يستمتع عدد من الزوجات بالحديث عن الكثير من جوانب حياتهن الزوجية، لاسيما تلك الجوانب التي يجب أن تكون مغلفة بطابع الصمت والكتمان لخصوصيتها، وعدم جدوى الحديث بتفاصيلها.
ولعل كثيرا من الزوجات ممن لا يتوقفن عن الحديث عن مدح أزواجهن في الكثير من المجالس النسائية، لنجد الواحدة منهن تتكلم عن أدق تفاصيل علاقتهما العاطفية والرومانسية، وعن حنانه وطيبته وكرمه وشكله وثروته المالية، وكيف أنه لا يرفض لها طلبا، بل لا يستطيع العيش بدونها، وغير ذلك من أمور خاصة بالزوج، بحيث يمكن للمستمعات لها أن يعرفن "تاريخ" هذا الزوج المثالي، وربما أطربها أيضاً ثناؤهن ومدحهن لها بقولهن: "يا حظك بزوجك!"، فهل مثل هذا التصرف نابع من شدة الحب الحقيقي للزوج؟،
بحيث يكون الحديث عنه هو المحور الأول للزوجة أينما تواجدت، أم أنه بسبب "غباء فطري" أو حسن نية أو وسيلة للتباهي والتفاخر، بلاشك الأسباب والدوافع مختلفة باختلاف المواقف والآراء المشاركة في هذا التحقيق.
يطيب لهن الحديث
في البداية تحدثت السيدة "خديجة المسعودي" عن تلك الإشكالية قائلةً: هناك العديد من الزوجات اللواتي يطيب لهن الحديث عن أزواجهن، فتذكر محاسنه وطيب أخلاقه في تعامله معها، وكيف أنه يدللها ولا يرفض لها طلبا،
بل وتسرد القصص والحكايات عما يفعله معها ومع أبنائه من البر والإحسان، وربما تناديه باسم الدلع، إذا حدثته في الجوال أمامهن، وبالطبع لن تنسى ترقيق صوتها وتحريك شعرها وإشعال كلماتها، مضيفةً أنه في حال أرسل الزوج رسالة جوال بحضورهن فإن تلك الزوجة تستعرضها بكل غرور أمامهن، وإذا كانت هدية رأتها جميع الحاضرات وعرفن قصتها.
ويلات العين
وتقول "ثريا مشرف": أنا ضد من تتحدث عن زوجها كثيراً، بل وتذكر طريقة معاملته وصفاته بمناسبة وبدون مناسبة، ودون النظر عن حال من تحدثها، فربما تكون من تحدثها زوجة متعبة مع زوجها وصبورة وكتومة، أو أنها مطلقة أو أرملة أو تعاني من طلاق عاطفي وجفاف مشاعر مع زوجها، والنتيجة هنا فهي إما أنها سوف تكسر نفوس تلك النساء وتدخل الحزن عليهن بطريقة مقصودة أو غير مقصودة، أو أنها تفسد حياة امرأة أخرى بتفاخرها بما يصنع زوجها، والذي نعلم أنه في كثير من الأحيان لن يخلو من المبالغة، فلا تعود تلك المرأة المستمعة ترضى بزوجها وبما يقدمه لها، وإن لم يكن هذا ولا ذاك فمن الممكن أن تجر على نفسها ويلات العين والحسد فتخسر سعادتها مع زوجها ومع نفسها.
خطر الخيانة
وأضافت أنا هنا لا أشجع أن نجعل العين والحسد مشجباً لتعليق كل ما يحدث لنا، لكن أيضاًَ لا ننكر أنهما حق أثبته الشرع، ولا أنسى خطر الخيانة، فربما هي بكثير تفاخرها بزوجها ومبالغتها في ذلك، تدفع صديقة غير متزوجة إلى خيانتها لأجل أن تحصل على هذا الزوج المحب، وتشاركها فيه، وكم سمعنا من القصص الواقعية ما يدل على ذلك.
فداحة الهذرة
وتشير "نهلة سليم" إلى أن الزوجة التي تمدح لصديقتها تفاصيل معاملة زوجها الطيب والحنون والكريم معها، فإنها تسمح لها من دون أن تشعر بأن تجنح بخيالها، وتتمنى لو كانت مكان هذه الزوجة، خصوصاً إذا كانت لم تتزوج بعد، أو تعاني مشاكل في علاقتها بزوجها، مضيفةً أنه لن تشعر الزوجة بفداحة تلك "الهذرة"، حتى تستيقظ على صدمة نفسية عندما تكتشف وجود علاقة خفية بين تلك الصديقة والزوج، وقد يصل الأمر إلى أن تجد الزوجة نفسها مطلقة وصديقتها حلت مكانها.
عقدة نقص
وأضافت أنه من خلال تجمعاتنا النسائية أستطيع أن أصف موقف الزوجات في مسألة مدح الزوجة لزوجها، حيث تفضل البعض منهن اظهار عكس ما تعيشه، وهؤلاء يخفن من العين والحسد، لذلك نجدهن دائمات الشكوى والتظاهر بعدم الرضا، على الرغم من كونهن سعيدات مع أزواجهن ذاكرةً أن هذا التصرف حتى لا تحسدنهن الأُخريات، في حين أن البعض الآخر من يتحدثن عن كل صغيرة وكبيرة يفعلها أزواجهن، إما عن حسن نية أو قد يكون محاولة منهن للتباهي أمام الأخريات بمدى حب أزواجهن لهن، أو ربما نتيجة وجود "عقدة نقص"، يحاولن تعويضها من خلال لفت انتباه الأخريات إليهن.
اختلاف الآراء
وتذكر "نجلاء الحمد" أن الآراء مختلفة ومتباينة في أمر مدح أو انتقاص الزوجة لزوجها أمام الآخرين، لافتةً إلى أن بعض الزوجات من فرط غيرتها على زوجها، فإنها لا تألو جهداً في سبه ومنقصته، بدعوى أنها تريد صرف نظر البنات عن زوجها، فتجدها تقول عنه: عنيد وبخيل وغير متفهم، ويبقى دائماً الحل المثالي هو التزام الصمت وعدم ذكر طاريه سواء بالزين أو الشين.
ثرثرة فارغة
أما "سماح" فتقول: إن الزوجة قد تذكر بعض مزايا زوجها من باب شكر النعم أو الثناء عليه، ومدحه أمام أهلها وأهله، وهذا لا ضير فيه، مؤكدةً أنها حريصة على ذكر مزايا زوجها لوالدتها فقط، وذلك حتى يطمئن قلبها بأنها تعيش حياة سعيدة، كما تتمنى كل أم لابنتها، في حين ترى في حديث الزوجات عن أزواجهن أمام الصديقات والجارات "ثرثرة" فارغة، لا تخرج غالباً عن حب التفاخر والتباهي بالزوج المحب والحنون والكريم، وهذه الثرثرة تطال حتى أن الفتيات المقبلات على الزواج، حيث نجد أنه بمجرد أن يتم عقد قرانها تبدأ بالحديث لصديقاتها عن صفاته، وتنقل لهن تفاصيل لقائها به، بما في ذلك الحوارات الجانبية بينها وبين عريسها من محبة وغزل.
ليش أنا محرومة؟
وتشير "عائشة عيد" الى أن حديث المرأة عن مزايا زوجها واهتمامه وتدليله لها، قد يجعل من تستمع إليها تشعر بالنقص، لأنها تشعر بفقدانها لذلك، مما يثير بداخلها الغيرة والحسد والصراع النفسي، كأن تقول: "ليش أنا محرومة؟"،
فتنفس عن حرمانها باختلاق خلافات مستمرة مع زوجها، متذرعة بأتفه الأسباب؛ لأنها تشعر أنه لا يلبي احتياجاتها العاطفية والجسدية، في الوقت الذي ترى فيه أن صديقتها في غاية السعادة مع زوجها، مؤكدةً على أن الحياة مليئة بالأمثلة والقصص التي دمرت الكثير من البيوت، بل وأوصلت الزوجين إلى الطلاق؛ نتيجة مدح الزوج أمام الأخريات، ومن هنا بدأت المشكلة.
طلقها زوجها
وهذا ما تؤكد عليه "منيرة السعيد"، حيث ذكرت أن شقيقتها انفصلت عن زوجها بسبب مدح صديقاتها لأزواجهن، وافتقادها للكثير من الصفات الجميلة التي يتحدثن عنها في زوجها، فكانت تشكو من عدم قدرة زوجها على الذهاب بها للسياحة كما يفعل أزواج صديقاتها، وكثيراً ما تصرخ في وجهه إذا رأت لباس صديقاتها ومجوهراتهن، أو هدايا أزواجهن، مما جعلها تشعر أنه زوج بخيل وغير رومانسي، بل لا يحرص على التعبير عن حبه لها، فتأزمت الأمور بينهما حتى وصلت الى الطلاق.
لاعت كبودنا
وتقول "سعاد": إنها تتذمر هي والحاضرات من كثرة مدح صديقتهم لزوجها، لدرجة أننا نشم رائحة المبالغة والكذب فيها، بل ونستغرب كثيراً من حرصها على ذكر ذلك في كل لقاء يجمعنا بها، وحين وصلنا إلى درجة الملل من هذا الحديث الفاضي قالت لها إحدى الحاضرات وبصراحة تامة: "خلاص درينا أنه أفضل زوج في العالم"، و"لاعت كبودنا من طاريه"، ومن بعدها أصبحت تتجنب الحديث عنه، معتبرةً أن التفاخر ومدح الزوج، فيه إفشاء لخصوصية الحياة الزوجية، مما يقلل من قدر المرأة واحترامها أمام الناس.
منقووووووووول
أتمنى ان أحظى بآرائكم فيما تقدم