الفيلم الوثائقي "عبدالله" الذي يعد أكبر إنتاج تلفزيوني من نوعه جوانب متعددة تكشف لأول مرة عن العاهل السعودي، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
وذلك، من خلال شهادات حية يقدمها نخبة من زعماء العالم وقادته، على رأسهم الرئيس الأمريكي جورج بوش، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وملك الأردن عبد الله بن الحسين، وولي العهد السعودي الأمير سلطان، وغيرهم من الشخصيات العالمية والعربية التي تحدثت بإسهاب عن شخصية "عبدالله" الصريحة والجرئية.ويتميز الفيلم بسرد معلومات تكشف لأول مرة.. لكثير من السجالات التي دارت خلف الكواليس، أثناء مواجهة الملك لشتى التحديات التي كادت أن تعصف بالمنطقة، خاصة موقفه الصارم من واشنطن وسلبيتها تجاه القضية الفلسطينية، وغزوها للعراق..
,,
الجزء الأول - التحديات الخارجية
كادت أحداث الحادي عشر من سبتمبر تؤدي بالعلاقات السعودية الأمريكية بسبب مشاركة خمسة عشر سعوديا في أكبر هجوم إرهابي يشهده العالم، ووضعت السعودية وشعبها ومناهجها، والعالم الإسلامي معها في قفص الإتهام، لتبدأ أكبر مهمة وتحد خارجي يواجهه الملك عبدالله.. الذي وقف أمام الشراسة الأمريكية والغربية بكل ما أوتي من سبل لنفي تهمة الإرهاب عن شعبه، وعن الأمة الإسلامية، وقد حفلت الحلقة بمواقف الملك تجاه الحرب على الإرهاب، وكيف سعى دون كلل لثني أمريكا عن حربها المتهورة وغزوها للعراق.
كما كشفت الحلقة ما جرى في الكواليس وكيفية إنهاء النزاع الحدودي مع اليمن. والشراكات التجارية الكبرى مع أقطاب آسيا، وكيف شرح الملك عبد الله للصين ذات المليار نسمة، أنه ثروته الحقيقية ليست في نفط بلاده لكنها في الحرميين الشريفين، والكعبة المشرفة قبلة مليار مسلم
.
.
.
سلطان بعد عبدالعزيز ( ولي العهد السعودي ) :
خادم الحرمين قليل من الزعماء اللي يمارسون ما يمارسه من العقل وبعد النظر والثبات عند الكلمة، لا يقول حتى يدرس وإذا درس واقترح لا يتراجع، وهذه صفة قيادية مهمة جداً بمن يقود الأمة
الأمير نايف بن عبد العزيز ( وزير الداخلية السعودي ):
الحقيقة سيدي خادم الحرمين الشريفين أخ وقائد، ونحن جميعاً لا نعتبر أنفسنا إلا جنود له في أداء الواجب تجاه الوطن
جورج بوش ( الرئيس الأمريكي ) :
الملك عبد الله صديقي شخصياً وأنا أحترمه
,,
تداعيات أحداث 11 سبتمبر على العلاقات السعودية الأمريكية
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ) :
يعني لو فيه من هو أعدى أعداء المملكة, ومن هو أعدى أعداء الإسلام والمسلمين مش ممكن يسوي ما كان يعمل شيء أسوأ مما صار.
- غيّرت هجمات مركز التجارة العالمي اتجاه القرن 21، ولما كان 15 من 19 إرهابيين سعوديين كان يمكن أن تسبب هذه الأخبار أضراراً جسيمة لعلاقة المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة.
جورج بوش ( الرئيس الأميركي ) :
لم يكن رد فعلي الأول أنظر أن السعوديين أشرار، ما كان رد فعلي الأول هو أن أناساً أشراراً جاؤوا وقتلوا وسنقاوم ذلك الفعل لنحمي أنفسنا , جورج بوش (الرئيس الأميركي): كان رد فعلي في 11 سبتمبر هو أني تعهدت بالعثور على القتلة هؤلاء الذين أمروا بالقتل وإحالتهم للمحاكمة.
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ) :
وكان عندي رغبة إني ما أصدق، اتصل فيني القنصل السعودي في نيويورك وقال لي البوليس اللي في نيويورك وجدوا جواز في الأرض بين الأنقاض مع الملابس ومع الأشياء اللي طاحت من الطيارات سعودي، فيقولوا يعرفون هذا من هو وكيف , بعدها بنصف ساعة كلمني وزير الخارجية السيد كولن باول وقال لي نفس الكلام، يا بندر ترى بكرة يكون يوم صعب بالنسبة للعلاقات السعودية الأميركية.
الجنرال كولن باول ( وزير الخارجية الأميركي السابق ) :
كان هناك غضب شديد على ذلك العمل، فقد أزعج الكثيرين لأن العديد من القتلة كانوا سعوديين، وأنهم كانوا قد جاؤوا إلى الولايات المتحدة للدراسة أو لأغراض أخرى، وقد لقوا ترحيب هنا ثم كان رد فعلهم قتل ثلاثة آلاف أميركي , لم نكن نريد أن نلمح للسعوديين أو للعالم الإسلامي أو العربي أن أميركا ستصبح الآن ضد العرب وضد المسلمين وخاصة ضد السعوديين، واحتجنا جميعاً عرباً ومسيحيين ويهود أن نجتمع جميعاً لإيجاد حل لمشكلة الإرهاب.
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ) :
لأن حجم الكارثة كان كبير كبير، والكارثة ما كانت فقط أنه حصل عمل إرهابي، لكن اللي حسيت فيه إنه حصل عمل إرهابي استراتيجي موجه أولاً ضد المملكة العربية السعودية وضد الإسلام والمسلمين.
- وفي ذلك الوقت كان هناك عدد كبير من السعوديين في الولايات المتحدة، وخشي الملك عبد الله ولي العهد آنذاك على سلامتهم، الشيء الذي أصبح أهم أولويات السفير بندر.
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ) :
طبعاً هذا الاهتمام المفروض يكون عندي على أي حال كمسؤول أول في أميركا عن مصالح المملكة العربية السعودية، لكن اللي زاده اهتمامات الملك عبد الله وأخذه قرارات هامة حساسة بأنه أعطانا صلاحيات مطلقة بعمل اللي نحتاج نعمله بغض النظر عن الأنظمة والقوانين لحماية مصالح المواطن السعودي في أميركا سواء مادياً أو قانونياً أو بأي شكل.
غازي القصيبي ( وزير العمل السعودي ) :
والله هو يعني الفترة التي كانت صعبة هي فترة أحداث مانهاتن وتداعياتها، أنا أستطيع أن أقول بغير مبالغة هذه كانت من أصعب الفترات التي مرت بي في حياتي، يعني مر بمعاناة لا يعلمها إلا الله.
- كانت هذه الأيام خطيرة, فقد أراد أسامة بن لادن أن يأتي رد الفعل الأميركي عنيفاً ليخرب العلاقات بين البلدين، وفي دراسة سرية للبنتاغون صنفت مؤسسة ران المملكة العربية السعودية بأنها دولة معادية, وطالبت الرئيس بوش باستهداف المملكة.
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ):
اللي أنا متأكد منه إن الرئيس بوش رفض كل هالاقتراحات وأصر على إن العلاقات السعودية الأميركية هي علاقات استراتيجية, وإنه أحد أهداف هذه العملية هي الضرر بالعلاقات الاستراتيجية السعودية الأميركية، وبالتالي لازم ما نعطي فرصة للإرهابيين إنهم يوصلون إلى نتيجة.
- شعر الأمير بندر أن السعودية كانت مستهدفة من قبل الإرهابيين قبل وقوع الهجمات على أميركا، وأنها كانت منشغلة في حربها الخاصة على الإرهاب، وبدأ ولي العهد الأمير عبد الله العمل بسرعة على إصلاحات علاقات بلاده بالولايات المتحدة.
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ) :
فكان مجهود كبير كبير اشترك فيه الكثير من الإخوان الزملاء في السفارة, ومن المملكة جاءت مختلفة لإعادة بناء هذه العلاقة اللي انهارت في يوم وبنيناها في عشرات السنين، ففعلاً الملك عبد الله الله يسلمه بسياسته وبأسلوب تعامله مع الأحداث في هذه الفترة العصيبة حقق معجزة، كيف إنه العلاقات السعودية الأميركية ما فرطت وتحولت إلى موقف عدائي, وصارت العواطف الجياشة دفعت إلى ما لا يُحمد عقباه ولا ندري ويش كان ممكن يصير.
- كان من الممكن تجنب وقوع كارثة 11 سبتمبر بأكملها لو اكتشفت إشارات التحذير الأولى في وقت مبكر.
الأمير بندر بن سلطان ( رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي ) :
الأمن السعودي كان متابع لمعظم الإرهابيين بدقة وبنشاط, ولو الجهات الأمنية الأميركية تعاملت مع مجهودات الأمن السعودي بمصداقية أو بجدية أكثر مما صار أنا أتصور كان تفادينا ما حصل
- لقد غيّر 11 سبتمبر سياسة أميركا الخارجية تماماً، ومنذ ذلك الحين سادت محاربة الإرهاب على علاقات البيت الأبيض مع بقية العالم، وأدت هذه السياسة إلى غزو العراق واحتلاله، لكن كان هذا الهدف قريباً جداً من المملكة العربية السعودية.
د. غازي القصيبي ( وزير العمل السعودي ) :
كما هو يستطيع أن يتفهم الغضب الأميركي ويستطيع أن يتفهم في نفس الوقت يعرف أن يعني هذا الغضب الأميركي شيء، ولكن هذا لا يجب أن يؤدي إلى تدمير العالم، الحرب على الإرهاب ليست حرب على بقية العالم.
- رأى السعوديون أن مهاجمة العراق ستصعد من مستوى العنف في الشرق الأوسط, وستزيد من الضرر على العلاقات السعودية الأميركية، وستحرف الأنظار عن عملية السلام الفلسطينية, وستؤدي إلى تفاقم الإرهاب في المنطقة.
,,
حل النزاع القديم وترسيم الحدود مع اليمن
- كانت حدود السعودية مع اليمن بمثابة مشروع عمل لم يُنجز، فقد ظلت الحدود غير مؤكدة لأكثر من ستين عاماً، وفي بعض المرات أدت حالات تهريب ونزاعات حول الحدود إلى اشتباكات بين البلدين، ولكن فجأة عزم الطرفان على إيجاد حل للنزاع.
الأمير سلطان بن عبد العزيز ( ولي العهد السعودي ) :
كان لي شرف الثقة من ولاة الأمر بأن أعمل لتذليل أي صعاب في تحسين العلاقات مع اليمن أو إنهاء المشاكل مع اليمن وترسيم الحدود مع اليمن.
الأمير سعود الفيصل ( وزير الخارجية السعودي ):
نحن شعب واحد كيف نفرق بين اليمن والسعودية قبائل هنا وهناك واحدة, الدم واحد، العرق واحد، الدين واحد، وبقيت المشكلة الحدودية طوال السنين خنجر في جنب البلدين.
د. أبو بكر القربي ( وزير الخارجية اليمني ):
من الصعب الحقيقة تحديد الضرر بأبعاده الاقتصادية والسياسية، لكن دون شك أن عدم حل مشكلة الحدود كان يمثل حاجز نفسي بين اليمنيين مواطنين عاديين أو حكومة مع المملكة العربية السعودية, وربما نفس الشيء بالنسبة للمملكة تجاه اليمن , القبائل لا يعرفوا ما هي الحدود، وخاصة وإذا كانت القبائل لها امتدادات على جانبي الحدود.
- كان النزاع بين السعودية واليمن من أقدم وأطول النزاعات في العالم العربي، نزاع على حدود مسافتها 1500 كيلومتر عبر الصحراء والجبال، إذ لم تيسر تضاريس المنطقة رسم حدود واضحة كما عقّد تداخل القبائل المحلية عملية تحديد الحدود , وفي خطوة جريئة شرع الملك عبد الله ولي العهد آنذاك والرئيس اليمني علي عبد الله صالح في إيجاد حل جذري للنزاع.
الأمير نايف بن عبد العزيز ( وزير الداخلية السعودي ):
أنا في إحدى زياراتي لليمن والتقيت بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح, وكان هناك اتهامات للمملكة, اليمنيون يعرفون ماذا عملت المملكة مع اليمن، فسألت الرئيس سؤال واحد قلت يا فخامة الرئيس لو كنت أنت الملك عبد الله هل تحسن علاقتك لمصلحة المملكة تحسين علاقة المملكة باليمن أو لأ؟ قال لأ فعلاً، قلت له هل تريد الملك يعمل شيء ضد بلادك؟ معناه هدفنا سامي وآمالنا كلها سامية ولم نعمل لأشقائنا اليمن إلا كل خير.
خالد التويجري ( رئيس الديوان الملكي):
كان عبد الله بن عبد العزيز بعيد النظر في حل مشكلة حدودنا مع اليمن، لأن اليمن بلد صديق وبلد جار وهم إخوة لنا ونحن إخوة لهم، وأي إثارة مشاكل ستكون عن طريق هذه الحدود التي لم تحل.
أبو بكر القربي ( وزير الخارجية اليمني ):
قد يأتي الخط ليخرج مثلاً قرية سكانها يمنيين إلى الجانب السعودي ويحدث العكس في مكان آخر، فكان الاتفاق إنه يمكن أن يزحزح هذا الخط لكي تعود القرية هذه اليمنية إلى الأراضي اليمنية والسعودية إلى الأراضي السعودية.
- أُعلن في جدة بعد مفاوضات مضنية عن التوصل إلى حل لأحد أطول النزاعات الحدودية في العالم وأقدمها.
الأمير سلطان بن عبد العزيز ( ولي العهد السعودي ):
وفعلاً صار اجتماع مطول بين الملك عبد الله كان وقتها ولي للعهد وبين الرئيس علي صالح, أكثر من ثماني ساعات في جلسة واحدة ولم نرفع من الجلسة إلا بعد توقيع الخطوط العريضة في إنهاء الحدود مع اليمن, وإنهاء العلاقات المتوترة أو الذي يريد لها الذي يريد أن يصيد في الماء العكر , الساعة السادسة صباحاً اتصل بي أحد الإخوان السعوديين بأنه إخواننا في اليمن, الخبراء أرادوا يعدلون في بعض الفقرات أو شيء من هذا القبيل اتفق عليها بين الملك عبد الله والرئيس علي عبد الله صالح، ففعلاً كلمت علي صالح وصحيته من النوم الساعة السادسة الصبح, وقلت له ترى حدث كذا كذا.. فانزعج وأمر بأنه لا يغير ولا جملة مما اتفق عليه.
الأمير نايف بن عبد العزيز ( وزير الداخلية السعودي ):
في تلك الليلة بوجود الرئيس اليمني ورئيس الوزراء وأعضاء حكومته, أنهي الموضوع بشكل نهائي لأنه فيه تشبع بوجهات النظر.
أبو بكر القربي ( وزير الخارجية اليمني ):
إنها نموذج لكيف استطاعت دولتان أن تتجاوز أزمة ربما أعاقت العلاقات لما يزيد عن 66 سنة, أن القيادات السياسية أدركت مسؤوليتها نحو أولاً شعوبها في المقام الأول واستقرار المنطقة, والنظرة المستقبلية إلى أن هذه الحدود مهما وضعناها في النهاية ستزول, لأنه عندما تتحقق الشراكة الاقتصادية والمصالحة المشتركة, وتصبح الحدود كما نرى اليوم في أوروبا لم يعد لها الحقيقة أي قيمة.
- ولكن عاش الاستقرار لفترة وجيزة في المنطقة حتى بات الغزو الأميركي للعراق أمراً لا مفر منه بحلول عام 2003, وكانت السعودية قلقة من عواقبه، وفي مارس اجتمع القادة العرب في شرم الشيخ لمناقشة الأزمة، قرر ولي العهد الأمير عبد الله أنه بعكس ما حدث أثناء حرب تحرير الكويت عام 1991, قرر أن يرفض السماح باستخدام القواعد العسكرية ولا الأراضي السعودية في الحرب الجديدة ضد العراق.
الأمير تركي الفيصل ( السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة ):
لم تكن المملكة الوحيدة التي رفضت التعاون مع أميركا في ذلك, أو التي وضحت للأميركان إن هذه الخطوة سيكون لها تبعات وعواقب سيئة, مش بس بالنسبة للأميركان لكن بالنسبة للمنطقة ككل وبالنسبة للعراق وإنما دول أخرى.
يتبع
,,