يقول أحد المهتمين العرب إنه خلال زيارته لدولة غربية شاهد مطعماً كُتب على مدخله: "ممنوع دخول الكلاب والعرب", ويقول: فطلبت مقابلة صاحب المطعم وقد بدا على محياه وتصرفاته الكبر, وسألته عن سبب تعليقه هذه اللوحة, فأجاب: لأني مقتنع بها، فسألته عن سبب اقتناعه؟!
فقال: هذا مطعم راق يأتي إليه الأمراء والوزراء وكبراء الناس, ولقد توافد عليه في الفترة الماضية مجموعة من الشباب العرب الذين يصرون على تحريك الطاولات حسب رغبتهم رغما عن الموظفين مما يسبب فوضى وإزعاجاً في المطعم ...
- تدب بينهم شجارات ويتحاورون ويقهقهون بصوت مرتفع جدا..
- يفهمون الابتسامة من إحدى النساء بشكل خاطئ .. فيبدءون بمعاكستها أو يحاولون دفع حساب طاولتها.. وهذا يسبب إحراجاً لها ولنا..
- بعضهم يغمس أصابعه في الصحن ويأكل من كافة أطرافه مما يثير اشمئزاز الزبائن..
- بعضهم يحك ظهره بالشوكة أو السكين..
ويتابع صاحب المطعم: إنه فقد كثيراً من الزبائن الكبار بسبب تصرفاتهم فقرر وضع حد لهذا الأمر.
بالطبع، إن مثل هذه اليافطة بإمكانها أن تستفز كل عربي حر ينتمي إلى العروبة والعربية بصدق, ومما لا شك فيه أن اليافطة التي علقت في الغرب على ذمة الراوي لا تخلو من عنصرية مقيتة بات الغرب الوكيل الحصري لها في العالم.
ولكن ليس هذا مجال حديثنا في مراجعات كما تعودنا, إنما ما نود الحديث فيه هو الوصمة التي التصقت في الأمة والتي تتمثل في أنها من ألد أعداء الايتيكيت والتشريفات في المطعم والمشرب والملبس.
من المسؤول عن هذه الوصمة على جبين الأمة التي علَّمت الناس في الدنيا فنون الايتيكيت وقواعد البروتوكول يوم أن كانوا لا يفقهون في ذلك شيئاً؟!, وهل الصورة المطبوعة في أذهان الغرب حول سلوكنا على الموائد وفي الأماكن العامة صحيحة أم هي من فعل الماكنة الإعلامية المغرضة ضد الإسلام والمسلمين؟!
لست أشك للحظة في التصيد الذي تمارسه الماكنة الإعلامية الغربية للمسلمين
ولكن من الزاوية الأخرى للموضوع فإن السلوك العربي ساهم عبر سفرائه من الطلبة والمهاجرين والسائحين وعبر أفلامه السينمائية في تشكيل الصورة الذهنية حول الإنسان العربي الذي تقشعر منه الأبدان على موائد الطعام والذي على عداء مع التناسق والأناقة والسلوك المهذب..
نعم إن جزءًا كبيراً مما استخدمه الغرب في الهجوم على العرب والمسلمين هو "من عند أنفسكم", وللأسف عمد الغرب على سحب هذه السلوكيات غير المؤدبة إلى كل ما هو عربي على هذه الأرض, ليس هذا فحسب بل والأدهى أنه خلط بين العرب والعروبة وبين المسلمين والإسلام.
لا يمكن لهؤلاء الشبان الذين استفزوا صاحب المطعم لأن يكتب ما كتبه، أن يكونوا تربوا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك", أو أن يكونوا قد وعوا قول الله تعالى على لسان لقمان "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" لقمان ,
ثم أين هم من دستور التعامل الراقي مع الضيف في قوله تعالى :"{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } الذاريات
إن قمة الجحود والبهتان أن توصف العروبة أو الإسلام باللااتيكيت أو باللاأناقة, والمسئول الأول والأخير عن تصحيح الصورة هم العرب والمسلمون أنفسهم, لأن الذي أشعل النار في البيت هو الأقدر على إخمادها.