عاد الصفاء إلى الفؤاد الحاني = واستقبلته النفس بالأحضان
وتعانقا بين الزهور وصفقا = للحب حيث البدر كالوسنان
وتهامسا حتى ظننت حديثهم = أنغام ناي غص بالألحان
وأصغيت للصوت الشجي مسامعي = حتى طغى فرحي على أحزاني
ورفعت طرفي للسماء فهاجني = نور يشع بضوئه الفتان
وعلمت أن الله أنفذ أمره = لسعادة الآباء والإخوان
فضممت قلبي أن يطير سعادة = وزرعته بالصبر والإيمان
ورأيت أن الله أوجد - رحمة - = جيلاً يذوب لخدمة الإنسان
وبغثت شعري للبلابل بهجة = حتى تردده على الأغصان
صور تحث الشعر أن يسموبها = فيها جمال مشرق ومعاني
أهدي لمن صنع المحال تحيتي = ممزوجة بالروح والريحان
في روضة فيها الثمار شهية = مزروعة بالعلم والعرفان
أنت الذي أوليته الجهد الذي = قد كان مثل الماء للظمآن
فيها تفتحت النفوس على الرضا = كتفتح الأزهار في نيسان
إن الشباب فتوة وشجاعة = دفعتك للإبداع والإتقان
تتبسم الآمال من أكمالها = وتراك باعثها من الأكفان
إن القلب إذا تآلف جمعها = هبت لفعل الخير والإحسان
إن المعارف إذ رأتك نصيرها = جادت عليك بتاجها المزدان
فليهنك النصر الذي قد نلته = بشباة عزم ثابت وجنان
نهدي تحيتنا وخالص ودنا = شكرأ وتقديرأً لجهد الباني
يا أيها الجيل الأبي تحية = مقرونة بالشكر والعرفان
فيك الإباء وفيك كل شجاعة = لا ترتضي عيشا على إذعان
وبنيت أمجادًا وشدت مفاخراً = سار البعيد بذكرها والداني
دفعتك للعلياء نفس حرة = تسمو بجوهرها عن الأدران
عش مستقبلاً في علاك فإنه = علم الهدى ومنارة الإيمان
والآن قد عاد الصفاء وأغلقت = طرق الشقاق ومنفذ الخذلان
انظر إلى علم المحبة خافقاً = وحفاظ ودٍ ثابت الأركان
هتفت على زهر الرياض حمامة = صوت المحبة ساحر الألحان
ليست شمائلنا وشيمة طبعنا = تفريق شمل الصف والإخوان
فليحفظ الله الصفاء فإنه = زهر النفوس ومذهب الأحزان