روح الامل
في زاوية ذلك البلد
ولد الأمل
وشع نوره ليغمر السموات والأرض
وفاح عطر لامس شذاه
أوصال التراب
ليخترق عظام الأفئدة
وساد صمت خانق
بين القابلات
لتبرز على الوجه سلسة تساؤلات
أوقفتها الأمنية
وهي امرأة جاوزت السبعين من العمر
معروفة بصبرها على مآسي البلاد
مشهورة بحكمتها
ويؤخذ بمشورتها
فكأن هذه المرأة
عبرت شراع اليأس
لتحط قافلتها
وتبدأ الاجابة عن تساؤلات
أنهكت القابلات
وأتعبت خاطر البلاد
فبدأت كلامها
وتكسر حاجز الصمت
فاختلجت الروح
وارتعشت الأبدان
وقالت:"
في حياة كل منا تمر المآسي والأحزان فمنا من يجعلها تمر مرور الكرام ومنا من يفرش الأرض لها وردا فيطيب لها الجلوس ويأنس بها المقام فتبدأ باثارة الأحزان وتجعل السماء سرمدية السواد وتهطل الأفكار التشاؤمية على الوجدان ويستمر الحال على ما هو عليه الى تلك الليلة حيث ولد الأمل في ذلك البلد."
وهنا تقطع كلامها النسمة
اعذريني على تدخلي
لكن عن أي أمل تتكلمين
وأي بلد تقصدين؟
لتأتي الغمية وتمد رداءها على الأرض
فتجلس النجوم
وتبدأ الحكاية
حكاية أمة
ومصير بلد
تسردها شيخة الأزمان
وتبدأ حكايتها
بكان يا مكان في قديم الزمان
قبيلتين متحابتين
تنتشر بينهما روح التعاون
ويسود بينهما الاخاء
وذات مساء
وبينما الجميع في سبات عميق
انسل الكذب
وتبعه الغش
ليصل وراءهما الافتراء
ويخيمان على أطراف القبيلة
وكانوا يستيقظون من الصباح الباكر
ويبدؤون جولتهم الاعدادية
وهكذا بدأت النفوس تتحجر
وأصبحت القلوب للايجار
والأرواح تزهق لكلمة لن تقال
وهكذا بدأ الأخ يكره أخاه
والأب يعادي أباه
والعم والخال
باتا في قائمة الأغراب
الى أن انتبه حكيم للأمر
حاول ثني الجميع عن تلك المكيدة
فلا فائدة ترجو
ولا أمل ظاهر في الأفق
الى أن شاهد
زوجان لا شأن لهما بالحكاية
فكأنهما معزولين عن القضية
فدعا الشيخ نفسه الى تلك الخيمة
فوجد البسمة الصادقة
مزروعة على باب الشقة
يقوم بريها الوفاء
ويسهر الاخلاص على حمايتها
وكانت المرأة حامل
وولد الأمل
في بؤرة الرذيلة والفساد
ووسط وسائل الخداع المتنوعة
ما زال صامدا
ففرحت أرجاء المعمورة
اذا تقول النسمة: ان شأن هذا الأمل عظيم
فترد النجوم: مثلما أزين السماء هذا المولود سيزين نفوس البشر وسيزرع الأمل وسيسود الاخلاص من جديد
فتلملم الغيوم
بعضا من بعض شتاتها
وتغادر الأرض
وترتفع الى السماء
لتعود شاخصة من جديد
وتنظر القابلات الى شيخة الزمان وتقلن لها:
بم كنت تهمسين؟
فهمسك حيرنا
لكننا لم نفهم عن أي شعب تتحدثين
وأي قبيلة تقصدين؟
فضحكت النسمة
ومرت حول رؤوسهن
فرأت أن آذانهم مليئة
بصمغ الأكاذيب
وعقولهم صدئة من كثر الافتراء
وقلوبهم تحجرت من شدة الخداع
فقالت: أستودعك الله
وأترك الأمل أمانة بين يديك
فاحرصي على تنشئته
وغرس روح المحبة بين أضلاعه
وبمجرد أن بكي الأمل
حدثت معجزة الحياة
فببكاء الأمل
أزيلت غشاوة البصر
وحدثت مصالحات بين الأمم
همسة: اصدق فالصدق فضيلة
والكذب يسوده الخطيئة
فابتعد عن مشتتات البصر
واعمل على محسنات البصيرة
فلربما كنت الأمل
لمجتمع يسوده الرذيلة