كاتب المقالة الأستاذ :حسن آل عامر
التكفير المغلف وكبوة التقارب المذهبي
يخطئ من يحمل المؤتمرات واللقاءات العلمية التي تتخصص في نقاش قضية جدلية، مسؤوليات أكبر من قدراتها الحقيقية، وخصوصا عندما يطالب البعض المشاركين برؤية "تغييرية" سريعة للظاهرة أو القضية محل النقاش.
ومع هذا أرى أن المؤتمر العالمي الذي أعلنت عن تنظيمه (تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين) جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود للسنة النبوية، تحت عنوان "ظاهرة التكفير.. الأسباب.. الآثار.. العلاج" نقلة نوعية مهمة في نقاش قضايانا الدينية ذات الأبعاد المتشعبة تاريخياً وعلمياً.
فلابد من الاعتراف بأن في أوساطنا الدينية وحتى الاجتماعية الكثير من المكفرين لأبسط الأسباب، والكثير من الأتباع لهم، حتى وإن توارى بعضهم تبعاً للظروف المحيطة، ولكنه جاهز للانقضاض في أقرب فرصة يرى أنها مواتية للنيل من "الخصم" الوهمي.
القضية الأخطر التي أتوقع أنها لن تفوت على المشاركين هي أن أساليب التكفير لم تعد تقليدية ومباشرة كما في السابق، فقد لا ترى فتوى أو مقالاً إنترنتياً أو حتى صحفياً، يقول صراحة إن فلاناً كافر لأنه فعل كذا وكذا، ولكنك قد تجد التكفير مغلفاً بأسلوب يوحي للمريدين أو الأتباع بأن هذا السلوك أو هذا القول نوع من "التعدي على شرع الله" الذي يوجب "الانتفاض ولجم هذا المعتدي بكل الوسائل" ولنضع تحت كلمتي "كل الوسائل" ألف خط، فقد يفسرها "التلاميذ" على أن الباب مفتوح لجميع الأعمال حتى القتل.
وما عبارة "الغراب يقتل في الحل والحرم" الشهيرة التي أطلقها أحد "المشايخ" أثناء الجدل حول حلقة التعليم في مسلسل "طاش ما طاش" ببعيدة عنا ، فلم يمض عليها أكثر من شهرين.
وكما قرأنا فإن المؤتمر يشتمل على محاور جادة في سبر أغوار المشكلة، وسط مشاركة واسعة لعلماء من مختلف دول العالم الإسلامي، ولهذا أجزم بأن الجميع يأملون في أن يخرج بخطة عملية، تكشف وتواجه المتلاعبين والمتساهلين في تكفير جميع من يخالفهم الرأي أو حتى المذهب، حتى لا نتفاجأ بعد أيام بمن يمتطي صهوة تكفير حتى أقرب الناس إليه، كما تفاجأنا بإعلان عدد من دعاة التقارب المذهبي فشلهم في تحقيق أي تقدم ملموس في تقريب المذاهب الإسلامية التي يشهد جميع أتباعها بالله ربا وبمحمد رسولاً!.