كتب المقال :يوسف القبلان
لجأ صاحب مطعم في إيطاليا إلى اعطاء تخفيض للزبون الذي يتصف بالتهذيب.
في هذا المطعم إذا دخل الزبون وقال: (صباح الخير) يحصل على تخفيض، وإذا كان مبتسماً يحصل على تخفيض أكثر ويبدو أن صاحب المطعم أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد فهو يجذب الزبائن وفي نفس الوقت يحاول المساهمة في تخفيض جو الكآبة، وإيجاد بيئة صديقة مبتسمة داخل المطعم لعلها تنتقل الى خارج المطعم.
وقد تعودنا حين نسافر الى بلد جديد أن نسأل: هل الناس في ذلك البلد يميلون للصداقة وهل يتعاملون بشكل جيد مع الغرباء.
ولكن ماذا عن البلد الذي نعيش فيه؟
يقول أحد الأصدقاء أنه أحياناً يلاحظ أن بعض المقيمين في مجتمعنا لا يتمتعون بروح الصداقة كما كانوا من قبل بل أصبحوا يتجنبون وبالكاد يردون على التحية. و يتساءل الصديق هل هذه هي حقيقتهم أم ماذا؟
ولكن في الجانب الآخر ملاحظة أخرى وهي أن بعض المقيمين يصابون بالذهول والفرحة في وقت واحد حين نبتسم لهم ونسلم عليهم ونسألهم عن أحوالهم بل أن بعضهم يسأل: هل أنت سعودي؟
وهذا سؤال مؤلم لأنه يتضمن الاتهام بأننا أصبحنا نميل الى الانعزال وعدم الرغبة في تكوين صداقات مع الآخرين، وهذا سلوك يصعب تعميمه ولا تصعب ملاحظته.
ولا تصعب أيضاً ملاحظة أن وسائل الاتصال الحديثة لم تعد وسائل اتصال بل أصبحت جدراناً عازلة بين الناس.
كان يمكن أن تكون جسوراً للعلاقات لكنها أي تلك الوسائل حظيت بكل الوقت وتحولت إلى غاية لا وسيلة وأصبحت هي الصديق، والرفيق في كل وقت وكل مكان حيث أن مستخدمها يعتني بها ويرافقها ويضحك معها ويستحيل أن ينساها أو يستغني عنها.
أعود الى ما بدأت به وأقول إذا كنا نبحث عن التعامل الانساني وروح الصداقة في البلدان التي نسافر إليها فإن من يسافر إلينا ويعمل معنا هو الآخر لديه نفس الاحتياج خاصة أنه أتى برغبتنا.
السؤال هو، من أين تأتي المبادرة؟
وأرى أن ثقافتنا الاسلامية يفترض ان تدفعنا للمبادرة بالسلام، والتعارف، والتعاون، في الحالات التي تستدعي ذلك.
كما أن ثقافتنا الإسلامية تدفعنا إلى احترام الجميع والابتعاد عن الاستعلاء والسخرية، ولنتذكر أن أي سلوك من هذا النوع لن يساعدنا في كسب الأصدقاء، ولا في الحوار مع الآخرين، وسوف يسيء إلى ثقافتنا وبلدنا ولنتذكر أيضاً أن هذا هو ما يفعله بعضنا مع الأسف!
ولنتذكر أن من يفعل ذلك فإنه حين يسافر الى أي بلد ما فإن السؤال الذي يقلقه هو "هل الناس يتمتعون بروح الصداقة؟"