المقالة لـ د. حنان حسن عطاالله .
لا أنسى الزوج السوداني الذي اتصل بي في الإذاعة طالباً النصح والإرشاد في مشكلته مع زوجته حيث لديهما أربعة أطفال وكلما عاد إلى البيت بعد يوم مضن من العمل استقبلته زوجته بالصراخ والشكوى. وكانت نصيحتي له بأن يبادر بالحديث مع زوجته فوراً عند دخوله للبيت ويسألها عن يومها ويشكر لها ما قامت به من عمل وجهد خلال النهار وخلال غيابه من طبخ وتنظيف وعناية بالأطفال، ولقد جرب ما نصحته به لفترة ثم عاود الاتصال بي ليشكرني بأن الأمور قد تغيرت وهدأت زوجته ولم تعد تستقبله بالصراخ والانفعال!
إن نصيحتي له كانت مبنية على حاجاتنا الإنسانية المتعددة والتي إن لم تلبّ نثور ونغضب ونشعر بالهزيمة والخذلان وضعف مفهوم الذات. من هذه الحاجات حاجة الفرد إلى الشعور بالجدارة وبالقيمة والكفاءة واعتراف به وبمكانته وأنه عنصر فعال وله دور في المجتمع وأن دوره هذا مدرك من قبل الآخرين المحيطين به ولا يكفي أن يشعر الإنسان بهذه المشاعر بل يريد أن يسمعها ممن حوله بالذات.
إن الزوجة في القصة السابقة افتقدت هذا الشعور، وفي الحقيقة كثير من الزوجات يشعرن بهذا الشعور لأن الأمومة وشغل البيت مهنة غير معترف بها وليس لها أجر مادي وعند غياب التعزيز المعنوي تتألم المرأة وتعاني وقد تصل معاناتها إلى الاكتئاب. لذلك هي تحتاج لمن يعترف بدورها هذا ولمن يقول لها إنها وبجهدها كزوجة وأم تضيف قيمة ملموسة لأسرتها وللمجتمع.
لذلك عندما أدرك هذا الزوج الدور الذي تقوم به زوجته في غيابه تغيرت الزوجة إلى الأحسن ولم يكلف ذلك الزوج سوى بعض كلمات الثناء والعرفان بما تقوم به زوجته وكل ذلك وفر عليه الكثير من الجهد وحل الخلافات التي كانت تدور بينهما.
إننا في كثير من الأحيان ننسى أن النفس البشرية تواقة، وتحتاج وبشدة سماع كلمات الثناء والعرفان والمديح فذلك يجعلها تستمر وتعطي دون كلل او ملل.