أهمية ان يكون الله موجودا
-------------
الله موجود بالفعل .... وبالقوة
ما الذى يمنع الإنسان من الكذب على أخيه الإنسان ؟ وما
الذى يدفع الإنسان للتحلى بالفضائل والتخلى عن الرذائل ؟ وما الذى يجعلنا نعجب وندعو ونشجع ونكافىء فعل الخيرات ؟ ونكره وننهى ونحذر ونعاقب على فعل الشر والسيئات ؟ إنه الإيمان بوجود الله عز وجل ... ولا يصح أن يكون السبب وراء كل ذلك هو " العقل " لأن ما يراه العقل صوابا فى زمان ومكان قد يراه شرا فى زمان ومكان آخر ...كما أن العقول تتفاوت ... فقد
يرى عقل إنسانى أن هذا الأمر صوابا وخيرا ويراه عقل إنسانى آخر خطئا وشرا ، ولا يصح أن نقول : إن " الإنسانية " تدعو إلى ذلك لأن الإنسانية مصطلح مجرد يستنطقه الزعماء والمفكرون وجماعات من الناس بما يريدون تحقيقه ، دون أن تكون الإنسانية نفسها قادرة على بيان أن ذلك مراد لها أو غير مراد ، ولقد اجتمع أكثر من يمثلون الإنسانية على امتداد التاريخ الإنسانى على المشاركة فى حروب طاحنة دمرت الإنسانية وقيمها لأتفه الأسباب ؟!
والإيمان بالمادة وحدها لا يكفى ... لأن العقل البشرى نفسه يحكم بقصور أدوات إدراكه للأشياء ، وأن هناك أشياء موجودة ولكنها غير محسوسة قد نرى آثارها ولكن لا يمكن أن نراها هى بذاتها وعلى حقيقتها ... فنحن نؤمن بالكهرباء دون أن نراها أو نلمسها نحن ندرك ونرى آثارها فقط ، فإذا وجد سلك كهربائى طرفه عار أمامى ، وطرفه الآخر خفى عنى ، وأخبرنى الصادق الأمين : أن هذا السلك به كهرباء ويجب ألا ألمسه ، فمن السفه عدم تصديقه إلا إذا أدركت ذلك بحواسى لأن النظر المجرد لا ينتج حقيقة فى هذه الحالة، ولمس السلك الكهرباءئى بيدى ستكون نتيجته الموت صعقا بالتيار الكهربائى غير المرئى ، ويؤمن الكثيرون بوجود الروح دون أن يعرفوا أين هى ؟ ولا أن يدركوا أين تقع ؟ هذا فضلا عن أن يلمسها أحد ، أو أن يراها أو أن يشمها أو أن يسمعها ؟ ولا تعرف البشرية على وجه التحديد علاقة عضلة القلب بأمور المعرفة والشعور والوجدان ؟ ولا أين هى الذاكرة التى تحفظ تاريخ الإنسان وتحدد له رؤيته ومسارات حياته فى المستقبل ؟ ونتحدث عن النفس دون أن نعرف ما هى ؟ وقديما أثبت الغزالى أن الاعتماد بالكلية على العقل والحواس غير مجد ولا كاف فى إدراك الحقائق ... لأن البشرية كلها حين تنظر إلى الشمس والقمر تراهما صغيرين بينما الحقيقة غير ذلك ، وحين ينظر الناس وهم على سهل منبسط إلى رجل على قمة جبل سيرونه صغيرا مثل عصفور ، وهو حين ينظر إليهم سيراهم كذلك ؟ وحين تكلم إسماعيل أدهم فى مقالاته عن " لماذا هو ملحد " ؟ قال - بحسب ما فهمته - أننا لو افترضنا طاولتين ولاعبين فإن الطاولتين باستخدام المعادلات الرياضية سينتج عنها جميع أشكال اللعب الممكنة ، فى إشارة إلى وجود جميع المخلوقات كثمرة تلقائية لحركة الطبيعة والفضاء والتطور الطبيعى ونتاج التفاعلات فيما بين المكونات والمخلوقات ... وهذا فرض ناقص لا يدل على عدم وجود الله عز وجل لأنه ليست مشكلتنا فى أن الطاولة - الطبيعة - يمكن أن ينتج عنها تلقائيا جميع أشكال المخلوقات بل قضيتنا هى فى الطاولة نفسها من أوجدها ؟ أم تراها ليس لها موجد ، وليس لها صاحب ؟ أهل الإيمان يعتقدون أن لها موجدا وهو الله عز وجل ثم بعد ذلك سيكون الأمر سهلا فى معالجته وتكييفه : أعنى هل نتجت المخلوقات عن الطبيعة وتطورت منها بعد إيجادها أم أن الموجد الأول باشر عملية الخلق والإيجاد فى جميع مراحلها وفى أدق تفاصيلها ؟ وغير المؤمنين يرفضون الإجابة على هذا السؤال : هل للطاولة خالق وهل للطبيعة صاحب وموجد أم لا ؟ إننا نتمنى أن يثبت لنا العقلاء من غير المؤمنين إخوتنا فى الإنسانية عدم وجود الله عز وجل ، ساعتها يمكن أن يتخفف المؤمنون من أعباء تكاليف الإيمان والرضا بتحمل المشاق ، وحرصهم على الصدق والأمانة والوفاء والإخلاص ، فتصبح هذه الأمور نسبية تخضع للمصلحة فقط ويتحول كتاب ميكافللى من كتاب موجه للأمراء والزعماء والقادة وكبار المفكرين إلى كتاب موجه لجميع الناس ولكافة المواطنين ، فيصح أن يكذب أى إنسان يرى فى الكذب مصلحة له ، وكذلك له أن يعد ولا يفى ، وأن يخون الأمانة إذا كان الوفاء بها ضد مصلحته الشخصية ، كما يمكنه أن يلتف حول القوانين الموضوعة مستخدما ما بها من ثغرات ونقائص وعيوب ، وجمل مرسلة وعبارات فضفاضة ، كما يمكنه أن يرتكب أى أمر تراه البشرية خطئا وجرما وشرا ، ما دام بعيدا عن عين البشرية ، وبعيدا عن وسائل المراقبة ، وأدلة الإثبات ، ويكون إله الإنسان فى هذه الحالة هو هواه فقط ، ويكون ضميره هو مصلحته .!!!!
اخوكم المجروح