يسنح الطائر الأليف فتسنح معه الذكريات الوردية والمعاناة
المحرقة فلا يسع الشاعر إلا أن يتاثر ويترجم التجربة شعراً.
لا تخنق الأنغام في قيثاري = إن الغناء خليقة الأطيار
ومفتح الأزهار من أكمامها = وندى الصباح وبهجة السمار
وهدية الرجل الشجاع إذا أتى = بعد الكفاح مكللا بالغار
دعني أغني للحياة فربما = يوماً تعود الروح في أشعاري
إن الليالي ببؤسها وشقائها = سرقت هواي وأخرست أوتاري
حتى طلبت من الحياة رخيصها = فبلغتها وتراكمت أوزاري
والقيد يضحك كلما قبلته = ورجوته يوماً يفك أساري
وتأخر البدر الأليف بنوره = وجثا الظلام وفية تاه الساري
وتعبت من طول الطريق وضيقه = بين الحواة ولاعب بالنار
ووهبتهم حبي وكل مشاعري = وأذعتها فتكشفت أسراري
ورويت للنسر الغشوم قصائدي = والشعر لا يروى لنسر ضار
وتبعته في كل وكر زاره = فوجدته متعدد الأوكار
ودفنت في الصدر الحزين مواجعي = حتى غدا متغير الأطوار
وقعدت أنصت للبليد ودرسه = حتى سئمت حكاية الثرثار
لكن رأيت البحر يزبد موجه = خوفاً على الأصداف والمحار
يامن البعد الرهيب أحبها = وذكرتها فتجمت أمطاري
فتزاحمت بين الضلوع مواجدي = واستيقظت في هدأة الأسحار
هل لي إلى ربع الحقيقة عودة = ليفوح نشر العطر من أزهاري ؟
ويعود للطير الأليف غناؤه = بين الزهور على النمير الجاري
حتى أرى البحر الحبيب مصفقاً = طلق الشواطئ ضاحك التيار