لاحظنا كما لاحظ غيرنا أن زعماء العالم الأول ليس بينهم وبين رجال الإعلام في دولهم حاجز أو مانع أو عائق يمنع وصول أولئك الإعلاميين الى المسؤول وسؤاله وطلب الاجابة على ما لديهم من استفسارات صحفية وإعلامية عما يدور داخل دولتهم أو خارجها من حوادث وأمور يرون أنها تستحق التغطية الإعلامية, ونقل معلومات عنها للقارئ او المستمع أو المشاهد للصحف أو المذياع أو التلفاز. فنحن نرى اولئك الصحفيين وهم يُلاحقون زعيمهم وهو خارج من الاجتماعات ليسألوه فيجيب, وربما لاحقوه وهو يمارس رياضة الصباح أو المساء في حديقة منزله الرسمي أو وهو في طائرته الخاصة, أو عندما يكون خارجا من حفل مجاملة, وربما غطسوا معه في “المسبح” ومعهم أدوات التسجيل ليسجلوا أقواله عن آخر المستجدات في العالم. وبمعنى آخر فإن أولئك الزعماء قد جعلوا العلاقة بينهم وبين الصحافة في بلدانهم علاقة مفتوحة تتسم بالثقة المتبادلة بين الجانبين وهم بذلك يؤكدون على مدى احترامهم لرسالة الإعلام وللإعلام في بلدانهم ولمن يعملون في هذا الحقل الحضاري الهام, أما إذا كان الإعلامي من دولة اخرى غير الدولة التي يحكمها أولئك الزعماء فإنهم لا يتحمسون لمقابلة الصحفيين من خارج دولهم, خاصة إذا كان أولئك الصحفيون قادمين من دول العالم الثالث حيث لا ينظر الى الإعلام ورجاله نظرة محترمة, ولذلك فإن الصحفي القادم من العالم “الثامن” يطير فرحا وقد يصاب بالغرور اذا ما فاز مرة في العمر بلقاء زعيم من زعماء العالم الأول عبر الصحافة او الاذاعة او التلفاز, وربما أخذ “صاحبنا” يحدث عن انجازه الفريد أولاده وأحفاده دهراً طويلا وهو غير مصدق أنه قد قابل صاحب الفخامة الرجل الأشقر أو الأحمر!
أما إذا جئنا لبعض زعماء العالم الثالث فإننا نجد الأمر “معكوسا” تماما فالواحد من هؤلاء الزعماء اذا ما جاءه صحفيون من خارج دولته فإنه يهش لهم ويذلل أمامهم السبل للحصول على لقاء معه أو أي معلومات صحفية يطلبونها ويرى أن ذلك فرصة جديدة لتلميع صورته خارجيا وتقديمه للعالم على انه الزعيم الأوحد والبطل الأمجد, خاصة إذا كان هؤلاء الصحفيون قادمين من العالم الأول.
أما اذا تجرأ صحفي من الدولة نفسها التي يحكمها ذلك الزعيم وفكر في اجراء حوار معه فإنه يجد امامه الكثير من المصاعب والعقبات واختلاق الاعذار بأن القائد مشغول ووقته لا يسمح بمثل هذه الأمور!, وهذا بطبيعة الحال يدل على مقدار ما تحظى به الصحافة والاعلام من احترام في العالم الثالث!!, لذلك نجد الإعلاميين في هذه الدول ينظرون بحسرة وألم وهم يرون زملاءهم الصحفيين القادمين من كل مكان, وقد فازوا بلقاءات عديدة مع زعماء لهم. أ/ محمد الحساني _ عكاظ