مع أنك مهتم بحالك، وتسير بجانب كل حيطان مدينتك مردداً: "يا الله.. السلامة"، ومتسالم مع نفسك التي اعتدت عليها، وتصل معها لحلٍ وسط حين ترتكب شيئا من حماقاتك كإنسان، إلا أنك ستجد دائماً من سيتدخل بك، ما الطريقة التي عليك أن تدير حياتك بها، من المرأة التي من المحتمل أن ترتبط بها، كيف تلبس.. مع من تثرثر.. بل وحتى ما لون سيارتك الذي لن ينتقدك الناس عليه، فهناك دائماً من هم أعلم بك منك، وأقرب من الفهم مما أنت عليه حالياً.. ولديهم القدرة التي لا تنطفئ على حشر أنفسهم بين أفكارك وتوبيخك عليها.. فيصبح كل فردٍ أب محتمل لك وأنت ابنه البريء الذي يتهجأ الدنيا للمرة الأولى.. تشك للحظة بأنهم ونظراً للتقدم الهائل ربما عثروا على شفرتك التي يستطيعون من خلالها قراءتك، واختيار الأنسب لك.. أو أن أحدهم وظفهم ليصبحوا مرشدين لك حتى لا تتوه، فهم - مع أنك لم تشتكِ لهم عن سوء هضمك ليومك - مسؤولون عن أفعالك وستجدهم على الدوام يرددون: "قم عند الساعة السادسة صباحاً، ارقص الباليه بالصالة، تناول وجبة إفطارك بيضاً، وارتد شماغاً هذه المرة، ثم تذكر أننا نحبك".. وما دخلكم أنتم بأي ساعة أستيقظ؟ وافرضوا أني لا أتقن إلا السامري.. وأن البيض يسبب لي حساسية كوصايتكم هذه، ما الذي سيتغير بحياتكم حين أفطر فولاً؟
الجدير بالخيبة أن الحكاية امتدت لتصبح هذه الأيام موضة كتابية ونافذة تسويقية، وكأن من يقرأ سنة أولى حياة ينتظر من السيد "فعل أمر" أن ينتشله من غياهب الجهل، وبراثن الضياع.
أيها السادة الموهومون بالمسؤولية عنا، نحن بشر نفعل الأخطاء لأننا كذلك، وإلا لكنا ملائكة.. نسعى لأن تكون حياتنا جيدة دون تنظيركم وجملكم تلك التي تبدأ بأفعال الأمر. شكراً