د.مطلق سعود المطيري
أغلبنا سمع الطرفة الساخرة التي قدمت لنا رفض الإنسان لذاته، وتلذذه بالخديعة، فما جاء بحكاية الرجل الذي يرفض زوجته لمجرد انها زوجته يعد أقبح صور التنكر والخداع...، عندما فهمت هذه الزوجة الذكية عقدة زوجها قامت بالتنكر بصورة امرأة أخرى، انجذب لها الزوج وتبعها بكل رغبة وشوق ظناً منه انها امرأة أخرى، ودخلت به وخرجت إلى حيث أرادات وهو يتبعها بغباء وشهوة، وعندما كشفت له عن نفسها، تمنى انها لو استمرت بخداعه ولم تبلغه انها زوجته، هل نقول مع هذه الحكاية إننا أمام خلل نفسي أو أخلاقي، أم أن الخطأ لا يستقيم له حال إلا مع خطأ آخر .
قد أجد في هذه الحكاية أبلغ صورة عن معاناة السعوديين في البحث عن الوظائف، أي أن لا مشكلة تقف أمامهم، وتضيع جهد بحثهم عن العمل إلا كونهم مواطنين، فالمواطن ينفر من المواطن، لا لسبب وجيه.. فقط لأنه مواطن مثله، وهذا الشيء نلاحظه في أبسط درجات الانتباه منا، فسائق الليموزين السعودي الذي يتنكر بزي باكستناني، يرسل إشارة مطمئنة للراكب السعودي كي لا ينفر منه، وكذلك يرسل إشارة اطمئنان للراكب الوافد أنه من نفس جنسيته وليس سعودياً حتى لا ينفر منه .
هل في هذه صورة مرارة ؟ لا لن يكون بها مراره عند أصحاب الشركات وعقود التشغيل العالية، بل هي الصحيح الذي يريد أصحاب الأموال المجنونة أن يجعلوه دائماً صحيحاً، وقد استطاعوا، إنكار الأصل من إنكار الحق، وأغلبنا يعرف أصحاب أعمال لا يثقون بالمواطن السعودي وينظرون له بازدراء مهين، وإلا كيف استطاع المواطن أن ينجح مع المستثمر الأجنبي، ولم يستطع أن ينجح مع ابن وطنه، قصة غريبة ومخجلة، وتبعاتها كلها خسائر على الوطن، وبها الكثير من الاستغباء على تفكيرنا ووجودنا كأبناء لهذا الوطن .
فلا نستغرب أن وجدنا أن إعلان التقديم على الوظائف في إحدى الشركات السعودية ، يشترط بالمتقدم السعودي على الوظيفة، أن يكون متنكراً بهوية وافد حتى لا يرفضه صاحب العمل ويزعج وجوده في الشركة أبناء الجنسيات الوافدة .
طلبت الشركات مؤهلات محددة وجاء السعوديون بها، وبدورات متخصصة وحصلوا أيضا عليها، وأضافوا إليها اللغات حتى أصبحنا لا نعرف أن نتفاهم مع بعضنا بسبب لغة الوظائف المنحوسة، وكل هذا ومازال الوضع كما هو، قولوها بصراحة إن السبب بالجنسية وليس من شيء آخر .