فلسفة ما بين المادة والعقل
" .. ما قيمة هذه الفلسفة التي لا تستطيع أن تعلّمني كيفَ أو لمـاذا أحرّك يدي؟!
للفلاسفة اليونان مذهب التثنية وهو تقسيم عناصر الوجود إلى قسمينِ هائلين عظيمين هما : العقل ، والمادة - هذا ما أتجه إليه بنوع خاص الفيلسوف أريسطاطاليس وجلّ من ينتمي إلى الفلاسفة حتى عصرنا الحديث .
هذا المذهب يناقض مبدأ المادييين - مبدأ ديمقريطويس في الوحدة الماديّـة . ديمقريطويس هو أبو الماديين وزعيم الفكرة التي لا يزال عليها الماديون .
إلا أنّ فلاسفة اليونان لم يفصلوا بين المادة والعقل ولم يحددوا العلاقة بينهما ولم يميّـزوا نوع هذه العلاقة بين المادة والعقل ، حتى قام الفيلسوف الفرنسي ديكارت بتحديد كلاً منهما والفصل بين المادة والعقل فصلاً تامـاً وحدد أيضاً الاختلاف التّـام بين المادة والعقل بل قال إنّ المادة نقيض العقل والعقل نقيض المادة فلا تشابه أو مماثلة أو حتى علاقة بينهما .
فخاصيّة الجسم المـادي الامتداد ، وخاصيّة العقل التفكير وكلاهما مستقل بذاته متوحد بنطاقه ، فلا يمكن أن يكون بينهما أيّ نوع من التفاعل أو العلاقة السببية .
هذا رأي ديكارت ، وهو رأي مقنع في حقيقة المادتين وخواصهما إلا أنّ هذا الرأي لا ينطبق واقعاً فيما يناط فعله في أمور شتّى ، فالإرادة للإنسان أمر عقلي يصاحبها امتداد وفق المعطى العقلي فامتزجت المادة والعقل في علاقة مجهولة .
إذ كيف يمكن لهذه الحركة الجامعة للعقل والمادة . والعقل والمادة شيئان متناقضان حتما وليس لهما علاقة سببية بوجه من الوجوه كما يذهب إليه ديكارت وأوقعه في حيرة عظيمة .
الحيرة نفسها يبدو أنها وقعت للفيلسوف الفرنسي أيضاً فولتير ، حينما تمثلّت له هذه العلاقة في حركة اليد وكان بذهب إلى ما يذهب إليه رأي ديكارت ، فقال ما قاله أعلاه .
فصار فولتير يراسل بهذه العبارة أصدقاءه من أهل الفلسفة حين وقع في حيرةٍ عظيمة لم ينفكّ عنها حتى أذعن واستطاب له لقب ( الفيلسوف الجاهل ) .
مـــنـــقـــــول