السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تخيلوا معي :
حياتنا كـ ملعب رياضي وفيه كـُرَه !! يهتم الناس لأمرها . نقطة الوسط هي رأس
الحكمة يجتمع اللاعبون حولها وعند المتقدمين منهم هي سلاح " هجوم " وعند
المتأخرين هي سلاح " دفاع " . كُرةٌ تقيم الدنيا ولا تقعدها حتى تصل إلى هدفها .
هذا الكائن الصغير الذي يحيا بالنفخ وليس في جوفه إلا الهواء يعز أقوام ويذل أقوام
آخرين . وهو في النهاية مخلوقٌ جبان لا يستطيع الصمود أمام إبرة صغيرة ثابتة .
( يا للسخرية ) !
أعزائي :
هكذا هي حياتنا .. الكرة الساخرة تحيا بيننا .. دعونا نروي بعض حكاياتها في ثقافتنا:
( أرقام السيارات )
فلان يتمكن من شراء سيارة جميلة جداً ونظيفة وذات لون جذاب في هذا الزمن
الصعب !! . ليسَ هذا فحسب .. الجدير بالاهتمام ان لها رقماً ثلاثياً .
هل تعرف ماذا يعني أن يكون لسيارتك رقم ثلاثي أو رقم صغير ؟
يعني انّك شخصية مهمة جداً وذات مقامٍ رفيع ولكَ صولات وجولات .
( قلة عدد الأرقام يساوي القوة والأهمية ) معادلةٌ صعبة تزداد لمعاناً إن كان الرقم
ثنائياً أو احادياً . حينها أنتَ في نظر الناس شخصية مرموقة تسكن في أحسن مساكن
العاصمة ولا تمتلك سيارة واحدة فقط بل لديكَ أسطول كامل .
وهناك من يشتري رقم سيارته بالملايين لـ يكون انساناً مهماً .
" الرقم أولاً ، ثم أنت ، ورجل المهمات المستحيلة ، والبقية تأتي " !!
( السوق والشراء )
فلان يدخل إلى السوق في كل مرةٍ أسبوعية ليخرج ومعه عشرات الأكياس
والمشتريات كما لو انه سـ يحبس نفسه سنةً في بيته . لماذا ؟
ببساطة : عندما تشتري كثيراً وتسير أمام الناس بـ سلة مشتريات تفيض من الجانبين
يعني ذلك انك شخصٌ مهم وتملك سيولة مالية لا مثيل لها .
" اشترِ كثيراً دون تفكير لـ تكون شخصية مهمة في العصر الجديد "
( جوّالات الجدّات )
فلان اشترى لجدته هاتف نقالاً . لمَ لا ؟! فلا يصح أن تبقى دون جوال في هذا العصر
المتطور ! . المدهش ان جدته طلبت منه جوال " N70 " . يبدو ان الجدّة متابعة جيدة
لـ جديد الجوالات .. فقد سمعت أن له آلتي تصوير أمامية و خلفية . الأمامية للتصوير
الذاتي حيث يمكنها أن ترسل صورتها للصديقات والأولاد و الأحفاد و الخلفية لتصوير
المناظر الخلابة التي ستراها من وراء نظارتها الطبية الكبيرة ..!!
قيل لفلان : ألم تجد هدية أخرى لجدتك غير الهاتف النقال ؟ فقال : لم أجد هدية أفضل
منه ثم انها ستحتاج كثيراً إليه .
الجدير بالذكر : ان الجدّة لا تعرف القراءة والكتابة وحسبها مما تعرف ما يعينها
على أداء الصلاة .
" ثقافة المظهر تغزو عقول الكبار قبل الصغار .. فكن مستعداً " !
( سوبر كـــلام )
فلان أنهى دراسته الثانوية ولم يجد عملاً وبعد طول معاناة وجد وظيفة في القطاع
الخاص في العاصمة . قرر أن يمكث شهرين بل أكثر هناك ليكتشف العالم الجديد وبعدها
عاد إلى قريته فقال كل من رآه : فلان تغيّر ! .. فلان تطوّر
الآن يقول إذا تحدث عن الإجازة الأسبوعية : ( أجمل ما في الويك إند " Weak End" أنك ترتاح من العمل )
وإذا سأل أحداً عن طفله الصغير : ( كيف حال البيبي " Baby " الصغير ؟ ) و إذا طلب أحد
منه شيئا فوق طاقته صاح بصوت يملؤه الشجن : ( آي كانت " I can't" أنا مشغول ) !
وعندما تسأله عن ذلك يجيبك : أنها الوسيلة المثلى لجذب الأنظار ولفت الانتباه
" تعلم المزيد من اللغات وامزجها مع بعضها لـ تكون لك لغة خاصة فتصبح مهماً "
أخيراً :
ان الاهتمام بالمظهر لن يسمن ولن يغني من جوع . ثِمة أمور أخرى كثيرة بحاجة
لأن نهتم بها فيها سر قوتنا وتقدمنا .
الاهتمام بالمظهر هوس يمارسه الشخص تجاه أمور مهمة وغير مهمة حتى تصبح
عبادة للذات مع مرور الوقت .
وهذا ما لا يجب أن يحدث !!
همسة :
نستطيع أن نكون كباراً مهمين .. ينظر إلينا الناس نظرة احترام وتقدير بالالتفات إلى
المضمون بما فيه من أخلاق حميدة وصفات نبيلة وثقافة أصيلة .
حينها فقط لن تمتصنا الأعين الزرقاء ولن نبدو كـ دراجةٍ قديمة أمام السيارة العجيبة !
.
.
.
أتمنى يعجبكم .. ويرقى لرضــــــاكم .. وأتمنى دعواتـــــكم ..