السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللحوم البيضاء والحمراء وطرق التعرف على خصائصها
هل حقيقة لون اللحم دليل على عمره، وهل يختلف اللون عند فساد اللحم، والأهم من أين يأتي لون اللحم، ونحن نرى لحوماً حمراء ولحوماً بيضاء؟ وحينما يذهب أحدنا إلى اللحّام أو قسم اللحوم في المتاجر الكبرى ويريد أن يشتري قطعة طازجة من اللحم، فإن أول ما يحرص عليه هو أن يكون لونها أحمر مشرقاً، لأن ذلك كما يُقال، علامة يضمن وجودها أن اللحمة طازجة.
* الأحمر والأبيض والحقيقة أن أنواع لحوم الحيوانات والدواجن والأسماك تختلف على حسب كمية مادة مايوغلوبين myoglobin الموجودة فيها، ففي اللحوم الحمراء، كلحم البقر أو الضأن أو الحمام، تكون مادة مايوغلوبين عالية. أما في لحم العجل الصغير أو الدجاج أو الديك الرومي تكون مادة مايوغلوبين قليلة. ومايوغلوبين مركب بروتيني، مسؤول إلى حد كبير عن إعطاء اللون الأحمر للحم. وهو مركب مستقر في خلايا الأنسجة العضلية، ولونه بنفسجي. وحينما يتفاعل مايوغلوبين مع الأوكسجين ليكون مركب أوكسيد مايوغلوبين oxymyoglobin فإنه يكتسب اللون الأحمر الفاقع. كما أن مركبات هيموغلوبين، الموجودة في خلايا الدم الحمراء، مسؤولة عن جانب صغير من إعطاء اللحم اللون الأحمر.
وكذلك يختلف لون اللحم على حسب العمر والجنس والتغذية والمجهود الذي بذله الحيوان أو الطائر قبل ذبحه، فمثلاً كلما زاد عمر البقر، كلما زاد غمق لون لحمها الأحمر. وذلك نتيجة تراكم مزيد من مادة مايوغلوبين في لحمها مع تقدم العمر. كما أن اختلاف تركيز مادة مايوغلوبين في عضلات الحيوانات المختلفة يُسبب زيادة في غمق لون لحمة الحيوان الذي بذل مجهوداً بدنياً قبل الذبح، كما في الحيوانات أو الطيور المصطادة.
هذا بالإضافة إلى دور طريقة حفظ اللحم في الثلاجة أو المجمدة في تغير لون اللحم. وهو ما لا يعني فساده كما سيأتي.
* اللحوم الحمراء إن لون قطعة اللحم الطازجة من الضأن أو البقر أو العجل هو لون غير ثابت، ويُمكن أن يتغير سريعاً بفعل عوامل لا علاقة لها بفساد اللحم. وحين تعرض اللحم للهواء يتفاعل مايوغلوبين مع الأوكسجين، لتكتسب اللحمة اللون الأحمر القرمزي. لكن حفظها وتجميدها مباشرة في كيس مُفرغ من الهواء قد يجعل اللون أشد غُمقاً. كما أن طول تعرضها للهواء وللضوء قد يُكون مركبا آخر، غير مركب أكسيد مايوغلوبين آخر هو مركب ميتمايوغلوبين metmyoglobin ولون المركب هذا الذي يتكون في سطح قطعة اللحم هو بين البني والأحمر.
وكل الاختلافات هذه في اللون لا تعني فساد اللحم. ولذا فإننا قد نلحظ أن لون سطح قطعة اللحم قد يكون أحمر براقاً بينما باطن القطعة قد يكون غامقاً. وهذا طبيعي لأن الهواء والأوكسجين فيه لا يصل إلى داخل القطعة بخلاف سطحها. بل الحذر هو من بعض منتجي اللحم الذين يُعرضون سطح قطعة اللحم لمواد تُكسبها لوناً أحمر براقاً بشكل دائم، ولا يُمكن آنذاك الاعتماد على درجة اللون في تقويم مدى سلامة اللحم أو فساده.
وتغير لون اللحم عن اللون الأحمر لا يعني بالضرورة أن اللحمة فاسدة، لأن تغير اللون طبيعي في منتجات اللحم الطازجة. أما في فساد اللحم فإن تغير اللون، إلى الفاتح أو الغامق، يجب أن يكون مصحوباً بعلامات أخرى. مثل انبعاث رائحة منها، وتغدو اللحمة لزجة تلتصق بالأصابع.
وعند تجميد اللحوم، سواء الحمراء أو البيضاء، فإن تغير اللون نحو الفاتح أو الغامق لا يعني أيضاً فسادها، لكنه يعني أن طريقة الحفظ لم تكن لتحافظ على اللون. وذلك نتيجة لوجود هواء في كيس الحفظ. كما أن ظهور بقع بيضاء على سطح قطع اللحم المجمد، وهي بُقع من نفس أنسجة قطعة اللحمة تحديداً، لا يعني أيضاً فسادها. بل هو نتيجة «حرق التجميد» لسطح قطعة اللحم. ويُمكن إزالة الطبقة تلك قبل إعداد أي وجبات منها دون أن يضر ذلك اللحم بالإنسان. ووجود اللون الأحمر في باطن قطعة من لحم البقر أو الضأن المفروم بعد طبخها في الفرن لا يدل على أنها غير ناضجة، لأن بقاء لون اللحم الأحمر قد يكون نتيجة تفاعل بين الأجزاء الداخلية للحم مع درجة الحرارة أثناء الطبخ في الفرن وتكون بالتالي أوكسيد مايوغلوبين. أو حتى ربما نتيجة لوجود بعض أنواع الخضار الممزوجة والمعجونة مع اللحم المفروم. لأن بعض أنواع الخضار قد تحتوي على مركبات النترات المسببة في بقاء لون اللحمة أحمر. لهذا كله فإن الاعتماد فقط على تغير لون قطعة اللحم بالطبخ ليس كافياً في تقويم نضج باطنها وضمان التخلص من الميكروبات، بل الأفضل هو استخدام ميزان حرارة اللحم الذي يُغرس في داخلها أثناء الوضع في الفرن مثلاً، والتأكد من بلوغ حرارة أكثر من 70 درجة مئوية في داخل القطعة.
* اللحوم البيضاء تتراوح ألوان الدجاج أو الديك الرومي الطازجة والطبيعية بين الأبيض البنفسجي إلى الأبيض الوردي وحتى الأبيض الأصفر. وتتحكم في هذه الألوان عوامل التغذية والعمر والمجهود البدني قبل الذبح، كما أن لحم الصدر فاتح مقارنة بالأفخاذ.
وليس وجود غمق في لون اللحم المحيط بالعظم أو في العظم إلا علامة على صغر عمر الطائر. لأن عظمه لم يبلغ ويتكلس بعد بدرجة كافية. ومن السهل أن ينضح العظم بما فيه من مركبات الأنسجة النشطة في النمو أثناء الطبخ أو التجميد.
والمهم هو الاهتمام بطبخ لحوم الطيور في كل أجزائها، حتى الداخلية منها كالعظم، عند درجة تفوق 70 درجة مئوية لمدة كافية، كي يتم النُضج والتخلص من أي ميكروبات موجودة.
ويختلف لون لحم الدواجن عند الإعداد بالطبخ في الفرن. وذلك نتيجة التفاعل مع الغازات المستخدمة في موقد الفرن أو وجود قطع الخضار. وعموماً فإن الدواجن الكبيرة في السن لديها طبقة سميكة من الجلد تحمي لون اللحم من التغير بخلاف الصغيرة في السن منها
م / ق