للشاعر
( عدنان النحوي )
دَوّى الأَذَانُ ! فَيَا منَابِرُ أَوِّبي=
شَوقاً إلى خُضْرِ الجِنَانِ وَرَدّدي =
خَشَعَتْ لَهُ الدّنيا ! فَيا لَجَلالِهِ=
وجَمَاله وجَلالِ ذاكَ المشْهَدِ=
كلُّ المرابعِ أَخْبتَتْ لِلّه خا =
شِعَةً فمِنْ وَادٍ يَرفُّ وأَنْجُدِ=
ونَسَائم الفَجْر البَليل سَرَتْ به =
عَبَقاً وأَنداءً وآيَ محمَّد=
وكأَنَّ شقشقَة الطيور ِ نَدَاوَةٌ=
رفَّتْ وتسْبيحُ الرُّبى والأوهُدِ =
وكأَنَّ شقشقَة الزهور تظلَّ تَسْـ=
ـأَلُ ما يُخبَّأُ يا مَرابعُ في غدِ=
وتنفَّسَ الورْدُ الغَنِيُّ كَأَنّهَ=
عَبَقٌ يجودُ بِعطره المُتَورِّدِ =
يُلْقي عَلى السَّاحَات مِنْ دَمِه دَماً=
لِيَقُول: يا دُنْيا أَطِلِّي واشُهَدي=
فَهُنا مَيَادينُ الجهادِ نَمْدُّها =
دَفْقاً بأمواجِ الدَّم المتجدِّدِ =
وهنا رباطُ المؤمنينَ وسَاحَةٌ =
لجِهادِهمْ أو آيةٌ للمهتدي=
تَتَلَفَّتُ الآفَاقُ ، لا تَلْقَى سِوَى=
سَاعٍ يُجيبُ نِدَاءَهُ أو مُغْتد=
* * * =
* * *=
وتَنفَّسَ الصُّبحُ النَّديُّ و حَوَّمَتْ=
بَيْنَ الدّيار مُنى وطلعةُ شُهَّدِ =
يَسْعَون للبَيْتِ المنَوَّر بالهُدى =
مُستبْشِرين بِجَولةٍ أو مَوِعِدِ =
فرُبُوعُها سَاحُ الرّباط لمؤمِنٍ=
متَواثِبٍ أَو مؤمِنٍ مُتَهجِّدِ =
يتواصَل التَّاريخُ في سَاحاتِها=
بنُبُوة الإسْلاَم و العَهْد النَّدي =
يَسْعَون للحَرمِ الطّهور خُطاهُمُ =
نُورٌ يشُقُّ ظلامَ لَيْلٍ أَسُودِ=
نِعمَ البُكورُ وتِلْكَ عَزْمة مؤمِنٍ =
والجُمْعَةُ الزَّهراءُ لهْفَةُ أَرْشدِ=
والنورُ مِنْ رَمَضَان مُنبَلجٌ عَلى=
سَاحاتِهَا فَيْضاً غَنيَّ المورِدِ=
يَا للفضَائل ! كُلّها قَدْ جُمّعَتْ=
للصَّائمين القائمينَ السُّهَّدِ =
* * *=
* * *=
لِلّه درُّ البَيْتِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ =
وَشَهادَةٍ صَدَقَتْ وطَلْعةِ رُوَّدِ=
وكَأَنّ إبراهيمَ، يا لَدُعَائِه !=
نادَى وقالَ: هُنَا وَفَاءُ مُحَمَّدِ=
الصّائِمون العَابدون خُطاهُمُ=
شَوقٌ يُلحُّ ولهفَةُ المُتعَبِّدِ=
فَكّأَنّها أَبدَاً تحِنُّ لجَنَّةٍ=
خَضْراءَ زاهِيةٍ وبِرٍّ أخلدِ=
وأَتَوالِبَيْتِ اللهِ يَخْشَعُ عِنْدهَ =
قَلْبٌ أَبَرُ وخفْقَة مِنْ أَكبُدِ=
فَتَرى مَواكِبَهمْ هُناكَ كأَنّهم =
زُهْرُ الكَواكِبِ أَو مَطَالِعُ فَرقَدِ=
رُفِعُ الأَذَان فأقْبَلُوا وصُفُوفُهمْ =
مَرْصُوصَةٌ وَقلوبُهُمْ شَوْقُ الغَدِ =
اللَّهُ أَكْبَرُ! فانْحَنَوا لرِكُوعِهمْ=
واللَّهُ يَسْمعُ خَفْقَةَ المتَوَجِّدِ=
رَفَعُوا وأهْوَوا للسُّجودِ فلا تَرَى=
إلا خُشَوعَ العابِدين السُّجَّدِ =
دَوَّى الرّصَاصُ! وخلف كلِّ رصاصةٍ=
عاتٍ تمرَّسَ في الضّلال الأنْكدِ=
المجرمون ! فيا لِهَوْلِ جَريمةٍ=
كُبْرَى ! ويا لِلْمُجْرِمِ المتَرصِّدِ=
كمْ مُجْرِمٍ في الأَرض لم يَقْنُتْ ولمْ=
يخشعْ لخَالِقِهِ وَلمْ يتَعبَّدِ=
دَوَّى الرصاصُ فمن شَهيدٍ فُجِّرتْ=
أَضلاعُهُ و مُجنْدل لم يُرْفَدِ=
تَتَطايَرُ الأَشْلاءُ كُلُّ ضحية=
تَشْكُو لِبَارئِهَا هوانَ الهُجَّدِ=
وتلاقَتِ الأَشلاَءُ عَبْرَ فَضَائِهَا=
مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ تُبَاحُ لمُعْتَدِي=
مِنْ أرض " كَشميرٍ " نداءُ دِمَائِها =
مِنْ أَرض "بُوسْنة" صرخَةٌ لم تُنْجَدِ=
مِنْ كُلِّ مَجْزَرَةٍ بَقَايا أُمَّةٍ=
تُلْقَى وتُنْشَر في الفَضْاء الأَربدِ=
أضْحتْ دِمَاءُ المسْلمينَ مُباحَةً=
لِلمُجْرمين ! لِكُلِّ عَادٍ مُفْسِدِ=
وديارُنا أضحتُ مُفتَّحةً لَهُمْ=
وقلوبُنَا فُتِحَتْ لفِتْنة مُلْحِدِ =
المُجْرِمُونَ عِصَابةٌ مُمْتَدَّةٌ=
في الأَرْض عَنْ جَشَعِ الهَوى المُتَمرِّدِ=
يا لِلْيهَودِ ! وخَلْفِ كُلِّ مُصِيبةٍ =
فِتَنُ لَهُمْ ويَدٌ ! فَيا شَرَّ اليَدِ !=
جَمَعُوا مِنَ الأَحلافِ بينَ حِبَالهمْ=
دُوَلاً فماجُوا بِالبَلاءِ المُرْعِدِ=
مَنْ كّانَ يَحْلُم بالسَّلاَمِ مَعَ اليَهو=
دِ فَذاكَ حُلْمُ الجَاهِلِ المتزَيِّدِ=
طَمِعُوا ،كما طَمِعَ الضَّلالُ جَميعُه،=
بِالمُسْلِمين ، بِدَارِهِمْ ، بالأَنْجُدِ=
لا ! لا يُريدون السَّلامَ ولا يُريـ=
دُ الأَمْرِكانُ ولا طبائع مُعْتَدي=
جَعَلُوا السَّلام خَديعةً نَصَبُوا بِهَا=
شركاً يُمَدُّ لحائِرٍ مُتَردِّدِ =
* * * =
* * *=
أَيْنَ النّظامُ العالميُّ وأَيْن يا=
دُنيا حُقوقُ مُقَتَّلٍ ومطَرَّدِ ؟!=
أَينَ العَدَالةُ والوُعُودُ وكَيفَ يُرْ=
جى العَدْلُ منْ ذئْبٍ يَجُولُ وأَسْودِ؟!=
يا أُمَّتي إنْ لَمْ تُفِيقي فَاشُهَدي=
أَمْواجَ لَيلٍ زَاحِفٍ مُتَمَدِّدِ =
لُمِّي صُفَوفَك ، أَمّة الإِسلام ، كالـ=
بُنْيانِ مَشْدوداً بِعَهْدٍ آكَدِ=
خُوضِي مَيَادينَ الجهادِ وَرَجِّعي=
شَوْق الشَّهادة دونَ ذلك وانْهَدِي =
يا أُمَّةَ الإسلام تلك أَمانَةٌ=
وشَهادةٌ للَّهِ ! قُومي فاشْهَدي=
يا أُمّةَ الإِسلامِ يا أمَلَ الشّعو=
بِ جَميعِها ! أَوفي بَعْهدِكِ ! أَنْجدي=
لا ! لَنْ يُقيمَ العدْلَ إلا مُؤمِنٌ =
صَدَق الإِلهَ وقال: يَا نَفْسي رِدِي=
* * *=
* * * =
دارَ الخليل تحيّةٌ مِنْ مُهْجَةٍ =
عَرفَتْ جَلال جِهادِك المُتوقِّدِ =
قد كُنتِ بالأَمس القريب غَنيّةً =
بالبذْل زاهيَةً بِجُودِكِ واليَدِ=
طَهَّرتِ أَرْضَكِ مِنْ تَدفُّقِ رجْسِهِمْ=
ورَوَيْتِها بالطُّهر من دَمِكِ النَّدي =
واليومَ أَعْلَيْتِ الوفَاءَ فهذه=
زُمَرٌ تَواثَبُ للشَّهادة فاسْعَدي=
وَغداً تَرَيْنَ مَوَاكِباً مَوْصُولةً=
للّه زاحفةً وطلْعَةَ رُوَّدِ=
والنَّصْرُ كالفجْرِ المُنوِّرِ مُقْبِلٌ=
بُشرى إليكِ و آيةً للمُهْتَدِي=
ميلي إِلى الأقْصَى ! حَنينُكِ لمْ يَزَلْ=
صَفْواً وعَهْدُك لَمْ يَزَلْ أَمَلَ الغَدِ=
مِيلي هُناكَ وَجَدِّدا عَهْداً أَبَرَّ =
لجِوْلَةٍ تُوفي بِصدْق الموعِدِ=