يذكر السيوطي أنه أول ما تولى يزيد جاء بأربعين شيخا فشهدوا له (ما على الخليفة حساب ولا عذاب).. المهم أن يزيد أمير المؤمنين في ذلك الوقت بدأ خلافته بعشق جارية اسمها (سلامة) وانتهت خلافته بل وحياته بسبب عشقه لجارية أخرى اسمها (حبابة) يروى ابن كثير قصة وفاته على النحو التالي: "كان يزيد هذا يحب حظيه من حظاياه يقال لها حبابة وكانت جميلة جدا وكان قد اشتراها في زمن أخيه بأربعة آلاف دينار من عثمان بن سهل بن حنيف فقال له أخوه سليمان: لقد هممت أن أحجر على يديك فباعها فلما أفضت إليه الخلافة قالت امرأته (سعدة) يوما: يا أمير المؤمنين هل بقى في نفسك من أمر الدنيا شيء؟ على أساس أن خليفة المؤمنين ذاق كل ملذات الدنيا لأنه ليس عليه لا حساب ولا عذاب، كما زعموا مشايخه..
قال نعم: حبابة..
فبعثت امرأته فاشترتها له ولبستها وصنعتها وأجلستها من وراء الستارة.. وقالت له أيضا: يا أمير المؤمنين هل بقى في نفسك من أمر الدنيا شيء؟
قال: أوما خبرتك؟!
قالت: هذه حبابة وأبرزتها له وأخلته بها وتركته وإياها فحظيت الجارية عنده، وكذلك زوجته أيضا.
فقال يوما: اشتهي أن أخلو بحبابة في قصر مدة من الدهر لا يكون عندنا أحد، ففعل ذلك وجمع إليه في قصره مع حبابة وليس عنده أحد، وقد فرش له بأنواع الفرش والبسط الهائلة والنعمة الكثيرة السابغة، فبينما هو معها في ذلك القصر على أسر حال وأنعم بال وبين أيديهما عنب يأكلان منه رماها بحبة عنب وهي تضحك فشرقت بها وماتت.. فمكث أياما يقبلها ويرشفها وهي ميتة.. حتى أنتنت وجيفت.. فأمر بدفنها فلما دفنها أقام أياما عندها على قبرها هائما.. ثم رجع فما خرج من منزله حتى خرج بنعشه... وقال فيها:
أراك طروبا والها كالمتيم
تطوف بأكناف السجاف المخيم
أصابك سهم أم رميت بنظرة
فما هذه إلا سجية من رمي
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني
رأيتُ بعيني في أناملها دمي
خذوا بدمي منها فإني قتيلها
فلا مقصدي ألا تجود وتنعمي
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها
ولكن سلوها كيف حل لها دمي
ولا تحسبوا أني قتلت بصارم
ولكن رمتني من رباها بأسهم
لها حكم لقمان وصورة يوسف
ونغمة داود وعفة مريم
ولي حزن يعقوب ووحشـة يونـس
وآلام أيوب وحـسرة آدم
مدنية الألحاظ مكية الحشـى
هلاليـة العينيـن طائيـة الـفـم
وإن أتى ذكر العامرية فإنّني
أغار عليها من فم المتكلم
أغار عليها من أبيها وأمها
ومن مصّة المسواك إن دار في الفم
أغار على أعطافها من ثيابها
إذا ألبستها فوق جسم منعم
وأحسد أقداحا تقبلُ ثغرها
إذا أوضعتها موضع المزج في الفم
ولو قبل مبكاها بكيـت صبابـة
لكنت شفيت النفـس قبـل التنـدم
ولكن بكت قبلي فهيج لـي البكـاء
بكاهـا فكـان الفضـل للمتـقـدم
بكيت على من زين الحسن وجهها
وليس لها مثل بعـرب وأعجمـي
ممشوطة بالمسك قد فاح نشرها
بثغـر كـأن الـدر فيـه منـظـم
ولمـا تلاقينـا وجــدت بنانـهـا
مخضبـة تحكـي عصـارة عنـدم
فقلت خضبت الكف بعـدي أهكـذا
يكـون جـزاء المستهـام المتيـم
فقالت وأبدت في الحشى حرق الجوى
مقالة من في القول لـم يتبرم
وعيشك ما هـذا خضـاباً عرفتـهُ
فلا تكُ بالبهتان والـزور متهمـي
ولكننـي لمـا رأيـتـك نائياً
وقد كنت لي كفي وزنـدي ومعصمـي
بكيت دما يـوم النـوى فمسحتـهُ
بكفي فاحمرت بناني من دمي
أشارت برمش العين خيفـة أهلهـا
إشـارة محـزون ولــم تتكـلـم
فأيقنت أن الطرف قد قـال مرحبـا
وأهـلا وسهـلا بالحبيـب المتيـم
ولولا يمس المفاضل بقربها
لما جاز عندي بالتراب التيمم
وإن حرّم الله الزنا في كتابه
فما حرّم التقبيل في الخدّ والفم
وإن حرمت يوما على دين أحمد
فخذها على دين المسيح بن مريم
فوالله لـولا الله والخـوف والرجـا
لعانقتهـا بيـن الحطيـم وزمـزم
ووسدتهـا زنـدي وقبلـت ثغرهـا
وكانت حلالا لي ولو كنـت محـرم
وقبلتهـا تسعـا وتسعيـن قبـلـة
براقـة بالكـف والـخـدِ والـفـم