الدمية" المرسومة على وجه المحفظة.
تحقيق أمني
وعلى صعيد متصل، نقل عن مصادر مطلعة، قولها:" إن الجهات الأمنية عكفت على القيام بتحقيق متعمق حول ظاهرة التنصير التى تقودها شبكات تركز على طلبة المدن الجامعية، وقد استطاعت هذه الشبكات التغلغل بأوساط الطلبة الذين تمكنت من إرسال الكثيرين منهم للخارج، خاصة إلى الدول الأوربية، كما امتد نشاطها إلى ولايات( تبسة وخنشلة وأم البواقى وسوق أهراس)".
وتصاعدت مسألة التنصير خلال السنوات الأخيرة بالجزائر بعد تحولها إلى قضية يواجهها المجتمع وتتصدى لها السلطات الأمنية والقضائية حيث جرت العديد من المحاكمات، بعدما تحولت لظاهرة جدية وغير عابرة، فمنظمات التبشير تستغل حاجات الشرائح والطبقات الأكثر هشاشة، ولهفة الشباب الجزائرى على الهجرة إلى أوروبا، لتُقدّم لهم الوعود بتيسير هجرتهم فى حال تنصّرهم.
قضايا شهيرة
ومن أشهر قضايا التنصير التى شهدتها منطقة القبائل بالجزائر، قضية تعلقت برواج شريط فيديو يحوى "روبورتاجا" مصورا عن واقع منطقة القبائل بعنوان "القبائليون البربر"، ويحمل معلومات زائفة عن تاريخ المنطقة وتراثها وعلاقة أهلها بالإسلام، ولاحظ خبراء شاهدوا الشريط محاولة هذه المنظمات اللعب على وتر الطائفية عبر الادعاء بأن منطقة القبائل أكرهت على اعتناق الإسلام بعدما كانت تدين بالنصرانية، والتركيز أثناء العرض على صور "الملتحين" و"المتجلببات"، على أساس أنهم دخلاء على الجزائر.
كما حاول الشريط تصوير السكان كأقلية مضطهدة من طرف "الغزاة العرب" الذين فرضوا دينهم على المنطقة، لينتقل لمشاهد من المدينة الجديدة "بتيزى وزو" عاصمة منطقة القبائل وإحدى محافظات الشمال الجزائري" على وقع أغنية للمطرب القبائلى معتوب الوناس الذى اغتاله متشددون خلال عقد التسعينات، ثم مدينة "الأربعاء ناث إيراثن" حيث تُعرض مشاهد شباب يقومون بتشييد كنيسة فى المنطقة.
الخليج في خطر
ومع ظهور شبكة الانترنت، وجدت المنظمات التنصيرية الفرخة التي تبيض ذهبا، فلم تعد هناك عوائق أمام وصولهم للشباب العربي في أي مكان خصوصا بمنطقة الخليج العربي الذي توضع به عقبات شديدة تعوق عملهم، وبدأت منظمات التبشير التفكير في استغلال هذه الشبكة العنكبوية لتنصير العالم حتى أنهم قاموا بإنشاء "اتحاد التنصير عبر الانترنت" والذي يعقد مؤتمرا سنويا عاما يحضره ممثلو الإرساليات التبشيرية.
وقد أثمر هذا النشاط التنصيري عن آلاف المواقع التي تروج لفكرهم ومزاعمهم، ومن أخطر وسائلهم استغلالهم لغرف "البالتوك"، والتى يتحادثون فيها ويطعنون علانية بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم، واعترف العديد ممن تنصروا في بلدان مختلفة أو ممن انزلقوا ثم عادوا للهداية أن هذه الغرف التي يشرف عليها كبار الكهنة، وكذا المواقع والملتقيات المسيحية الخاصة بالخليج لعبت دورا بزعزعة إيمانهم أولا والتشكيك في إيمانهم، وأن المنصرين كانوا يطرحون تساؤلات تدعوهم للتشكيك بدينهم، ومع جهلهم كانوا إما يخرجون من دينهم أو يتنصرون.
وخطورة هذه الوسيلة أنها تقتحم علي أبناء الخليج منازلهم وترسل لهم مطبوعات وأفكار ورسائل تفرض علي بريدهم فرضا، وتستغل في سبيل ذلك أساليب قذرة مثل الحديث في أمور جنسية أو استدراج الشباب عبر رسائل وهمية يدركون لاحقا أنها تبشيرية، بل أن بعض الجمعيات تتبع أساليب أكثر قبحا عبر إرسال رسائل للشباب والمنظمات والصحفيين العرب في صورة بيانات تزعم تنامي الوجود المسيحي بالخليج، وزيادة أعداد المسيحيين، كما تهاجم بعنف ما تزعم أنه "اضطهاد للمسيحيين" بالعالم العربي.
ملاحقة مستمرة
كما يستغل المنصرون "المجموعات البريدية" التي ينشئونها علي مواقع البريد، وهي عديدة تسعي للتنصير بالخليج كمجموعة "مسيحيو الخليج البريدية" التي يقول مدشنوها أنه تم إنشاءها للتواصل مع مسيحيي الخليج بشكل عام ومسيحيّ السعودية بشكل خاص والهدف منها بناء كنيسة تتناسب مع خصوصية الطابع الثقافي الخليجي كما انها تهدف إلى تزويد الأعضاء بمحتويات المواقع المحجوبة لديهم على الانترنت وتزويدهم بالكتب والمعرفة التي يحتاجونها وتعزيز التواصل فيما بينهم لبناء أعضاء كنيسة الكترونية تتغلب على كل الحواجز والعراقيل التي تحول بينهم وبين نموهم في المحبة والمعرفة".
ويرسل من يرغب الانضمام لهذه المجموعات رسالة فارغة يتلقي بعها سيل من رسائل التنصير والحكايات المزيفة والوعود البراقة، وللتغطية علي نشاطهم الخفي هذا، توفر المجموعة خاصية إخفاء هوية وايملات الأعضاء المشتركين، وهناك أيضا موقع و "ملتقى مسيحيي الخليج" الذي يزعم أنه نشأ بسبب اعتناق عدد متزايد من الإخوة الخليجيين للمسيحية، وأن عددا منهم أسس الملتقى الأول وهو منتدى وديوانية خليجية.
كنيسة على الإنترنت
ولأنهم يحلمون ببناء كنائس في مكة المكرمة أو أي بقعة في الأراضي المقدسة، فقد أطلقوا أحد المواقع على الانترنت تحت اسم "كنيسة مكة"، حيث يوجد بالموقع "كنيسة يسوع المسيح بالسعودية "- حسب زعمهم - ويعلن الموقع أن هدفه بناء كنيسة بمكة؟، ويقولون:" بما أننا ممنوعون من بناء الكنائس ودخول بعض المدن فإننا نفتح هذه الكنيسة على الانترنت، نصلي ونأمل أن تصل بشارة الإنجيل إلى السعودية ويضيء نور السيد المسيح على العديد من المسلمين هناك، ليعرفوا أنه بدون السيد المسيح ليس هناك خلاص".
ويزعمون (في كنيستهم عبر الإنترنت): "نعلم أن هناك كنيسة حية للسيد المسيح في السعودية، ويتعرض أعضاؤها من السعوديين والأجانب إلى العديد من أنواع القهر والتعقب والسجن، ونود أن تكون هذه الكنيسة على صفحات الإنترنت واجهة ومنبر للمسيحيين في السعودية، ونعلم أن شبه الجزيرة العربية، والسعودية على وجه الخصوص، كانت موطنا للعديد من المسيحيين قبل وفي أثناء وبعد ظهور الإسلام، ونحن نؤمن ونثق أن هذه الأرض وهذه الشعوب لابد وأن تأوي وتؤمن برب المجد يسوع المسيح، الذي مات من أجل كل البشر، بما في ذلك العرب السعوديين"؟.
نشاط علني بالعراق
ومروراً بالعراق، نجد حملة تنصيرية كبيرة تجتاح شمال بلاد الرافدين، وتتمثل في قيام مجهولين بتوزيع الإنجيل والأقراص المدمجة التي تدعو "للمسيحية" على البيوت، وقال شاهد عيان: إنه شاهد ثلاثة شبان مجهولي الهوية وهم يوزعون الإنجيل والبيانات والمدمجات في أسواق مدينة "سيد صادق" إلا أنهم لاذوا بالفرار.
وأشار شاهد العيان إلى أنه حصل على قرص مدمج باللغة الكردية تم توزيعه بين الناس يدعوهم لاعتناق المسيحية، وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قد أكدت قيام بعض الجمعيات بعمليات التنصير في العراق تحت لافتة "توزيع المواد الغذائية"، وأثبتت الهيئة ذلك بالصور.
نار تحت الرماد
أما مصر، فشهدت الأسبوع الماضي عودة اسم "وفاء قسطنطين " إلى صدارة الأحداث مرة أخرى، بعد سنوات على الضجة الكبرى التي أثارتها قصة عن تحولها للإسلام ثم عدولها عن ذلك، وسط ملابسات وتداعيات شائكة، كونها زوجة رجل دين مسيحي، وما أعقبها من مظاهرات حاشدة للمسيحيين الذين اتهموا جماعات إسلامية بالعمل على أسلمتها، في وقت اتهمت فيه جماعة " الإخوان المسلمين " الحكومة بـ "الرضوخ لضغوط البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية"، الذي كان قد أعلن وقتها اعتكافه بالدير، في احتجاج صامت على هذه الأحداث الساخنة، وما اكتنفها من ملابسات .
وعودة اسم وفاء قسطنطين لصدارة الأحداث مجدداً يأتي بعد تصريحات الدكتور زغلول النجار ل صحيفة محلية مصرية، قال فيها إن لديه معلومات عن قتل وفاء قسطنطين في دير "وادي النطرون"، وإثر تلك التصريحات تقدم نجيب جبرائيل ببلاغ إلى النائب العام المصري ضد النجار، قال فيه، إنه تأكد بنفسه من خلال اتصال مع شقيقها "أنها بخير وتعيش في مصر بسلام مع أسرتها، وتمارس عقيدتها المسيحية بحرية، بعيداً عن الكنيسة والدير".
وفي تفاصيل بلاغه الذي قدمه إلى مكتب النائب العام اتهم جبرائيل النجار بالإدلاء بأقوال كاذبة من شأنها أن تكدر السلم الاجتماعي، والعلاقة بين الأقباط والمسلمين، وتهدد الوحدة الوطنية، وأضاف: "كما اتهمته بالتشكيك في أحكام القضاء، لأن قوله إن الكنيسة القبطية أخفت وفاء قسطنطين، ثم قتلتها حتى لا تعود إلى الإسلام مرة أخرى، هذا الكلام أثير في دعوى كان قد أقامها الشيخ يوسف البدري، فقدمت إلى المحكمة خلال شهر كانون أول (ديسمبر) عام 2007 وثيقة رسمية من نيابة "عين شمس" بخط يد وفاء قسطنطين، بأنها ولدت مسيحية وسوف تعيش وتموت مسيحية، وهنا حكم القضاء برفض دعوى الشيخ البدري آنذاك".
ومضى جبرائيل قائلاً "إن عودة النجار ليفجر المشكلة مجددا، معناه أنه يشكك فى حكم القضاء، وسبق أن تقدمنا ببلاغ ضده، ويخضع حاليا للتحقيق بمكتب النائب العام، بسبب إهانته للكنيسة لأنه وصف الكتاب المقدس بـ"المكدس"، وأنه محرف، ونسب للكنيسة أنها تقوم بعمليات تنصير في مكان بالقرب من "مزارع دينا" على طريق القاهرة ـ الإسكندرية الصحراوي في أماكن أعدت للمسلمات لتسفيرهن، من دون أن يقدم دليلا واحداً على صحة هذه المزاعم".
وأوضح المحامي نجيب جبرائيل، أن بلاغه للنائب العام تضمن تلك الوقائع للتأكيد على أن النجار يثير الأغلبية المسلمة ضد الأقلية المسيحية في مصر، وكونه يعجز عن إثبات ما يقوله، فهذا يشكل أركان جريمة البلاغ الكاذب التي تتوافر قبله طبقا للمادة 305 من قانون العقوبات، وأيضا جريمة تهديد الوحدة الوطنية، طبقا للمادة 98 مكرر من قانون العقوبات"، على حد قوله .