ما أحلى أن نرتشف قليلاً من قهوة الصباح عند مباشرتنا لأعمالنا كل يوم . حيث أن لها نكهةٌ خاصة بذلك الجو البارد , الذي بسببه إرتدينا الملابس الشتوية , و أشعلنا المدفأة , ليتخلل الدفء إلى أجسامنا . و يُشعرنا بالراحة , ولكن سرعان ما يتم توزيع الصحف اليومية على الموظفين لقرائتها وقت فراغهم . و عندها نبتسم قليلاً عندما نشاهد بعضاً من محتوياتها , فهناك رجال الهيئة قاموا بمداهمة منزلٍ لبيع الخمور , وهناك مداهمة منزل وافدٍ إستخدمه للدعارة و الفساد . و هناك نرى أن رجال حرس الحدود قاموا بإحباط عملية تهريب كمية من الحشيش والهيروين الى داخل المملكة العربية السعودية . وهنا بالخط العريض إعانة الملك حفظه الله لمنكوبي جدة وما شابهها , والاحداث الجميلة كثيرة و متعددة . ولكن ليس بعد الابتسامة عند قراءة تلك الصحف الغراء الا انطفاء الابتسامة و عَبَس الوجوه , عندما نشاهد ذلك الفقير الذي يعاني من قلةِ حيلته , وقد سكن بيوتاً من الخشب وُضع فوقها سعف النخل سقفاً ,والبرد القارس جمدهم بعد أن حرقتهم شمس الصيف قبل عدة أشهر , ويعلو الخبر صورته مع ابناءه يناجي الله جل في علاه ثم يناجي المسؤول عنه أمام الله . بأنه لا يستطيع إطعامهم ولا كسوتهم كباقي الناس , فيرفع يديه متضرعاً الى الله بأن يحميهم ويرزقهم ويبدل لهم الى الأحسن . وبالصفحة المقابلة نجد من اشتد عليه مرضه و رقد بمستشفاً حكومي , مفتقداً الخدمات التي تُعطى لغيره من كبار الشخصيات , ونشاهد ايضاً من طُرد من وظيفته التي رأى مستقبله نيراً فيها جراء خطأً بسيطاً قام به غير متعمداً , وهذا أكبر ما يعانيه موظفي القطاع الخاص , فهم على شفا حفرة تهوي بهم الى الجحيم . ولن يتم إنقاذهم الا بإبتعاد الدكتور غازي القصيبي عن منصبه , فكم من موظفاً شكا ضعفه بإحدى زوايا تلك الصحيفة ولم يسمعه أحد ليسعفه , وكم من رجلاً أُهين على يد غازي القصيبي , فعلاً إنه غازي كما اسماه ابوه , فهو يغزو بقراراته كل حين ليضحي بأحد أبناء هذا الوطن الغالي , ولعلكم قرأتوا قصة الشاب الذي تم ابعاده من منصبه من قِبل ذلك الوزير الجشع العلماني , فطلق زوجته لأنه طُرد من شقته التي كانت تضمه هو و ابناءه . و لأنه لم يعد قادراً على توفير المصروف المعيشي لأهل بيته , فأخذ أثاثه و وضعه على قارعة الطريق أمام بوابة تلك الادارة التي كان يعمل بها , لعل أحداً يراه ويعيد الأمل إليه , ولكن :: لا مجيب :: فقد هُدم كل ما بناه ونزلت دموعه أثناء تحدثه مع الصحفي الذي نقل الخبر . كم آلمتني رؤية دموع الرجال وقهرهم .
أعزائي الأعضاء , أكتفي بطرح هذا القدر من المعاناة التي نراها مع بزوغ فجر كل يوم بصفحات الصحف اليومية . و أريد سؤال من عنده علم بذلك .
- هل الملك حفظه الله ( تصله هذه الصحف ) كما أن تصلنا ؟ أم أنه تُطبع له صحف يومية خاصة و معقمة من هذه الأخبار المؤسفة . من ظلم وفقر وغيره مما يُطعن به الشعب في نحورهم و تقص أيديهم عن الكفاح .
سيدي , هنيئاً لك بالدفء , وهنيئاً لك بالصحف التي يطبعها كبار الشخصيات لك خصيصاً , حتى لا تحاسبهم على إهمالهم . فكلنا يعلم علم اليقين بأنك لن تسكت عن هذا الظلم لو أنك رأيت ذلك بأم عينك , بل سوف تقيلهم من مناصبهم هذا اذا لم يتم سحب الجنسيات منهم وإرجاعهم الى بلدانهم الاصلية . ولكن كما نعلم بذلك . فإننا نعلم حق اليقين بأن الصحف التي نقرأها كل يوم لم ولن تصلك , فهؤلاء الوزراء أستخدموا عقولهم و أفكارهم بكل الطرق التي تملأ جيوبهم . لأنهم متوهمون ومتأثرون و يؤمنون بلعبة .( البقاء للأقوياء ) . ونسوا أن ملك الملوك هو من نظر قبل أن تكتب تلك الصحف . وهو الرؤوف الرحيم , و هو شديد العقاب .
كتبه
قايد الفوج
19/2/1431هـ