يشتكي بعض الشباب السعودي من الإرث القبلي الثقيل الذي يثقل كاهلهم، حيث تحرم عادات وتقاليد بعض القبائل الكثير منهم من حضور زواج شقيقاتهم وخاصة إذا زفت الفتاة لشاب من قبيلة أخرى، حيث يعد ذلك من الأمور غير المحمودة في أوساط بعض المجتمعات.
ويستند كثيرون ممن يتحرجون من حضور زواج البنات إلى مقولة قديمة كانت سائدة تشيرا إلى أن الثلاث السود – أي المعيبات- هي "شاري الإبل ومودعها - أي يشتري الرجل الإبل ثم يدعها أمانة عند غيره فتصبح عارا عليه وعلى الآخر الذي قبلها -، والثانية مزوج البنت وتابعها، والثالثة شيخ قوم وخاينها".
وعلى الرغم من اندثار كثير من العادات والتقاليد البالية إلا أن عادة عدم حضور الآباء والأشقاء لزواج بناتهم وشقيقاتهم تعد من الحالات التي لا تزال موجودة في بعض أوساط المجتمع.
وقد شهد صيف هذا العام، وخلال موسم الزيجات بعضاً من هذه النماذج وخاصة لدى بعض الآباء الذين زوجوا بناتهم إلى أشخاص من خارج القبيلة.
عن هذه الظاهرة يقول خلف الله بن محيا الثقفي – تربوي سابق- هذه العادة موجودة لدى بعض القبائل إلى اليوم مشيرا إلى أن قبيلته لا تعترف بها، ولكن البعض يرى أنه من العيب أن يرافق الرجال الفتاة المتزوجة ويكتفون بأن تصحبها مجموعة من النسوة ويشهدن زواجها.
وأشار الثقفي إلى أن هذه العادة غير محمودة مؤكدا أنه ليس هناك أي مانع من أن يحضر الأب زواج ابنته والأشقاء لشقيقاتهم وخاصة أن الزواج من أقوى الأواصر التي تربط بين أبناء القبائل، وتمنى أن تندثر مثل هذه العادات السيئة التي لا يزال البعض متمسكا بها.
من جهته أشار حمد الفرحان أن كبار السن هم من يقفون خلف ترسيخ مثل هذه العادات البالية، مشيراً إلى أنها موجودة في قبيلته وهي مرفوضة من الشباب ولكنهم يجبرون في أحيان كثيرة على الرضوخ لرغبات كبارهم كالآباء والأجداد الذين يتمسكون بشكل غريب بهذه العادات، التي باتت غريبة ومرفوضة من قبل قطاع واسع من الشباب، وبين الفرحان أن المشكلة ليست فقط في عدم حضور زواج البنت ولكن هناك عادات أيضا تحرم الأب وأبناءه من التردد على منزل ابنتهم بعد الزواج حتى أن بعض الآباء يمكث عدة سنوات ولا يدخل بيت ابنته إلا في مناسبة رسمية بينما يرى أن بيته مفتوح لابنته وهي التي تزوره باستمرار.
وعن سر ذلك أشار الفرحان أن من يعمل ذلك لا يسلم من كلام الناس وخاصة كبار السن الذين يعيبون مثل هذه الأمور، مشيرا إلى أنه حتى شعراء المحاورة الشعبيين الذين يشاركون في إحياء حفلات الزواج يجعلون من حضور أهل العروس محورا لمحاوراتهم الشعرية ويعيبون عليهم ذلك وهم بذلك يساهمون في ترسيخ هذه العادات السيئة.
وانتقد الفرحان هذه العادات مؤكدا أنها تشجع على قطيعة الرحم وخاصة تلك التي تنتقد زيارة الآباء لبناتهم في منازلهن بعد الزواج ، مشيرا إلى أنه يعرف بعض الشباب يزورون شقيقاتهم بدون علم آبائهم الذين يرون في تكرار ذلك عيباً ونقصاً يعرضهم للتهكم من قبل الآخرين.
المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العلمية للصحة النفسية بدول الخليج العربي والشرق الأوسط الشيخ صالح اللحيدان أشار إلى أن الوليمة والزيارة فيما يتعلق بالنكاح والزواج فيها أدلة شرعية في السنة وجرت عليها القواعد.
وبين أنه من السنة المؤكدة والقطعية حضور أهل الزوجة وأهل الزوج واجتماعهم في بيت الزوجة على وليمة واحدة، مشيرا إلى أن عادة بعض القبائل المتمثلة بحرمان الأشقاء أو الآباء من حضور زيجات بناتهم أو زيارتهن في بيت الزوجية بعد إتمام مراسم الزواج هي من البدع وأول ما عملها الكاثوليك النصارى وجاءت لهم من اليونان وفيها تفريق وتحييد وهي خلاف الأصل وليست من الدين في شيء، لأنها تولد التوتر النفسي بين العوائل وتولد قطيعة الرحم والتشاحن فيما بعد، والاقتصار على أحد دون أحد يولد الضغينة والقطيعة فيما بعد وخاصة لدى الصغار.
وأشار إلى أن الزواج من خارج القبيلة أمر محمود ووسيلة لتوثيق الأواصر بين القبائل وقد تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم من عدة قبائل ولم يقتصر على بني هاشم أو حتى قريش، وكذلك فعله العظماء الذين غيروا مجرى التاريخ وما الملك عبد العزيز إلا خير دليل على ذلك.
وبين الشيخ اللحيدان أن وليمة الزواج الأولى الأصل فيها أن تكون قبل دخول الزوج بزوجته، وهذا رأي ولكن جمهور المحدثين يرون أن الأولى أن تكون بعد الدخلة