الزراعة والأغذية
# مقدمة :
عند بداية التسعينات كان يستهلك متوسط عالمي للفرد من المنتجات الغذائية مقداره 2670 سعرا حراريا، وهو مستوى يعتبر كافيا من الناحية الغذائية. غير ان هذا المتوسط العالمي له دلالة محدودة ما دامت تسود في عدد كبير من البلدان النامية مستويات غير كافية للاستهلاك الغذائي. إذ توجد فجوة مقدارها 965 سعرا حراريا للفرد بين البلدان المتقدمة والنامية (3399 و2434 سعرا حراريا للفرد على التوالي)، كما توجد فجوات واسعة بين البلدان النامية نفسها وفي داخلها. والحقيقة ان الزيادة في توافر الأغذية للفرد في البلدان النامية ككل قد تباطأ في الثمانينات بالمقارنة بالسبعينات والستينات فضلا عن ان الوضع بالنسبة لبعض البلدان مثل البلدان الافريقية جنوبي الصحراء قد ازداد سوءا الى درجة ان توافر الأغذية للفرد في عام 1989 كان اقل مما كان عليه في عام 1970 .
هذا التباين على نطاق العالم خلق مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وعمل على تفاقمها، وتشمل هذه المجموعة الانخفاض في اسعار السلع الاساسية والاعانات التي تقدم للزراعة في الشمال والحواجز التجارية الزراعية والإمكانية غير المنصفة للحصول على الموارد والمنتجات.
والظروف البدائية غالبا التي يتم فيها انتاج وتجهيز المنتجات الزراعية في كثير من البلدان. ونتيجة لذلك فان البشر الذين يعانون جوعا مزمنا في العالم ازداد عددا من قرابة 460 مليونا في عام 1970 الى 550 مليونا في عام ،1990 ومن المتوقع ان يصلوا الى ما بين 600 مليون بحلول العام 2000 . ويعيش ما يقرب من 60 في المائة من جياع العالم النامي في آسيا، ويعيش حوالي 25 في المائة منهم في افريقيا جنوبي الصحراء، ونحو 10 في المائة في امريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. ومن الحقائق الثابتة ان الجوع يرتبط بالفقر ارتباطا وثيقا. واستنادا الى البنك الدولي فان 1116 مليون فرد في البلدان النامية يعيشون في ظروف الفقر، من بينهم 630 مليونا يمكن اعتبارهم في فقر مدفع. وهذه المجموعة الأخيرة هي المهددة اكثر من غيرها بالجوع وسوء التغذية المزمن.
زاد الناتج الزراعي وانتج الأغذية في كل من البلدان المتقدمة والنامية خلال الفترة 1970 - 1990. وكان المعدل السنوي اعلى في البلدان النامية (حوالي 3.0 في المائة) منه في البلدان المتقدمة كان هناك ما يقرب من الركود في انتاج الأغذية للفرد في الثمانينات، مع انخفاضات ملحوظة في عامي 38_B و1988 بسبب الظروف المناخية غير المواتية، ولا سيما في امريكا الشمالية. وفي البلدان النامية كانت هناك زيادات كبيرة في آسيا وحالة قريبة من الركود في امريكا اللاتينية، وانخفاضات ملحوظة في افريقيا.وكان معدل الزيادة في انتاج الحبوب الغذائية اعلى في البلدان المتقدمة منه في البلدان النامية (حوالي 32 في المائة و15 في المائة على التوالي فيما بين عامي 1970 و1990). وفي البلدان المتقدمة كان المعدل السنوي لانتاج الحبوب الغذائية اعلى من النمو السكاني (حوالي ضعفه). ولكنه كان في البلدان النامية ادنى كثيرا (حوالي الخمس). وما زالت توجد فجوة واسعة 529 كجم للفرد في الوقت الحالي، بين الناتج السنوي للحبوب الغذائية في البلدان المتقدمة والبلدان النامية ككل (777 كجم و248 كجم للفرد على التوالي في عام 1990).
يعتمد حوالي 12 في المائة من سكان العالم اعتمادا كليا على انتاج الماشية. ففي المتوسط يعزى ريع القيمة الاجمالية للانتاج الزراعي الى انتاج الماشية. واذا ما اخذت في عين الاعتبار مساهمة الماشية غير النقدية (من خلال توفير قوة الجر والسماد)، فان هذه النسبة تصل الى 44 في المائة. وتوجد في البلدان النامية أكبر حصة في انتاج العالم من الماشية - 99.5 في المائة من الجاموس و98.5 في المائة من الجمال و94.0 في المائة من الماعز و68.5 في المائة من الابقار و57.8 في المائة من الخنازير و52.5 في المائة من الأغنام (ارقام عام 1989). غير ان انتاج اللحوم في البلدان النامية أقل بكثير من مثيله في البلدان المتقدمة (68.7 مليون طن و103.2 مليون طن على التوالي في عام 1990). ويعزى ذلك أساسا إلى غالبية الماشية في البلدان النامية انما توجد في انظمة زراعية صغيرة الحجم حيث تعتبر مصدرا لمعيشة الكفاف ودخلا إضافيا يتحقق عن طريق بيع المنتجات الحيوانية. وكذلك فان الحيوانات تزود الزراعة بالقوة الضرورية؛ وتوفر الحيوانات 28 في المائة من القوة اللازمة للزراعة في آسيا و10 في المائة في افريقيا.
تنتج مصايد الأسماك 16 في المائة من مجموع البروتين الحيواني في العالم. وتقترب هذه المساهمة في توفير البروتين من مساهمة لحوم البقر أو الخنازير. وتأتي غالبية انتاج العالم من الأسماك من المناطق البحرية الذي يستأثر بحوالي 86 في المائة من الانتاج التقديري من الأسماك في عام 1990. ومن هذه الكمية يقدر ان قرابة 90 في المائة تأتي من المناطق الساحلية. كما ان قرابة 14 في المائة من الحصيلة العالمية للموارد المائية تأتي من المياه الداخلية (العذبة). ومن مجموع الحصيلة العالمي للأسماك تأتي قرابة 7 ملايين طن من تربية الأسماك في المياه العذبة مقارنة بحوالي 5 ملايين طن من تربية الأسماك البحرية. وفي المجموع فان قرابة 11 في المائة من الانتاج العالمي من الأسماك تأتي من تربية الأحياء المائية.
وطبقا لمعدلات النمو الحالية فان انتاج تربية الأحياء المائية ينبغي ان يتضاعف تقريبا عند نهاية القرن. وتوجد غالبية تربية الأحياء في آسيا. ويصل الانتاج من تربية الأسماك في المياه العذبة في آسيا الى حوالي 4 ملايين طن في السنة. وفي عام 1990 استأثرت تربية الأحياء المائية في الشواطىء (الروبيان) في آسيا بـ 82 في المائة من الروبيان الذي تتم تربيته في العالم (حوالي 000.400 طن). وتنبغي ملاحظة ان غالبية انتاج تربية الأسماك في المياه العذبة في آسيا هي للاستهلاك المحلي في المناطق الريفية. وتنتشر في كثير من البلدان الآسيوية الأنظمة الصغيرة الحجم مثل تربية الأسماك في زراعات الأرز والجمع بين تربية الأحياء المائية والثروة الحيوانية.
# الزراعة والموارد والبيئة :
تبلغ المساحة الكلية للأراضي ذات الصلاحية المحتملة للزراعة في العالم حوالي 3200 مليون هكتار، يزرع منها بالفعل حوالي 46 في المائة (1475 هكتار). وعلى نطاق العالم لم تزد مساحة الأراضي الصالحة للزراعة الا حوالي 4.8 في المائة على امتداد الفترة 970-1990؛ وكانت الزيادة في البلدان المتقدمة 0.3 في المائة، وفي البلدان النامية 9 في المائة. غير ان مساحة الأراضي الصالحة للزراعة للفرد نقصت من متوسط عالمي مقداره 0.38 هكتار في عام 1970 الى 0.28 هكتار في عام ،1990 وكان مرجع ذلك أساسا النمو السكاني وخسارة الأرض المزروعة. وكان النقص ملحوظا للغاية في البلدان النامية من 0.28 هكتار للفرد الى 0.2 هكتار للفرد أي نقص مقداره 40 في المائة. وفي البلدان المتقدمة كان النقص من 0.64 هكتار للفرد الى 0.56 هكتار للفرد، أي نقص مقداره (1475 مليون هكتار على نطاق العالم) ، ومع افتراض أنه لن تزرع أراضي جديدة وانه لن تخرج اية مساحات من الأراضي المزروعة حاليا من نطاق الزراعة نتيجة للتدهور، فان نصيب الفرد من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم سيواصل الانخفاض بحيث يصل الى 0.23 هكتار في العام 2000 والى 0.15 هكتار في العام 2050 والى 0.14 هكتار في العام 2100 .
قيل انه توجد مساحات كبيرة من الاراضي الجديدة التي يمكن فلاحتها. ولكن الأراضي الصالحة للزراعة غير المستخدمة لا تكون دائما متاحة لمن هم في مسيس الحاجة إليها، كما ان زراعة مساحات جديدة ما زالت وسيلة باهظة التكلفة لزيادة الانتاج الزراعي. والحقيقة ام مواصلة التوسع في الأراضي الزراعية تعوقها القيود في أجزاء كثيرة من العالم. ففي افريقيا الاستوائية على سبيل المثال توجد عقبات شديدة أمام التنمية الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية بسبب أمراض من قبيل العمى النهري والطفيليات البشرية والحيوانية. فهذه الأمراض تجعل انتاج الماشية مستحيلا من الناحية الفعلية على نطاق حوالي 10 ملايين كيلومتر مربع من الأراضي المطرية المرتفعة - أي 45 في المائة من جميع الأراضي في افريقيا جنوبي الصحراء. وفي المناطق القاحلة يشكل نقص المياه اللازم للري عقبة رئيسية أمام التوسع في المساحة المحصولية في المستقبل.
افادت التقديرات انه مع سيادة الزراعة التقليدية يمكن تلبية الحد الأدنى لاحتياجات الفرد الغذائية من مساحة تبلغ في المتوسط 0.6 هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة. ويعني ذلك ان المساحة المزروعة حاليا في العالم يمكن ان تلبي الاحتياجات الغذائية لأقل من نصف سكان العالم فقط. ولذلك لم يكن هناك من بديل سوى زيادة ناتج الأراضي الزراعية الحالية الصالحة عن طريق الابتكارات التكنولوجية. وكانت الجهود الرامية الى تحقيق ذلك جهود ناجحة؛ وقد تحقق الجانب الأكبر من مكاسب الانتاجية عن طريق استخدام المجموعات التكنولوجية الجاهزة »للثورة الخضراء« التي تتطلب استخدام اصناف عالية الانتاجية من البذور ومدخلات عالية من المياه والأسمدة ومبيدات الأعشاب. وادى ذلك الى انخفاض متوسط مساحة الأرض التي يحتاج إليها الفرد لتلبية الاحتياجات الأساسية، كما ان تطبيق أكثر التكنولوجيات تقدما (مثل التكنولوجيات البيولوجية المتقدمة) يمكن ان يؤدي الى مزيد من الانخفاض. غير ان تكثيف الزراعة يتطلب مدخلات عالية وكلما زاد النظام الايكولوجي فقرا زادت المدخلات اللازمة لرفع الناتج. ولذلك آثاره على استخدام الموارد المختلفة وعلى حالة البيئة.
على نطاق العالم استخدم للري في عام 1990 حوالي 2700 كيلو متر مكعب من المياه، اي حوالي 65 في المائة من مجموع المياه العذبة المستخدمة. وزادت مساحة الأراضي المروية من 168 مليون هكتار في عام 1970 الى 228 مليون هكتار في عام 1990 ، أي زيادة مقدارها حوالي 36 في المائة خلال عشرين عاما. وعلى الرغم من أن الأراضي المروية حاليا تمثل سدس الأراضي المزروعة فانها تنتج ثلث اغذية العالم (اكثر من ضعف انتاجية الأراضي المطرية المتوسطة). غير ان توسع الأراضي المروية كان بطيئا لأن توافر الأراضي الإضافية القابلة للري والمياه ذات النوعية الجيدة تعوقه عقبات شديدة في اجزاء كثيرة من العالم. وتتفاقم ندرة المياه نتيجة لخسارة مياه الري في شبكات التوزيع وفي المزارع. وهذه الخسائر تكون عادة في حدود 50 الى 60 في المائة ولكنها يمكن أن تصل الى 75 في المائة في بعض البلدان. وفي غالبية البلدان النامية يتم الحصول على مياه الري مجانا وباسعار مدعومة للغاية. وأدى ذلك الى استخدام العديم الكفاءة لمياه الري، والى إحباط التدابير البسيطة لصون المياه. وقد أثبتت الدراسات ان كل زيادة مقدارها 10 في المائة في سعر المياه تسفر عن وفورات في استخدام المياه مقدارها 6 في المائة.
يعد الاستخدام المتزايد للأسمدة الكيميائية التي تزود النبات بالمواد المغذية (النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم) عنصرا جوهريا في الزراعة الحديثة. وقد ارتفع الاستهلاك العالمي من الأسمدة الكيميائية ارتفاعا ملحوظا في العقدين الماضيين، من حوالي 69 مليون طن في عام 1970 الى حوالي 146 مليون طن في عام 1990 أي اكثر من الضعف. وكان معدل الزيادة في الاستهلاك في البلدان النامية اعلى كثيرا (360 في المائة) من مثيله في البلدان المتقدمة (61 في المائة). وتشكل الأسمدة الآزوتية غالبية الأسمدة المستخدمة، تليها الأسمدة الفسيفسائية وأسمدة البوتاسيوم. وكان استخدام الأسمدة للهكتار في البلدان النامية اعلى كثيرا من مثيله في البلدان المتقدمة، على الرغم من ان استخدامها في هذه الأخيرة كان يرتفع بسرعة (زيادة مقدارها 327 في المائة من عام 1970 الى 1990). نتيجة للتطبيق المتزايد لصفقات الثورة الخضراء. ويعود حوالي 50 في المائة من الأسمدة المستخدمة بالمنفعة على النباتات؛ اما الكمية الباقية فتفقد من نظام التربة عن طريق الرشح والجريان السطحي والتطاير. وأدى الدعم الذي يقدم الى الأسمدة في كثير من البلدان النامية الى الاستخدام غير المكلف، مع ما يترتب على ذلك من خسائر اقتصادية وزيادة دمار التربة داخل المزرعة وخارجها.
تتأثر المحاصيل بالآفات المختلفة، وبمشاركة الحشائش المؤدية لها تحصل عليه من مغذيات ففي امريكا الشمالية واوروبا واليابان تقدر الخسائر في المحاصيل الناجمة عن الآفات بما يتراوح بين 10 و30 في المائة، وفي البلدان النامية تكون الخسائر في حدود 40 في المائة، بيد انه لا يتم الابلاغ الا عن 75 في المائة فقط، مثال ذلك بالنسبة للذرة في افريقيا. والحشرات الضارة لا تؤثر فقط في الغلة الكمية للمحاصيل، بل ان اصابات ما قبل الحصاد وبعده تؤثر تأثيرا شديدا في نوعية الأغذية والأعلاف. وقد استخدمت مبيدات الآفات منذ فترة طويلة لمكافحة الآفات. ويستخدم في الزراعة حوالي 90 في المائة من مبيدات الآفات المباعة؛ اما الباقي فيستخدم في برامج الصحة العامة. والزيادة في استخدام مبيدات الآفات في العالم تقاس عادة من زاوية المبيعات العالمية اكثر مما يقاس بالأطنان، وذلك لندرة المعلومات عن الانتاج من زاوية وزن المكونات الفعالة او حجمها. وأفادت التقديرات ان مجموع المبيعات من مبيدات الآفات زاد من 7700 مليون دولار في عام 1972 الى 1590 مليون دولار في عام 1985 ووصل قرابة 25000 مليون دولار في عام 1990 (بدولار عام 1985)؛ وكانت المجموعات الرئيسية من المبيدات المستخدمة هي مبيدات الأعشاب (46 في المائة)، مبيدات الحشرات (31 في المائة) مبيدات الفطريات المستخدمة. غير أن معدل الاستخدام في البلدان النامية (7 الى 8 في المائة في السنة) يكون اسرع منه في البلدان المتقدمة (2-4 في المائة سنويا) ولا يؤدي كل كميات المبيدات المستخدمة الى مكافحة الآفات فقد أفادت التقديرات ان أكثر من 90 في المائة من المبيدات ما يصل الى الآفات المستهدفة، ويؤدي الى تلوث الأرض والمياه والهواء. كما أدى تكرار استخدام مبيدات الآفات (التي كثيرا ما تحصل على دعم كبير من البلدان النامية) قد أدى الى تزايد المقاومة بين الآفات المستهدفة. وفي حالات كثيرة حفز ذلك على استخدام مبيدات حشرية أخرى أكثر سمية مع ما يترتب عليها من تزايد المخاطر المهنية والبيئية.
تعد الزراعة مستخدما متواضعا للطاقة التجارية بالنسبة للقطاعات الاقتصادية الأخرى اذ تقدر حصتها في الطاقة التجارية المستخدمة في العالم بـ 5 في المائة أي حوالي 375 مليون طن من معدل النفط في العالم. وهذا التقدير يؤخذ في الاعتبار الطاقة المستخدمة في الري وفي انتاج المبيدات والأسمدة وتشغيل الآلات ولكن ليس الطاقة المستخدمة في تصنيع الأغذية وتخزينها ونقلها. وتستأثر البلدان المتقدمة - حيث يبلغ إستخدام الأسمدة والمبيدات والميكنة الزراعية مستويات عالية - بحوالي 77 في المائة من الطاقة التجارية المستخدمة في الزراعة.
# آثار الزراعة على الغلاف الجوي :
تسهم الممارسات الزراعية في تلوث الغلاف الجوي على المستويين المحلي والعالمي. فممارسات الزراعة المتنقلة كحرق أراضي السفانا وتطهير الغابات والسفانا لإعدادها للزراعة وتربية الماشية، تنتج عددا من الانبعاثات الهوائية. وقد قدرت كمية الكتلة الحيوية التي أحرقت فيما بين عامي 1970-1990 بما يتراوح بين 4.9 و8.9 مليار طن سنويا، يتعلق منها مباشرة بالزراعة حوالي 60 الى 65 في المائة والباقي بحرائق الأراضي القفر، وحرق الأخشاب والحطب وغيره من مخلفات إزالة الغابات. وينتج عن حرق الكتلة الحيوية ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون والميثان وأكاسيد النيتروجين والأمونيا وأكاسيد الكبريت ومواد خاصة. وتنتج حقول الأرز وأحشاء الماشية كميات كبيرة من الميثان. تطلق الأمونيا من فضلات الماشية؛ وتحدث أكبر إنبعاثات في الهند والصين والبرازيل والولايات المتحدة والأرجنتين؛ إذ ينتج كل منها أكثر من مليون طن من الأمونيا- النيتروجين سنويا.
حتى مع عدم استخدام الأسمدة الآزوتية التربة المزروعة ممكن ان تنبعث منها كميات كبيرة من أكسيد النتروز (وبخاصة في المناطق الإستوائية) وربما تصل في إجماليها الى الكميات التي تطلق من الحقول التي تستخدم فيها الأسمدة. ويؤدي استخدام الأسمدة الى زيادة الإنبعاثات من اكسيد النتروز. كما أن الجو يمكن ان يتلوث بسهولة بالمبيدات خلال عملية الرش. وقد وجدت آثار من المبيدات في الضباب في كاليفورنيا وفي الأمطار. وإتضح انه حتى المبيدات عديمة التطاير نسبيا مثل ال DDT تتبخر في الغلاف الجوي بسرعة كبيرة لا سيما في المناطق ذات المناخ الحار ويمكن ان تنقل عبر مسافات طويلة ومن ثم تسهم فيما يعرف بالتلوث الكيميائي على نطاق العالم.
# تأثير الزراعة على المياه :
يؤدي الإفراط في الري الى تبديد كميات كبيرة من المياه وإرتشاح المواد المغذية من التربة والعناصر المحسوسة المغذية الدقيقة، وخلق مشاكل الملوحة الثانوية والقلوية وهي المشاكل التي اتلفت ملايين الهكتارات من الأراضي المنتجة. كما ان الاستغلال الزائد للمياه الجوفية لأغراض الري ادى الى نفاذ موارد المياه الجوفية في بعض المناطق القاحلة، مثل الشرق الأوسط وفي المناطق الساحلية اسفر عن تسرب زائد للمياه المالحة من البحر الى الطبقات الصخرية المحتوية على المياه الجوفية. وفي بلدان عديدة ترتب على سوء تصميم وتشغيل شبكات الري خلق بيئات أيكولوجية ملائمة للأمراض التي تحملها المياه مثل مرض الشستوسوما (الشقبات)، وميكروبات الديدان الكبدية، ومرض الخيطيات والملاريا. وهذه الأمراض ليست جديدة ولكن الإصابة بها إزدادت بدرجة ملحوظة مع إدخال مخططات الري المختلفة.
لما كانت المياه ذات الجودة العالية غير متوافرة دائما، فإنه يوجد إتجاه متزايد في بعض البلدان نحو استخدام المياه ذات الجودة الهامشية في الري، مثال ذلك أن المياه قليلة الملوحة تستخدم في بعض الدول في الشرق الأوسط. كما أن مياه الصرف المخلوطة بالمياه العذبة تستخدم لري المحاصيل في مصر. وما تتم ادارة ورصد تلك المياه بعناية فإنها يمكن أن تؤدي الى زيادة كبيرة في ملوحة الأرض وتدهور في نوعية المياه الجوفية في الطبقات الصخرية المائية القريبة من الأراضي المروية. وعلى الرغم من أن استخدام مياه الصرف الصحي في الري كان يمارس منذ قرون عديدة. فقد اتبع نهج متحفظ ازاء الاستخدام الكامل لهذا المصدر من مصادر المياه. وتوجد البكتيريا المسببة للأمراض والطفيليات والفيروسات في مياه البالوعات، ويمكن ان تقاوم عمليات المعالجة ويستطيع الكثير منها ان يعيش في البيئة لفترات طويلة. وقد تم تسجيل حالات كثيرة لانتشار الكوليرا والتفوئيد وغيرهما من الأمراض المرتبطة بإستخدام مياه الصرف الصحي في الري.
ان المبيدات على الرغم من قابليتها العامة المنخفضة للذوبان يمكن ان ترتشح الى مياه الصرف مسببة تلوث المياه السطحية والساحلية التي يتم فيها التخلص من مياه الصرف وقد اكتشفت المبيدات في المياه الساحلية وفي كائنات المياه العذبة في كثير من المناطق. واعتبر تلوث المياه الجوفية ايضا امرا شائعا في المناطق التي تستخدم فيها المبيدات بكثافة ففي كاليفورنيا اكتشف الديبر وموكلوروبروبان في حوالي 2000 بئر في منطقة مساحتها 18000 كيلو متر مربع. كما ان مبيدات الاترازين والالاكلور والسمازين من الملوثات الهامة ايضا. وقد اصبح الالديكارب، وهو مبيد للديدان السلكية من الملوثات الشائعة لطبقات الصخور المائية اسفل حقول البطاطس وحدائق الموالح في بلدان عديدة. ويمكن لتلوث المياه السطحية والجوفية بالمبيدات ان يؤثر في الاحياء المائية وفي صحة الإنسان كذلك، فيمكن للمبيدات لا سيما المثابرة منها ان تتغلغل في السلسلة الغذائية مما قد يترتب علىه من مخاطر بالنسبة للبشر.
ومن الممكن ان ترتشح الأسمدة بسهولة في مياه الصرف وعندما يتم التخلص من تلك المياه في الأنهار أو البحار فإن المواد الغذائية المرتشحة (النيتروجين والفسفور) تخلق تخثثاً واسع النطاق وقد كان النترات والفوسفات مسؤولين عن نمو الطحالب بصورة كثيفة، وهو النمو الذي ألحق الضرر بالأسماك وغيرها من الأحياء المائية. وفي السويد أفادت تقديرات في عام 1989 أن 26 في المائة من الحمل النيتروجيني الكلي على المنطقة المحيطة بالبحر اتت من الزراعة و23 في المائة من الغابات والحراجة و8 في المائة من اراضي المستنقعات و19 في المائة من مياه المجاري في المدن والريف و4 في المائة من الصناعة و10 في المائة من رواسب الغلاف الجوي و10 في المائة من الاستخدامات الأخرى للأرض. وليست الأسمدة هي المصدر الوحيد للمواد المغذية. ويعتبر النترات - النيتروجين ملوثا شائعا في أراضي الرعي الواسعة. واصبحت الفضلات من اراضي الرعي مصدرا رئيسيا لتلوث المياه في كثير من البلدان الصناعية. مثال ذلك في انجلترا وويلز حيث كان حوالي 20 من العدد السنوي لحوادث التلوث التي سجلتها هيئات المياه في عام 1988 ناشئا عن فضلات اراضي الرعي. وكان النترات التي تنتج من الأسمدة وفضلات اراضي الرعي سببا في تلوث المياه الجوفية في بلدان عديدة، وكانت هذه المسألة مثار قلق شديد في اوروبا وامريكا الشمالية. واستنادا الى منظمة الصحة العالمية فإن المياه تصبح غير صالحة للشرب عندما يتجاوز تركيز النترات 45 .PPM وقد أصدرت الجماعة الأوروبية تعليمات تقضي بأن أية منطقة يتجاوز فيها تركيز النترات في المياه السطحية أو الجوفية 50 .PPM ينبغي أن تعلن »منطقة معرضة« تطبق فيها بصورة آلية قيود اجبارية على الزراعة.
# تأثير الزراعة على الأرض :
اسفرت الضغوط من أجل التوسع في المساحة المزروعة عن المزيد والمزيد من استخدام الأرض الحدية (الهامشية). وقد أدت الزراعة على سفوح الجبال والمعدلات المتزايدة لإزالة الغابات ولا سيما في المناطق الإستوائية، الى تدهور التربة وإنخفاض الإنتاج والتصحر. وكان لصرف المياه من اراضي المستنقعات لتحويلها الى الاستخدامات الزراعية آثار ضارة على الأسماك والحياة البرية وموائل اراضي المستنقعات. كما أن الاستخدام المتزايد للمناطق الواقعة عند نهايات الأنهار التي تعتبر مشاتل غالبية أنواع الأسماك الساحلية يمكن أن يؤثر في موائل البحيرات ومصاب الأنهار والموائل الساحلية الضحلة. وتعتبر تربية الأحياء المائية في كثير من البلدان مسؤولة عن تحويل مساحات كبيرة من الأراضي الساحلية المنخفضة الى برك. مثال ذلك في الفلبين حيث وصلت مساحة المنطقة الساحلية التي تكثر فيها برك تربية الأحياء المائية الى 176000 هكتار في عام 1980 وفي العام نفسه الى 192000 هكتار في اندونيسيا و2500 هكتار في تايلاند و12000 هكتار في الهند. وفي هذه البلدان وغيرها مثل ماليزيا وإكوادور يجري تحويل مساحات كبيرة من أشجارالمنجروف الساحلية أو المناطق السبخة الساحلية الى برك. وتعد مستنقعات اشجار المنجروف بمثابة مناطق واقية بين الأرض والبحر والموئل لمجموعة منوعة واسعة من الأحياء المائية والكائنات الحية الأرضية. ان تحويل مناطق أشجار المنجروف الى برك من اجل تربية الاحياء المائية لن يؤثر فقط في هذا الموئل ولكنه يؤدي الى آثار بيئية أخرى، ومنها ازالة حاجز طبيعي ضد موجات العواصف المصاحبة للأعاصير.
تدهورت أراضي الرعي في اجزاء كثيرة من العالم نتيجة لسوء الإدارة والرعي المفرط. وتزداد خطورة الوضع بوجه خاص في الأراضي القاحلة وشبه القاحلة. وقد تعرضت مناطق الحشائش والشجيرات في مناطق الرعي الفسيحة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا لتغيرات واسعة النطاق، ولا سيما بسبب الإفراط في الرعي. فأراضي الرعي في المنطقة معرضة بوجه خاص للتصحر او الجفاف الذي يمكن ان يحدثه القحط او الرعي المفرط او ان يعجل به.
# الآثار المترتبة على استخدام الأصناف العالية الإنتاجية من البذور :
أدى الاستخدام الواسع النطاق للأصناف العالية الانتاجية من البذور الى نقص ملحوظ في التنوع الجيني. مثال ذلك ان انتشار الأصناف العالية الانتاجية من القمح والأرز منذ منتصف الستينات قد تسبب عن غير قصد في خسارة مجموعات الجينات في مراكز للتنوع المحصولي مثل تركيا وايران وافغانستان وباكستان. وفي عام 1980 كانت هناك اصناف من الأرز في الهند قد يصل عددها الى 30000 صنف. وتفيد التقديرات انه عند نهاية القرن سيكون هناك عدد قليل لا يتجاوز 12 صنفا يسود 75 في المائة من حقول ذلك البلد. وفضلا عن ذلك فان تماثل الخلفية الجينية للاصناف العالية الإنتاجية يتيح إمكانية تدني المقاومة للأمراض والآفات الجديدة.
ان بعض قيود الأصناف العالية الإنتاجية وهي القيود التي استرعت انتباها متزايدا في السنوات الاخيرة انما تنشأ من اعتمادها على وجود مجموعة جاهزة كاملة من المدجلات التكميلية (المياه والأسمدة والمبيدات... الخ). التي لا تكون دائما متوافرة بسهولة في البلدان النامية. وفي المناطق ذات الظروف المناسبة لاستخدام الأصناف الجديدة لا سيما في ما يتعلق بتوافر المياه ينتشر استخدام البذور الجديدة بسرعة ما في المناطق الأقل ملائمة فإن الأصناف الجديدة تكون لها مزيا محدودة ان كان لها مزيا اصلا على اساليب الزراعة التقليدية. وقد ترتبت على استخدام الاصناف العالية الانتاجية مشاكل اجتماعية - اقتصادية عديدة فصغار المزارعين عاجزين عن الحصول على المجموعات الجاهزة من الاصناف العالية الانتاجية ولذا تظل غلة مزارعهم منخفضة، ومن ثم ارغم الكثيرون منهم على التخلي عن الزراعة. ومن الناحية الأخرى انتقلت اعدادا متزايدة منهم الى زراعة المحاصيل اللازمة »لمستهلكي المدن« أو للتصوير، وهي محاصيل أكثر ربحية. ولم يسهم ذلك فقط في اضطراب اطر الأنظمة الزراعية وهياكلها في بعض البلدان ولكنه انكر ايضا الأساس المنطقي الرئيسي الذي يستند إليه ادخال المجموعات الجاهزة من الأصناف العالية الانتاجية، الا وهو غلة المحاصيل الغذائية الرئيسية.
# المخلفات الزراعية وفضلات الماشية :
على نطاق العالم تترك المحاصيل الزراعية مخلفات كثيرة نادرا ما يتم ادراك نطاقها وحجمها. وقد قدرت كمية تلك المخلفات بحوالي 930 مليون طن في عام 1970 وحوالي 15000 مليون طن في عام 1990 . وكان حوالي 75 في المائة منها في صورة قش الحبوب ومخلفاتها من محاصيل الذرة والشعير. وهذه المخلفات ينبغي أن تزال من الحقول حتى يمكن مكافحة الافات والامراض ومنع تعفن التربة استعدادا للمحصول القادم. وفي غالبية البلدان لا سيما البلدان الصناعية تحرق غالبية المخلفات في الحقل. غير ان كميات جوهرية من هذه المخلفات تستخدم في البلدان النامية مباشرة كوقود وأساسا للأغراض المنزلية، وذلك كإضافات الى روث الماشية لصنع أقراص الروث الذي يستخدم كوقود أو الى الطمي لصنع طوب الطمي لأغراض البناء . كما أن كمية كبيرة من قش الحبوب والمخلفات الأخرى تستخدم كعلف للماشية.
أنتجت الماشية في العالم حوالي 1500 مليون طن من الروث في عام 1970 وحوالي 2200 مليون طن من الروث (المجفف بالهواء)في عام 1990 . وتشكل هذه الفضلات مصدرا رئيسيا لا سيما في البلدان المتقدمة في الأماكن المجاورة في مزارع الماشية. وقد أشير فيما سبق الى مساهمة تلك الفضلات في تلوث الهواء والمياه. وفي البلدان النامية يستخدم الروث على نطاق واسع كوقود في كثير من المناطق الريفية بشكل أقراص الروث أو لانتاج الغاز الحيوي الذي يستخدم للوقود وبخاصة في الصين والهند وغيرها من البلدان الاسيوية. كما ان المخلفات من مصانع الغاز الحيوي وهي غنية بالمواد المغذية كانت تستخدم كسماد و/أو لتغذية الطحالب وبرك الأسماك.
#الإستجابات :
يمكن النظر الى الآثار الزراعية على البيئة في سياق نظام ذي ثلاثة عناصر مترابطة فيما بينها هي :
- الموارد الزراعية.
- التكنولوجيا الزراعية والبيئية.
وتحدد كمية الموارد ونوعيتها وتوافرها التكنولوجيا التي ينبغي استخدامها. والتكنولوجيات المستخدمة بدورها لها آثار بيئية و/أو اجتماعية - اقتصادية اذ تولد مطالب لتكنولوجيات و/أو سياسات أخرى لتقليل الآثار السلبية أو ازالتها. وستكون الممارسات الزراعية التي تؤدي الى التدهور البيئي بداية لإهمال الأرض والتنمية الزراعية عاملا على تفاقم هذا الاهمال (يوجد تعايش بين التنمية الزراعية والتنمية الريفية، ولكن هذا التعايش يلقى التقدير الكامل في بلدان نامية عديدة)، مما يحفز على زيادة الهجرة من الريف الى المدينة. وذلك لن يؤدي فقط الى تفاقم مشاكل المدن ولكنه سيقوض ايضا الجهود المبذولة لزيادة انتاج الأهالي من الأغذية ومن ثم سيزيد من اعتماد البلد على الأغذية المستوردة. ولذلك فإنه من صالح الإستقرار والأمن الوطنيين ان تواصل البلدان وضع وتنفيذ خطط للتنمية الزراعية سليمة بيئيا.
يجري قدر كبير من النشاط البحري في كثير من مراكز البحوث في ارجاء العالم لدراسة طرق ووسائل زيادة الانتاجية الزراعية بطريقة سليمة بيئيا كما أن عددا من المنظمات الدولية تدعم أيضا مختلف أنشطة البحث والتطوير لتحقيق الهدف نفسه. وتوجد نحو هذا الهدف ايضا انشطة كثيرة من منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وهيئات أخرى مثل المكتب الدولي للمواد الجينية النباتية والفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية. والمعهد الدولي لبحوث الأرز، والمركز الدولي لتحسين الذرة والقمح والمركز الدولي لفسيولوجيا وأيكولوجيا الحشرات وهيئات عديدة أخرى.
تم تطوير طرق وتكنولوجيات بسيطة كثيرة لزيادة كفاءة استخدام المدخلات المختلفة في النظم الزراعية. وقد ادى ضبط توقيت الأسمدة والكميات المستخدمة منها الى وفورات كبيرة فيها، الى جانب ما يترتب على ذلك من منافع اقتصادية وبيئية. كما ادى استخدام اليوريا المغطاة بطبقة من الكبريت (SCU) في حقول الأرز الى التحكم في اطلاق النيتروجين، ومن ثم انخفاض تركيز النيتروجين في كل من التربة في أي وقت معطى وعلى الرغم من ان تكلفة هذه اليوريا اعلى من تكلفة اليوريا العادية فان العائل الاقتصادي يحتمل ان يكون في حدود 6-7 دولارات لكل دولار يتم انفاقه، دعك من المنافع البيئية. ويتزايد اللجوء الى العمليات البيولوجية في ما يختص بالتسميد (النباتات المثبتة للنيتروجين، الدورات المحصولية، استخدام الأشجار »كمضخة تغذية«، تدوير الفضلات) في بلدان عديدة، لا سيما في البلدان الصناعية، حيث يشار الى ذلك احيانا بالزراعة »الايكولوجية«. ويوجد ايضا اتجاه متزايد نحو تطبيق مفهوم نظم التغذية المتكاملة للنباتات (IPNS) الذي يشمل استخدام تركيبات مستمدة بعناية من الأسمدة المعدنية والعضوية التي تستخدم في تآلف مع ممارسات محصولية تكميلية مثل الحراثة والدورة وحفظ الرطوبة. ونتيجة لذلك تتم صيانة جودة التربة وتخفيض التلوث الى الحد الأدنى.
في العقدين الماضيين تركز إهتمام متزايد على استخدام الادارة المتكاملة للآفات (IPM) لإبقاء الآفات والأمراض عند مستوى مقبول. واستراتيجيات الادارة المتكاملة للآفات يمكن ان تشمل الاستخدام الانتقائي للمبيدات، والاعتماد على استخدام الأساليب البيولوجية، والمقاومة الجينية وممارسات الإدارة المناسبة. على الرغم من ان استخدام الادارة المتكاملة للآفات كان بطيئا لا سيما فيما يتعلق بالمحاصيل الغذائية فإن قصص نجاح كثيرة قد اثبتت إمكانية استمرارها. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم الإدارة المتكاملة للآفات الآن في حوالي 15 في المائة من المساحة الكلية للأرض المنزرعة ، كما ان استخدامها يتزايد مثال ذلك في أمريكا الوسطى وبعض البلدان الآسيوية. وإذا كانت استراتيجيات الادارة المتكاملة للآفات تنفذ في تآلف مع استخدام »قواعد السلوك الدولية لتوزيع المبيدات واستخدامها« وتدريب المزارعين فإنه سيتم إنجاز الشيء الكثير في مجال تخفيض الآثار البيئية للمبيدات.
تم مؤخرا تطوير استراتيجيات بيولوجية عديدة لحل مشكلات زراعية محددة، ومن امثلة ذلك استخدام مبيد الأعشاب الأترازين لإبادة الاعشاب الضارة في حقول الذرة. ذلك أن الذرة يمكن أن تتحمل الأترازين. غير انه عندما تزرع الذرة في دورة مع فول الصويا فإن هذا الأخير يكون معرضا لمخلفات الأترازين ومن ثم تتأثر غلته. وقد تم تطوير صنف من فول الصويا يقاوم الأترازين ويزرع في دورة مع الذرة وقد أحرز تقدم ملحوظ في نقل الجينات لتثبيت النيتروجين الموجود في بكتيريا معينة على بعض المحاصيل مما سيؤدي الى تحسينات مثيرة في تثبيت النيتروجين البيولوجي وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية. غير أن التكنولوجيا المتقدمة تسيطر عليها بدرجة زائدة، عمليات البحث والتطوير في القطاع الخاص، ومن ثم فإن نقل تلك التكنولوجيا الى البلدان النامية سيكون معقدا وباهظ التكلفة..
مـــنـــــــقـــــــــــــول