نقش عبدان الكبير :
عثرت على نقش عبدان الكبير السيدة Pirenne . J ) ) في نهاية عقد ( السبعينات من القرن العشرين ) في وادي عبدان ـ الذي يعتبر من أهم أودية المشرق إلى جانب وادي ضرا ، وادي عماقيين ، وادي جردان ـ ، الذي يبـعـد بحوالي ( 300 كيلو متر ) عن مدينة عدن إلى الشمال والذي يقع إلى الغـرب من نصاب ومدينة عبدان التاريخية التي ذكرها نقش النصر الموسوم بــ ( RES.3945 ) ، ( في القرن السابع قبل الميلاد ) والتي لم يعثر على آثارها حتى الآن .
ونقش عبدان عثرت عليه كما ذكرنا السيدة (Pirenne . J ) ونشرت نصه لأول مرة في مقالة بالفرنسية في دورية ( Raydan 4 ) في عام ( 1981 م ) ، وفـي نـفـس الدورية قـدم الدكتور " محمد عبد القادر بافقيه " دراسة له باللغة العربية ، ويعتبر هـذا النقش مـن أهم نقوش ( القرن الرابع الميلادي ) المعروفة ـ إن لم يكن أهمها على الإطلاق ـ ونقش عبدان يتحدث عن الأسرة اليزنية ، وتعد الأسرة اليزنية من الأسر اليمنية الكبيرة والقوية التي فرضت وجودها السياسي وتركت بصماتها الواضحة في أحداث ( القرن الرابع الميلادي ) ، يعـود تاريـخ ذلك النقش بالتحديد إلى العام ( 355 ميلادية ) ، وقد سجل عقب أحداث كثيرة تلت استيلاء الحميريين على شبوة ، كما جاء في النقش الموسوم بـ (Ja . 66J ) والذي على إثره ضمت حضرموت إلى دولة التبابعة وأصبحت ضمن اللقب الملكي ـ ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات ـ .
وقد ذكر نقش عبدان أن الحضارمة في بادئ الأمر صبوا غضبهم على مدينة عبدان ، وتمثل ذلك في تدميرها تماماً ، وذلك يعلل السبب في عدم العثور على مخلفاتها ، وعقب ذلك بنى اليزنيون حاضرة لهم أطلق عليها النقش ( بيت ـ يزأن ) ، وكانت بذلك تسيطر على الرقعة الممتدة ما بين وادي عبدان وعماقين ، وقد جاءت أخبار تلك الأسرة في نقش عبدان الذي أمد المتخصصين ـ في دراسة تاريخ اليمن قبل الإسلام ـ بحقائق وتفاصيل نادرة عملت على تصحيح بعض الآراء والتصورات عن اليزنيين ودورهم في أحداث ( القرن الرابع الميلادي ) ، بدأً من تسلسل أصل نسب الأسرة اليزنية ومروراً بالمعطيات الجديدة التي قدمها عن نظام القيالة وانتهاءً بمشاركتهم في الوقائع الحربية والمعارك التي خاضوها في بداية بروزهم كقوة كبيرة في إطار الحكم المركزي للملوك الحميريين الذين حملوا في ذلك الوقت لقب – ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات – والذين كانت تقوم سيطرتهم على الأراضي شـرقـاً حتى المهرة وشـمـالاً إلـى أراضي " معد " ـ نزار وغسان ـ ، إضافة إلى أن ذلك النقش قد ذكر الأعمال المدنية وهي أعمال ترميم وبناء في عبدان ـ مدينة اليزنيين ـ وأعمال ري وزراعة .
ويمكن تلخيص أهم محاور ذلك النقش في النقاط التالية :
- بداية بروز وصعود اليزنيين ـ في عـهـد مـؤسس الأسرة وهـو " ملشان " وأبنائه وأكبرهم
" خولي " وحفيد مؤسس الأسرة .
- الأوضاع الداخلية في اليمن في تلك الفترة ؛ وبصفة خاصة حركات التمرد ضد الدولة الحميرية
في الأطراف والمناطق الوعرة ودور اليزنيين كقادة تحت ظل الدولة الحميرية .
- قيادتهم للحملات الحميرية التي اندفعت نحو وسط الجزيرة العربية وشمالها وخاصة في النصف الشرقي منها حيث كانت تقوم مملكة نزار ـ البحرين ـ التي كانـت قـد تـعـرضت في أواخر ( القرن الثالث ومطلع القرن الرابع الميلاديين ) للاجـتـاح مـن قـبـل امـرئ القيس بن عمرو اللخمي ـ ملك كل العرب ـ ، وكان هذا بدابة امتداد النفوذ الحميري في عهد التبابعة في الأراضي المعدية ، وهو الذي يفسر اتخاذ " أبى كرب اسعد " فيما بعد لـقباً ملكياً طويـلاً وهو " ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات وإعرابهم طوداً وتهامة " ويعلق " بافقيه " على ذلك النقش بأنه أثر تاريخي هام وقيم وذلك في كونه يذكر أو يتحدث عن وقائع كثيرة ؛ إضافة إلى احتوائه على أسماء أماكن كثيرة جداً مما جعل الدكتور " بافقيه " يقرنه من حيث الأهمية بنقش النصر الذي سجله " كرب إل وتر بن ذمار علي " مكـرب سـبــأ فـي ( القرن السابع قبل الميلاد ) ، والموسـوم بـ( RES .3945 ) ، ويدعوا إلى المزيد من التعميق في معطياته الأمر الذي سيضيف الكثير إلى معارفنا عـن العلاقات ( الجغرافية – السياسية ) فـي شـبة الجـزيـرة العـربيـة كلـهـا فـي ( القرن الرابع الميلادي ) ، ولا ننسى أن نذكر أن أحفاد أولئك اليزنيين هم الذين كانوا يعتبرون أركان حرب وقادة الملك اليمنى " يوسف أسار يثأر " المشهور بلقبه " ذي نواس " .
- كما وجد نقشين آخريين هما نقش لملح ونقش أمقضاض ونفهم من نقش أمقـضـاض (Robin . C ) ، ـ الذي يرجع تاريخه إلى ما بين ( القرنين الثاني والرابع الميلاديين ) ـ إن وادي ضرا كان قد خضع للأسرة اليزنيية ، أما نقش لملح فهو النقش المرسوم بـ RES.4069 ) ) فقد ورد فيه اسماء أقيال الأسرة اليزنيية .
#
وادي عبدان اليوم :
يسكن وادي عبدان اليوم عدد من قبائل المحاجر العولقيه وقد كان موطن لاجدادهم اليزنيين من قبل
ويعتبر الوادي من اوديه الصحراء حيث انه يتجه الى رمله السبعتين.
ويقع وادي عبدان بالغرب من مدينه نصاب (الانصاب) التي كانت عاصمه سلطنه العوالق العليا
الى قبل مايقارب 50 سنه.
ودمتم بخير
منقول