حتشبسوت

حتشبسوت:
الأنثى الفرعون وسننموت الأمير العاشق
من هي؟؟!!
بالرغم من أنوثتها الطاغية وجمالها الأخاذ وفتنتها الآسرة وقوامها الدقيق الرشيق تمثلت بالرجال، وارتدت ثياب الفرعون الرسمية (مئزراً قصيراً) وتاج القطرين الثقيل الوزن، والتحت بلحية إلهية مستعارة مجدولة.

"ماعت كارع"أي الملكة الفرعون حكمت مصر حكماً قوياً راسخاً، فعم الازدهار والرخاء كل أنحاء وادي النيل.. حتشبسوت قادت جيشها كأي فرعون من الرجال وتمكنت بقوة إرادتها وصلابة عزيمتها أن تكون فرعوناً كامل السلطان والنفوذ على عرش مصر طوال 22 عاماً!!

وإذا سألنا من تراه كان "الفارس" المغرم الولهان في حياة هذه الإنسانة المتميزة الخارقة للمألوف؟ بل من كان فعلاً "أمير أحلامها" ورجلها المفضل؟
هل كان زوجها تحتمس الثاني الباهت الشخصية المضمحل صحياً أم عساه رجلاً آخر ضمن رجال الحاشية؟! أم أنه في واقع الأمر وكما أجمع الكثيرون من علماء المصريات هو مستشارها الأول ومدير أعمالها المحب العاشق "سننموت".

سننموت سلطت عليه أضواء بقوة مباشرة دون غيره من المحيطين ب"ماعت – كارع"=الملكة – الفرعون. الكثيرون من علماء المصريات وصفه بأنه شخص وصولي نهم للنفوذ والمراكز العليا مبررين ذلك بمستواه الطبقي المتواضع الشعبي!! بل قالوا عنه بالرغم من مزاياه العديدة وبراعته وكفاءته العلمية النادرة المثال إنه قد بين عن ميله الفائق للتفاخر والتباهي وإنه ذو ميول استعراضية فائقة الحد! ورددوا بأن عدد تماثيله الهائل يفصح عن صفاته هذه. ولكن عالمة المصريات الشهيرة كريستيان دي روش نوبلكور تقول في أحدث وأروع كتبها: حتشبسوت .. عظمة وسحر وغموض" إنها من خلال دراستها لشخصية سننموت فيما يتعلق بصلته اللصيقة بحتشبسوت وجدت أنه يتميز بالرزانة والتعقل والتحفظ الفائق ويتراءى بكل وضوح في كل أعماله دلائل حبه وإخلاصه وتبجيله بل وتقديسه ربما إلى درجة العبادة لمليكته المعظمة حتشبسوت ولم يكن في ذلك متزلفاً أو منافقاً.
سننموت هو طفل نوبي صغير تربى في جنبات البلاط الملكي والتحق بمعهد الأمراء الدراسي وشملته حتشبسوت برعاية واهتمام خاص. وراعت الملكة دائماُ أن يكون هذا الصبي الأسمر اللون على مقربة دائمة منها لدرجة أنها عندما اشتد عوده عينته في منصب حامل المروحة بجوارها.
وكان سننموت دائماً قريباً جداً من مليكته فمنذ صباها الفضي ثم توليها حكم مصر وهو بجانبها بل لقد كلفته أيضاً فضلاً عن المهام والوظائف الكبرى التي أنعمت عليه بها بمهمة تعليم وتنشئة ابنتها البكرية "نفرو- رع" ثم من بعدها أيضاً تربية وتثقيف أختها الصغرى "مريت" وهكذا كان قريباً جداً وملازماً لأمهما حتشبسوت.

ولعل ما يظهر عمق العلاقة والصلة القائمة ما بين الأنثى الفرعون وكبير ياورانها سننموت هو هذا المشهد فوق بعض صخور "جزيرة سهيل" حيث يقف كل من حتشبسوت وسننموت متجابهان وقد تطابقت مقاييس قامتهما تماماً وتساوى حجمهما بكل دقة!! وهذا يدل في مضمون الفن التشكيلي المصري على تعادلهما الكامل في الأهمية والقيمة والقدر. وكانت تقاطيع وجهه الوسيم التي تظهر في الرسومات والتماثيل تتطابق مع ملامح وجه هذه الأنثى الفرعون وكأن التقارب الروحي قد أطل على وجه كل منهما بهذا التشابه. وفي صورة أخرى سمح لنفسه أن يكتب تحت صورته "المحبوب" أما أسفل صورة حتشبسوت فقد كتب كلمة واحدة فقط لا غير وهي "المعبودة".

ولكي يعبر سننموت عن مشاعره الجياشة العارمة وإخلاصه المتناهي لمحبوبته أو بالأحرى معبودته أعلن بكل صراحة عن عزوبيته المطلقة وعدم إزماعه الزواج أبداً!!
ولقد ردت عليه حتشبسوت بكل وضوح وجلاء بأن منحته شرفياً أكثر من 93 وظيفة رسمية كبرى!! وما بقي من آثار يحكي قصة حب كتب لها الخلود.