منتديات الشعر على الإنترنت
بكر هذال
لا أعتقد أن الكثير منّا يستطيع في هذا العصر أن يستغني عن خدمة الإنترنت على الشبكة العنكبوتية، فمن تعامل مع هذه الخدمة يعرف جيداً مدى أهمية هذه الخدمة وميزة استخدامها بكل سهولة، فالكثير من الأشخاص يستخدمها للتواصل مع أصدقائه، أو معرفة الأخبار، أو أداء بعض المهام، أو التسوق، أو البحث عن ما يريد معرفته الخ .
ومن خلال اطلاعي ومتابعتي لبعض هذه المواقع لاحظت كثرة الإقبال من قبل الأدباء والمثقفين والشعراء على هذه المنتديات عبر شبكة الإنترنت.. فهناك بالفعل الكثير من المواقع الجميلة التي تخدم هؤلاء الأدباء والشعراء من خلال ما يقدمونه من أدب وشعر.. ويُعد هذا التواجد ظاهرة صحية يستفيد منها الجميع .
والكثير من هذه المواقع تهتم بالشعر على شبكة الإنترنت، والقائمون عليها يبحثون عن النجوم والمواهب الواعدة ويقومون باستقطاب أقلامهم للحديث عمّا يجول في قلوبهم، وأفكارهم، وهناك من يتحاور معهم ويناقشهم مباشرة، ويشاركهم في أي وقت، ومن أي مكان تتوفر به خدمة الإنترنت.
فمسألة النشر والظهور مسألة مهمة، تؤثر على عطاء الشاعر من حيث الإبداع أو الإخفاق فمنتديات الشعر على الإنترنت في واقع الأمر سلاح ذو حدين، وبالرغم من أن الظهور الإعلامي هو ما يطمح إليه كل شاعر أو صحفي أو كاتب لكن يجب التأني قليلاً، وإعادة الحسابات، والتدقيق في معايير النشر في هذه المواقع حتى يتمكّن الشاعر أو الناشر أن يضيف لنفسه عملاً جديداً يستحق عليه الثناء والشكر ويفيد الناس .
ولاشك أن هذه المنتديات الإلكترونية الشعرية تأتي بالمردود الإيجابي والسلبي على موروثنا الشعبي الأصيل فمن إيجابياتها على سبيل المثال وليس الحصر سهولة النشر، ومعرفة رأي القارئ مباشرة من غير وسيط، كذلك إعطاء الفرصة للأقلام الموهوبة لتقديم ما لديهم من مشاركات وكتابات ومقالات وحوارات.. وزرع الثقة والجرأة على النقاش والطرح في نفوس هؤلاء الموهوبين.
أما سلبياتها فمنها كثرة الأسماء المستعارة التي جعلت الكثير من الشعراء يسمح لنفسه أن يكتب ما يريد ويفسر الأمور حسب رغبته متجاهلاً القضايا الاجتماعية الهامة، والبعض الآخر منهم يبحث عن الشهرة والمادة، والبعض الآخر يستغل هذه المواقع ويسئ لشعراء آخرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ونجد أحياناً فيها الكثير من التجريح والتقليل من شأن الآخرين، بالإضافة للكثير من المجاملات والتغاضي عن الكثير من السقطات من قبل بعض أصحاب المنتديات الذين لا يوجد عليهم لا رقيب ولا حسيب.. وأكبر دليل على هذا الكلام هو عدم الكتابة بالاسم الصحيح واختيار الألقاب والأسماء المستعارة من قبل هؤلاء العابثين.. فالإنسان الذي لا يثق فيما يقدمه يخفي اسمه وشخصه خلف هذه الألقاب المستعارة .
لذلك من الصعب جداً أن تخدم هذه المنتديات موروثنا الشعبي ما دامت تعاني من القصور، وفيها الكثير من الفوضى والعبث، ولا أنكر أنه يوجد أيضاً منتديات جميلة، وتستحق الإشادة بها، ومتابعة شعرائها.. لكن أنا أتحدث عن أغلبية هذه المواقع التي جعلت القارئ والكاتب والشاعر في حيرة، واختلط فيها الهزل بالسمين.. لذا فهي تسيء للتراث والثقافة والشعر والشعراء .
وبكل أسف رأيت من يخالف هذه الأساسيات، وهذه القيم في كثير من مواقع منتديات الشعر الشعبي على الإنترنت، وشاهدت من يسمح لنفسه بعرض نتاجه الأدبي بدون معايير وتدقيق، ويقوم بنشر ما يريده في هذه المواقع، وربما قد يتجاوز بعض الخطوط ! .
وأؤكد مرة أخرى يجب اختيار الجزل، والطيِّب من الشَّعر والبعد عن التعصبات، والمشاحنات، والقبليات، وإعطاء المتذوق انطباعاً جميلاً عن الشعر الشعبي القيّم، والهادف، والمفيد.. فليس كل ما يُعلم يُقال.
الرياض