التين... فاكهة من الجنة
حديثنا اليوم عن شجرة مباركة عربية أصيلة كشموخ العرب, وتعتبر من أقدم الأشجار التى عرفها الإنسان عبر تاريخ البشرية, فثمارها غذاء مفضل صيفا وغذاء مجفف شتاء. لقد عرفه الفينيقيون والفراعنة والإغريق كغذاء ودواء, إن موطنهالأصلي جنوب شبة الجزيرة العربية ثم انتقل إلى بلدان آسيا الصغرى في الأناضول وتركيا وأفغانستان ثم إلى أوروبا عن طريق الفينيقيين والإغريق, ثم انتقل إلى الشرق عن طريق سوريا حتى وصل إلى الهند. إن شجرتنا المباركة اقسم الله عز وجل بها في كتابه الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى, والله عز وجل لا يقسم إلا بعظيم وقسم الله تعالى لهو دليل حقيقي على أهمية هذه الشجرةوإشارة هامة إلى أن لها فوائد ومنافع جمة. قال تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ {1} وَطُورِ سِينِينَ {2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ {3} لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [سورة التين].
أعرفتم احبائى شجرتنا المباركة التى نتناولها اليوم بالحديث إنها:
( شــجرة التين)
هيا بنا احبائى نتعرف أكثر على شجرة التين ونجيب عن بعض التساؤلات التى تدور في أذهاننا عن هذه الشجرة مثل, ما هو الوصف النباتي لشجرة التين؟ ما هي البيئة المناسبة لزراعتها؟ وهل هناك استخدامات لأوراق التين؟ وما هي القيمة الغذائية لثمارها الطازجة والمجففة ؟ وماذا ذكرت الأبحاث الطبية الحديثة عن ثمار التين؟
ما هو وصفها النباتي؟
التين شجرة كبيرة قد يصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة أمتار متساقطة الأوراق. تأخذ أشكالاً مختلفة من هرمية إلى كروية وقد تكون مفترشة. تخرج في العادة أفرع كثيرة وسرطانات من تحت الأرض حول الجذع. تعيش الشجرة بالمتوسط 50-70 عاماً وقد يصل إلى 100 عام في الظروف البيئية الملائمة.
الأوراق : بسيطة سميكة جلدية كبيرة الحجم ذات شكل قلبي دائري زغبي الملمس ذات لون أخضر إلى أخضر غامق للسطح العلوي وأخضر فاتح للسطح السفلي.
الساق: قائم وغير قابل للتشقق مع تقدم الشجرة بالسن، ذو لحاء سميك يختلف لونه من فضي إلى رمادي غامق أملس أو خشن قليلاً.
المجموع الجذرى: ليفي يتوقف حجمه ونظام توزعه وتعمقه حسب الصنف وطبيعة التربة وتركيبها وتوفر الرطوبة ، ولكنه بشكل عام متفرع جداً ومتعمق وكثيف وهذا ما يسمح لشجرة التين بالعيش في المناطق الجافة جداً ومقاومة الجفاف.
الثمار: مركبة كاذبة (تينية) وتنمو الثمرة من نورة زهرية لها حامل زهري كبير يحمل بداخله العديد من الأزهار وكل زهرة لها أيضاً الحامل الزهري الخاص بها والملتحم مع الحامل الزهري الكبير. ويتصل التجويف الداخلي لثمرة التين بالخارج عن طريق فتحة تسمى (العين) حيث توجد في قمة النورة الزهرية وتكون مغلقة بحراشف صغيرة وتتميز هذه النورة بان أزهارها ليست ظاهرة من الخارج مثل باقى النورات الزهرية.
ما هي البيئة المناسبة لزراعتها؟
إن شجرة التين تنمو وتثمر في أماكن لا يمكن لأي نوع شجري مثمر آخر أن يعيش فيها، فنجدها في الأراضي الصخرية والمتحجرة، على الجدران، في الكهوف وعلى حواف الطرق. إن قدرتها على التأقلم والعيش في ظروف التربة المختلفة لا حدود لها. التربة المفضلة لزراعتها هي التربة المتوسطة الطينية الرملية الدافئة والخصبة وجيدة البناء والصرف. تفضل درجات الحرارة المرتفعة أما الانخفاض في درجة الحرارة عن 70م يؤدى إلى موت المجموع الخضرى.
هل هناك استخدامات لأوراق التين؟
نعم احبائى إننا نتحدث عن شجرة مباركة تحمل اسم سورة كاملة في القران الكريم, فقد وجدت الدراسات العلمية أن أوراق التين الخضراء قبل سقوطها تستخدم كعلف للحيوانات بالإضافة إلى مخلفات الثمار الطازجة والجافة, فقد وجد أن 100 كجم من مخلفات ثمار وأوراق التين المجففة تعادل 186 كجم من تبن القمح و110 كجم من تبن البرسيم و 97 كجم من النخالة و 85 كجم من الشعير و 89 كجم من القمح و 50 كجم من كسبة بذور القطن.
ما هي القيمة الغذائية لثمار التين الطازجة والمجففة ؟
شجرة التين غزيرة الإنتاج، وتتميز الثمار بقيمة غذائية كبيرة وهي ذات طعم ونكهة لذيذة مميزة, إن الله جل وعلا أمدنا بكل المواد الضرورية التي تحتاجها أجسامنا في هذه الفاكهة والتي تعتبر ذات مستوى غذائي متكامل لصحة الإنسان. و تستخدم ثمار التين في كثير من الصناعات الغذائية، كالمربيات والحلويات وتؤكل مجففة أيضا وخاصة في شهر رمضان الكريم. لكن احبائى هل هناك اختلافات في التركيب الكيمائي للثمار الطازجة والمجففة ؟ نعم هناك بعض الاختلافات الكيمائية بينهما والتي يوضحها الجدول التالي :-
وماذا ذكرت الأبحاث الطبية الحديثة عن ثمار التين؟
يعتبر التين من أكثر الفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف, حيث تحتوي حبة واحدة من التين على جرامينمن الألياف (20% من الاحتياج اليومي الموصى به).
ويوجد بالتين نوعين من الألياف وهى الألياف القابلة للتحلل والذوبان في الماء والألياف الغير قابلة للتحلل والذوبان في الماء. وقد أظهرت الدراساتخلال أكثر من خمسين سنة مضت أن الألياف الموجودة في الأغذية النباتية تؤدي دوراً فعالاً في تنشيط أداء الجهاز الهضمي,ولها دور هام في أداء وظيفته الطبيعية وأيضاًتساهم في التقليل من خطورة الإصابة ببعض أنواع السرطانات. وبما أن التين يعتبر غنياًبالألياف فقد وصفه مختصوا التغذية كطريقة مثالية لزيادة نسبة ما يحتاجه جسم الإنسان من الألياف. حيث تعملالألياف الغير قابلة للتحللعلى تهيئةالطريق للمواد بالخروج من الجسم من خلال الأمعاء وذلك بإضافة الماء إليها وبالتالي تساهم في زيادة سرعة الجهاز الهضمي وتكفل استمرار وظيفته الطبيعية. ولقد ثبت أيضا أن الغذاء المحتوى علىالألياف الغير قابلة للذوبان تمتلك أثراًوقائياً ضد سرطان القولون. ومن ناحية أخرى فقد ثبت أن الغذاء ذو الألياف القابلة للذوبان تقلل من مستوى الكولسترول في الدم بنسبة أكثر من 20 % ,وعليه فإنها تعتبر ذات أهمية كبيرة في الحد من خطورة الإصابة بالنوبات القلبية.لذا فإن تواجد الألياف القابلة للذوبان والغير قابلة للذوبان في التين يجعل هذه الفاكهة ذات أهمية كبيرة.
وفي دراسة أخرى للدكتور اوليفر الباستر مسئول جمعية الوقاية من الأمراض في المركز الطبي التابع لجامعة جورج واشنطن إلى ان التين المجففوالذي يعد من أكثر الفواكهه الغنيةبالألياف أن فيه مستوى عالي من مركب أل phenol(الفينول)والذي يتوفر بنسب كبيرة في التين ويستخدم كمطهر لقتل البكتيريا والجراثيم.
وأظهرت دراسة أخرى أجرتها جامعة رتجرز في نيوجرسي أن التين المجفف يحتوى على المركبين omega-3( اوميجا 3) و omega-6(اوميجا 6) و هما يلعبان دور كبير في التقليل من نسبة الكولسترول, ولقد ثبتأيضا أنالمركبين السابقين لا يمكن للجسم أنتاجهما لكنهمايُمتصا مع الغذاء. كما أن التين يعتبر كعلاج يمد الجسم بالقوة والطاقة لأصحاب الإمراض المزمنة الذين يريدون استعادة صحتهم, حيث يحتوى التين على أكثر العناصر الغذائية أهمية ألا وهو السكر, ويوجد السكر في جميع الفواكه بنسبة 51-74%إلا أن النسبة الأعلى توجد في التين.
والجدير بالذكر أن نسبة الكالسيوم الموجود في التين عالية جدا حيث يحتل التين المرتبة الثانية بعد البرتقال فيما يتعلق باحتوائه للكالسيوم. كما تزود علبة من التين المجفف الجسم بالكالسيوم نفس ما تزوده علبة من الحليب.
إن ما حصرناه من منافع للتين لهو بيان على سعة رحمة الله تعالى بخلقه, فالله جل وعلا أمدنا بكل المواد الضرورية التي تحتاجها أجسامنا في هذه الفاكهة والتي تعتبر سائغة المذاق وذات مستوى غذائي متكامل لصحة الإنسان. وذكرها في القران الكريميدلعلى أهمية هذه الفاكهة لبني آدم والتي اثبت الطب قميتها وأهميتها الغذائية والطبية ومازالت الأبحاث مستمرة لتبرز لنا المزيد والمزيد من فوائد ثمار التين والتي توضح أن القرآن الكريم هو كلام الله العليم القدير الذي لا ينطق عن الهوى...... حقا احبائى إنها ثمار من جنة الله.ندعو الله عز وجل أن يدخلنا فسيح جناته ويمتعنا بالنظر إلى وجه الكريم....... آمـين