بســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
الحمد الله رب العالمين
بديع السموات والأرض ,خلق كل شىء فقدره تقديرا وأعطى كل شىء خلقه
ثم هدى , أكرمنا بالاسلام وأعزنا بالايمان , وأنعم علينا بنبيه ( محمد )
* صلى الله عليه وسلم *
فهدانا من الضلال , وجمعنا من الشتات , بلغ الرسالة , وادى الأمانة
ونصح الأمة , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
اما بعد
فثمة ظروف , و أحوال , نحن مقبلون عليها , لا نعلم عنها الا ما أخبرنا به
الله سبحانه فى كتبه عن طريق أنبيائه - عليهم السلام -ومن ذلك اليوم الآخر
وما فيه من أهوال , وغيره من المغيبات التى مدارها على التسليم لنصوص
الوحى , اذا وصلت الينا بطريق صحيح سليم ثابت , ولا سيما اذا كان النص
قطعى الثبوت كالقرآن الكريم وما تواتر من الأحاديث . علما بأن الشرائع
السماوية , قدتأتى بما تحار فيه العقول , لكنها لا تأتى بما تحيله العقول
والعقل السليم المؤمن بالوجود الحق , وجود خالق الأكوان والعوالم , يؤيد
الايمان باليوم الآخر , بل يرى ذلك ضرورة لا مندوحة عنها لأنه يرى أن
العدل لا يأخذ مجراه فى الدنيا , بل كثيرا ما يسود الظلم والبغى , وهو يعتقد
أن الله سبحانه متصف بكل كمال , منزه عن كل نقصان , متصف بالعدل و
الرحمة , لا يرضى لعباده الظلم , ولا يقره فيهم فلابد من يوم آخر , يحقق
الله فيه عدله , فيقتص للمظلوم من الظالم , ويأخذ لكل ذى حق حقه ,
قالى تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون ) 115 )
المؤمنون ) فالانسان لا ينتهى بالموت , بل ثمة يوم آخر للحساب والجزاء
نحن مقبلون عليه , ألا وهو يوم الدين , وقد أخبرت الأنبياء جميعا أممها
بذلك اليوم , وحذرتهم منه , وبينت لهم أن حياة الخلائق الحالية فى الدنيا
سوف تنتهى بالموت وتنقطع , فلا يبقى الا الواحد القهار , أن الأكوان سوف
يضطرب نظامها ويتبدل تركيبها , غير أن ذلك الوقت ’ أو تلك الساعة , غيب
استأثر الله بعلمه , فلم يطلع عليه ملكا مقربا , ولا نبيا مرسلا . قال سبحانه:
{ يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل انما علمها عند ربى لا يجليها
لوقتها الا هو ثقلت فى السماوات و الأرض لا تأتيكم الا بغتة يسئلونك كأنك حفى
عنها قل انما علمها عند الله ولاكن أكثر الناس لا يعلمون } الأعراف / 187 )
وقال تعالى :{يسئلونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها الى ربك
منتهاها انما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو
ضحاها } النازعات / 42-46 } وعن ابن مسعود - رضى الله عنه -أن
النبى ( صلى الله عليه وسلم : قال : لقيت ليلة أسرى بى ابراهيم وموسى
وعيسى , قالى فتذاكروا فى أمر الساعة , فردوا أمرهم الى ابراهيم فقال :
لا علم لى بها , فردوا الأمر الى موسى , فقال لا علم لى بها , فردوا الأمر
الى عيسى فقال : أما وجبتها فلا يعلمها أحد الا الله , ذلك , وفيما عهد الى
ربى أن الدجال خارج , قال : ومعى قضيبان , فاذا رآنى ذاب كما يذوب
الرصاص , قال فيهلكه الله [ أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه , و
وافقه الذهبى ] وعن عمر -رضى الله عنه - قال : بينما نحن جلوس عن
رسول الله { صلى الله عليه وسلم } اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب
, شديد سواد الشعر .. قال فأخبرنى عن الساعة ؟ قال : ما السؤول عنها
بأعلم من السائل , قال فأخبرنى عن أماراتها ؟ قال أن تلد , الأمة ربتها
, وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون فى البنيان .. الحديث
{ أخرجه مسلم } وكان ( صلى الله عليه وسلم ) ينهى أمته عن السؤال عن
وقت الساعة , ويطلب منهم الا عداد لها ومع ذلك فقد أخبر أمته بما كان وما
سيكون الى أن تقوم الساعة , ونالت أشراط الساعة النصيب الأوفر من تلك
الأخبار وللاخبار بالغيب صور كثيرة بعضها صريح ومباشر وبعضها رمزى
ومن معجزاته المتجددة على مر القرون
فما من عصر الا ولرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيه اخبار عن الغيب
تراه الأمة , فيكون معجزة له ’ وعاملا لها من عوامل زيادة الايمان والتمسك
بالاسلام فما ترك فيها شيئا الى قيام الساعة الا ذكره ’ علمه من علمه , و
جهله من جهله , ان كنت لأرى الشىء قد نسيت , فأعرفه كما يعرف الرجل
الرجل اذا غاب عنه فرآه فعرفه { أخرجه الشيخان وأبو داود , واللفظ
للبخارى } وعند أبى داود قال : والله ما أدرى أنسى أصحابى أم تناسوا
والله ما ترك رسول الله : صلى الله عليه وسلم : من قائد فتنه الى انقضا
الدنيا يبلغ معه ثلاثمائة فصاعدا , الا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم
قبيلته وعن الطبرانى فى الكبير : قال رسوا الله ( صلى الله عليه وسلم : ان
الله عز وجل قد رفع لى الدنيا , فأنا أنظر اليها والى ما هو كائن فيها الى
يوم القيامة , كأنما أنظر الى كفى : ان قيام الساعة الذى يعتى نهاية نظام
هذا العالم هو من أعظم الأحداث بعد خلق العالم , بل ان تغيير النظام الكونى
وايجاد نظام آخر , حدث يعدل خلق العالم , مرة ولذلك تسبقه أحداث كبرى
خارقة للعادة , تكون كالمقدمة له . والايمان بأشراط الساعة داخل ضمن
الايمان باليوم الآخر ,فهى من الايمان بالغيب , وهى قسمان : صغرى تؤذن
بقرب الساعة , وكبرى تؤذن بوقوع الساعة , وقد اختلف العلماء فى عددها
وترتيبها , واختلافهم فى صحة سند الحديث , فمن تساهل زاد فى عددها , و
من تشدد ودقق وجدها أقل
~~~~~~~~~~~~~~
على من تقوم الساعة
يقبض الصالحون الأفضل فالأفضل , ثم يتفاقم الأمر ويزداد سوءا حتى لا يترك
ذكر الله فى الأرض وينسى , ثم يأتى الريح اللينة , فتقبض أرواح المؤمنين
لا يبقى الا الحثالة , فتعبد الأصنام , ويتدنى المستوى الأخلاقى فى الناس ,
حتى يصل بهم الأمر الى محاكاة البهائم, فيتهارجون ويتفاسدون فى الطرقات
,يجامع الرجل النساء أمام الملأ , غيرمكترثين , كما تفعل الحمير , فعليهم
تقوم الساعة
عن مرداس الأسلمى - رضى الله عنه - قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : يذهب الصالحون الأول فالأول , ويبقى حثالة كحثالة
التمر والشعير لا يباليهم الله تعالى بالة { أخرجه البخارى وأحمد } وفى
رواية قال : يقبض الصالحون الأول فالأول , ويبقى حثالة كحثالة التمر و
الشعير , لا يعبأ اللهم بهم شيئا أى ينقرضون قرنا بعد قرن . عن علياء
السلمى - رضى الله عنه - قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
يقول :لا تقوم الساعة الا على حثالة من الناس . { أخرجه أحمد والطبرانى
وأبو يعلى , قال الهيثمى : ورجاله ثقات ] و عن معاوية - رضى الله عنه -
قال سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : لا يزداد هذا الأمر
الا شدة , ولا يزداد الناس الا شحا , ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس
[ أخرجه الطبرانى , قال الهيثمى : ورجاله رجال الصحيح ] وعن على -
رضى الله عنه - قال : ان شرار الناس - أو من شرار الناس - من تدركهم
الساعة وهم أحياء . [ أخرجه نعيم بن حماد فى الفتن ] عن أنس -
رضى الله عنه - قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم : لا تقوم
الساعة على أحد يقول : الله الله . [ أخرجه مسلم وأحمد والترمذى وابن
حبان والبزار ] وفى رواية أخرى عند مسلم : حتى لا يقال فى الأرض
الله الله . وعند أحمد : حتى لا يقال فى الأرض : لا اله الا الله . وعند هذا
الحد الخطير يصبح الناس عبيدا لشهواتهم , فيتلاعب بهم الشيطان ويأمرهم
بعبادة الأصنام وسائر الفواحش والمنكرات . عن عبد الله بن مسعود -
رضى الله عنه -قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة
الا على شرارالناس , من لا يعرفون معروفا , ولا ينكرون منكرا , يتهارجون
كما تتهارج الحمير [ أخرجه مسلم واحمد ] وأخرج نعيم بن حماد فى الفتن
عنه موقوفا قال : تقوم الساعة على شرار الناس , لا يأمرون بمعروف , ولا
ينهون عن منكر , يتهارجون كما تهارج الحمير , أخذا رجل بيد امرأة فخلا
بها , فقضى حاجته منها , ثم رجع اليهم , يضحكون اليه ويضحك اليهم
عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنه - فى حديثه السابق : ..
ويبقى شرار الناس فى خفة الطير , وأحلام السباع , لا يعرفون معروفا , ولا
ينكرون منكرا , فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيقولون : فما
تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان , وهم فى ذلك دار رزقهم حسن عيشهم , ثم
ينفخ فى الصور ..الحديث [ أخرجه مسلم وأحمد ] فهم فى سرعتهم الى
الشرور و قضاء الشهوات و الفساد , كطيران الطير , وفى العدوان وظلم
بعضهم بعضا , كالسباع , العادية , ومع ذلك هم فى رفاهية العيش وخصوبته
وفى رواية لمسلم : قال عبد الله : لا تقوم الساعة الا على شرار الخلق
, وهم يومئذ شر من أهل الجاهلية , لا يدعون الله بشىء الا رده عليهم ..
ثم قال : يبعث الله ريحا كريح المسك , مسها كمس الحرير , لاتترك نفسا فى
فلبها مثقال حبة من ايمان الا قبضتها , ثم يبقى شرار الناس , عليهم تقوم
الساعة : عن عائشة - رضى الله عنها - قالت : سمعت رسول الله .
صلى الله عليه وسلم ] يقول : لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات و
العزى . فقلت يا رسول الله , ان كنت لأظن حين أنزل الله
{ هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون } أن ذلك تام ؟ فقال : سيكون ما شاء الله , ثم يبعث الله
ريحا طيبة , يتوفى بها كل من كان فى قلبه مثقال حبة خردل من ايمان ,
فيبقى من لا خير فيه , فيرجعون الى دين آبائهم { أخرجه مسلم }
عن أبى هريرة - رضى الله عنه -قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
وسلم : يقول :
لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذى الخلصة
{أخرجه الشيخان } زاد مسلم ونعيم بن حماد فى الفتن وذو الخلصة صنم
كان يعبده دوس فى الجاهلية بقبالة . وعنه رضى الله عنه - قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ,لا تفنى هذه الأمة حتى
يقوم الرجل الى المرأة , فيفترشها فى الطريق , فيكون خيارهم يومئذ من
يقول : لو داريتها وراء هذا الحا ئط , { أخرجه أبو يعلى , قال الهيثمى :
ورجاله رجال الصحيح } وفى مستدرك الحاكم عنه مرفوعا : وحتى تؤخذ
المرأة جهارا نهارا , تنكح وسط الطريق , لاينكر ذلك أحد : وعند . نعيم
بن حماد فى الفتن موقوفا قال : لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس فى الطريق
كما يتسافد الدواب , يستغنى الرجل بالرجل , والنساء بالنساء