لقد غدا كشف الوجه في زماننا أمرا أشبه بالواجب ! عند كثير من أخواتنا..فإذا قمت بنصح إحداهن..
ثارت واستشاطت وعدتك معقدا أو خارجا عن الجادة أو الفهم الحقيقي للإسلام..
وأهل الحق ليس هذا منهجهم..فالذي يبيح كشف الوجه..ليس من حقه أن يعنّف على من ينصحه..
كما أنه ليس من حق الناصح أن يثرّب على التي ترى -حقا-جواز كشف الوجه ..أي مستندة في ذلك إلى الدليل الذي ترجح عندها..لا من باب الترخص واختيار الأسهل..
وبشرط ألا يتضمن في ذلك فتنة للرجال..فالإجماع حاصل عند أئمة أهل العلم أنه في حال خشية الفتنة تكون تغطية الوجه واجبة..وإليكم ملخص أقوال أصحاب المذاهب الأربعة:-
أول-الأحناف..
قال ابن عابدين في رد المحتار :
تمنع المرأة الشابة و تنهى عن كشف الوجه بين الرجال لا لأنه عورة بل لخوف الفتنة أي : تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة
ثانيا-المالكية..
قال ابن خويز منداد ـ: المرأة إذا كانت جميلة و خيف من وجهها وكفيها الفتنة ،فعليها ستر ذلك
ثالثا-الشافعية..
قال الباجوري في الحاشية :عورة المرأة جميع بدنها عند الرجال الأجانب
رابعا-الحنابلة..
قال المرداوي في الإنصاف : المرأة كلها عورة حتى ظفرها
وبهذا يظهر أن الأحناف والمالكية يرون جواز كشف الوجه في أصله..ويوجبون تغطيته إن خشيت الفتنة..
بخلاف الشافعية والمالكية فيرون وجوب تغطية الوجه أصالة..من غير قيد..
وعندما تأملت في أدلة الطرفين..وجدت أن أقوى دليل عند المجيزين هو حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم..فلمحه النبي ينظر إلى مرأة خثعمية ..فصرف وجهه..
ولم يأمر المرأة بتغطية وجهها..فاستدلوا بجواز كشفه..
ويرد على هذا بأن هذا كان في الحج..والمرأة إحرامها في وجهها..
وبأنه لم يرد في النصوص أنه رآها غير النبي
صلى الله عليه وسلم والفضل..
وبأنه لايلزم من نظره إليها أن تكون كاشفة لوجهها..
وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل الاستدلال به..
أما أدلة القائلين بوجوب تغطية الوجه..فهي أقوى..وهي متضافرة وكثيرة..
وإذا علمت أن العلماء أجمعوا على وجوب تغطية القدمين..علمت أن الحق في تنزيه الشريعة الغراء التي هي من لدن حكيم خبير..عن الأمر بستر القدم وكشف الوجه الذي هو موضع الفتنة أصلا..
ومعلوم أن الخاطب إذا نظر للمخطوبة فإنه لايتحرى النظر إلى قدميها مثلا..
والخلاف بين العلماء يتلخص في تفسير الاستثناء المذكور في الآية
"ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"..
وقد أجرى العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله بحثا في لفظ "الزينة"..فتوصل إلى أن الزينة تطلق في اللغة على ما كان خارجا عن أصل الخلقة..أي ما تتزين به المرأة..
وذلك جلي بالتتبع والاستقراء..
-كقول الله تعالى "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها"..
-وقوله تعالى "خذوا زينتكم عند كل مسجد"..
وغير ذلك..
فيكون المعنى الراجح..كما فسره ابن مسعود رضي الله عنه..أي ما ظهر من الثياب التي لابد منها ..ولاقبل لها بتغطيته..فالمرأة النحيلة..تظهر نحافتها..وكذلك السمينة..بسبب ثيابها..
وإنه لمن المؤسف أن يكون عنترة بن شداد الشاعر الجاهلي
المعروف أكثر معرفة لأصول العفة والحياء من شباب اليوم ونسائه إذ يقول:-
وأغضُّ طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
ومما يدل أن الصحابة فهموا من آيات الحجاب الستر الكامل :
أن عمر رضي الله عنه أبصر أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها فقال: قد عرفناك يا سودة! ،-( ولم يكن يرى منها شيئا ولكن عرفها لأنها كانت امرأة جسيمة -أي ضخمة-) فانكفأت راجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عرق وكان يتعشى عليه الصلاة والسلام فأخبرته بالواقعة فأمسك صلى الله عليه وسلم عن العشاء وعلته الرحضاء فلما سُرِّى عنه الوحي قال :إن الله قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن
منقول من بحث
قام به الأخ أبو القاسم من موقع سبيلي