عبدالله صادق دحلان
من يحمي المشتركين من شركات الاتصالات
حسب المعلومات المتوفرة، يقال إنه قبل خصخصة خدمات الاتصالات كان دخل الدولة من رسوم وخدمات الاتصالات بجميع أنواعها يأتي في المرتبة الثالثة بعد إيراد البترول وإيراد الجمارك، وهذا يؤكد أهمية هذه الخدمات كإيراد للدولة وكخدمة للمواطنين والمقيمين والأجهزة الحكومية والخاصة، وهذا بعد الفاقد من الإيراد وهو ضخم جداً نتيجة تقاعس بعض المشتركين من دفع الفواتير سواء كانوا افرادا أو أجهزة حكومية ولهم في ذلك وجهات نظر رغم أن وزارة البرق والبريد والهاتف آنذاك تتعامل مع المشتركين بلغة قوة الدولة في المحافظة على حقوقها باعتبار أن دين الدولة له الأولوية في الدفع واستخدام السلطة في الإجبار بالدفع. وكان المشترك آنذاك يخشى العقوبة أولاً عند امتناعه عن دفع الفواتير رغم أن له وجهة نظر فيها ويخشى أن تتضرر مصالحه عند توقف خدمات الاتصال. وبعد خصخصة قطاع الاتصالات وإن كانت خصخصة شكلية تحتاج إلى إعادة نظر وما زالت حتى الآن الدولة هي المسيطرة على جميع الخدمات المساندة وعلى البنية التحتية للاتصالات والتي تقدم بقية الخدمات لشركات الاتصالات الأخرى. ورغم تطور قطاع الاتصالات في المملكة وعلى وجه الخصوص قطاع الاتصالات الهاتفية في مجال الهاتف المتنقل وخدمات الإنترنيت وأصبحت هذه الخدمات متطورة عن عديد من دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أنه وللأسف الشديد لم يتغير فكر وأسلوب وطريقة التعامل من قبل شركات الاتصالات صاحبة الامتياز مع المشترك، بل تطورت أساليبها في إجحاف حقوق المشتركين وما زالت تتعامل الشركات بفكر الإدارة الحكومية في التعامل مع المشترك. فالشركات هي صاحبة السلطة وصاحبة الحق ورأيها هو الأصح وهي وموظفوها وأجهزتها معصومون من الأخطاء ولو حدث خطأ أو أخطاء ألحقت ضررا بالمشتركين لا يوجد من يستطيع أن يجادل ويناقش وله الحق في الدخول في التفاصيل الدقيقة والحسابات الداخلية والمراجعة الفنية.
إن ارتفاع نسبة الأصوات والأقلام المطالبة بوضع حد لشركات الاتصالات وللأخطاء التي ترتكب من موظفيها أو أجهزتها الفنية والمحاسبية يدفعني اليوم لضم صوتي لهذه الأصوات مطالباً هيئة الاتصالات أو هيئة حماية المستهلك التدخل ووضع آلية مراقبة ومتابعة وتكوين جهاز خاص مستقل لتقبل شكاوى المشتركين في شركات الاتصالات. لأنه من غير المنطق أن تكون شركات الاتصالات هي الخصم والحكم، ففي الماضي قبلنا ذلك لأن الدولة هي الحكم الذي نرجع له ونحتكم إليه حتى لو كان لدينا اعتراض أو احتجاج على خدمة معينة، والدولة لحماية مواطنيها أنشأت أجهزة قضائية خاصة لضمان الحقوق.
إن الاحتجاج الكبير على شركات الاتصالات صاحبة الامتياز يكمن في عدم قبول الشركات احتجاج المشتركين على قيمة فواتيرهم المغلوطة والمبالغ فيها وعلى وجه الخصوص الدولية حيث لوحظ في الشهور الأخيرة أن آلاف الفواتير قد صدرت من الشركات وكأنها عشوائية بنيت على متوسط الاستخدام للشهور السابقة وإن كنت لا أعتقد أن ذلك يصدر من شركات عملاقة متخصصة مثل شركات الاتصالات صاحبة الامتياز. كما أن الاحتجاج الآخر من المشتركين في "المميزين" كما تصفهم شركاتهم وتعدهم بخصومات خاصة والذين فوجئوا بفواتير هاتفية دولية ضخمة نتيجة اعتقادهم بأن استلامهم لمكالمات وهم خارج المملكة سيكون مجاناً لهم حسب إفادة شركات الامتياز، فوقعوا في اعتقاداتهم الخاطئة وتوسعوا في قبول المكالمات وهم خارج المملكة، ولم تتفضل شركات الاتصالات بتوضيح الأسس والشروط والأساليب التي ينبغي استخدامها لهؤلاء العملاء.والاحتجاجات كثيرة جداً إلا أنه وللأسف لا توجد أجهزة أو مكاتب محاسبية متخصصة لتمثيل المشتركين في المدافعة عن حقوقهم وهذا اقتراحي اليوم هو مطالبة المكاتب المحاسبية القانونية بإدخال خدمات المراجعة لفواتير شركات الاتصالات وإعطاء هذه المكاتب الصلاحية في متابعة شركات الاتصالات لضمان حقوق المشتركين أو إنشاء شركة للمتابعة المحاسبية تخصصها متابعة فواتير الخدمات المقدمة للمشتركين سواء كانوا مشتركين في شركات الاتصالات أو في شركات الماء أو الكهرباء أو المجاري لأن إبقاء الحال للشركات المقدمة لهذه الخدمات بهذا الأسلوب فيه إجحاف للمشتركين وهو أمرُ غير مقبول وأخشى أن نواجه قضية مستقبلاً بين المواطنين وشركات الخدمات.
إن اقتراحي ليس جديداً أو مستحدثاً فالشركات الخاصة بالمتابعة المحاسبية والقانونية لفواتير شركات الخدمات والرسوم الجمركية موجودة في الدول المتقدمة وتعتمد على نظام مراجعة يضمن حقوق الأطراف وتحت رقابة رسمية. وفي المملكة تتعامل شركات الخدمات الأساسية المدفوعة القيمة على أنها صاحبة الخدمة وصاحبة القرار في الحكم على أية شكوى أو اعتراض من المشتركين وهذا منطق غير مقبول، ولكن يقبله المشترك مضطراً لحاجته للخدمة. إن أخطاء شركات الاتصالات صاحبة الامتياز عديدة ولكنها من وجهة نظر الشركات غير منطقية وغير مقبولة علماً بأن الأخطاء الفنية في الحاسبات الآلية عديدة والأخطاء البشرية للمتعاملين مع الحاسبات الآلية أيضاً عديدة والأمثلة محلياً ودولياً تثبت ذلك. وقد يقول البعض أصبح لدينا اليوم عدد من شركات الاتصالات فلماذا لا نتعامل مع الشركات المميزة في الخدمة، وجوابي هو أنني أطالب بوضع مبادئ وأسس تنطبق على جميع شركات الخدمات وليست المعنية فقط شركات الاتصالات وقد لا يهتم الكبار والميسورون والشركات بهذه المطالبة إلا أن المواطنين والمقيميين محدودي الدخل يعانون أكبر معاناة من أغلاط فواتير شركات الاتصالات
المصدر: الوطن