هل من الممكن أن يتحول الدواء إلى داء! وأن يتحول علاج مرض ما إلى مسبب لآخر! للأسف هذا ما يحدث عند استخدام بعض الأدوية، وهو في الغالب نتيجة لا مناص منها للتفاعلات الجانبية للدواء نفسه. سوف نتحدث في هذا المقال عن جانب واحد من العوارض الجانبية وهي الحساسية بشكل مبسط وواضح.
علاقته بالعوارض الجانبية :icon108:
على الرغم من كثرة أمراض التفاعلات الجانبية للأدوية إلا أنها من الممكن أن تندرج تحت قسمين واسعين:
الأول: متوقع، وهو في الغالب معتمد على كمية الجرعة المتناولة وله علاقة مباشرة بميكانيكية عمل الدواء وفعاليته أيضًا.
الثاني: غير متوقع، وهو بالتالي غير معتمد على كمية الدواء المتناول ولا حتى على ميكانيكية عمله، بل يرتبط بمدى استجابة الجهاز المناعي للمريض اعتمادًا على خصائصه الوراثية أو مدى استثارة الجهاز، وغالب عوارض حساسية الأدوية تقع ضمن نطاق هذا القسم.
عوامل المرض :Icon214:
تتداخل العديد من العوامل والأسباب عند الحديث عن الحساسية (Allergies) الناتجة عن الأدوية، إذ إن التفسيرات المتداولة لا تعدو نظريات غير قطعية ولعلنا نجملها في نقاط محددة:
ـ عوامل وراثية: خصوصًا لدى المرضى الذين سبق لهم الإصابة بالالتهاب الأنفي الأرجي، أو ضيق قنوات التنفس، أو الالتهابات الجلدية.
ـ الأدوية المسببة لما يطلق عليها بالتفاعلات الذئبية.
ـ عمر المريض، حيث وجد أن الأطفال أقل إصابة بالحساسية من كبار السن، قياسًا على محدودية استعمالهم للدواء.
:011:
ـ جنس المريض، إذ تشير الأدبيات العلمية إلى ارتفاع نسبة إصابة النساء بالحساسية مقارنة بالرجال.
ـ الإصابة بمرض محدد: كالحساسية الحاصلة لدى مرضى نقص المناعة المكتسب (الإيدز) مع المضاد الحيوي (oxicillin and Clavulanic acid) والأمثلة متعددة.
ـ استخدام سابق لدواء، خصوصًا إذا سبب حساسية للمريض حال استخدامه في المرة الأولى، وهذا قد يحدث حتى مع الأدوية المتشابهة في التركيب الكيميائي أو المناعي للدواء المستخدم سابقًا.
ـ عوامل متعلقة بالدواء ككمية الجرعة وعدد مرات تكرارها، فضلاً عن طريقة أخذ الدواء، فمثلاً أخذ الدواء بحقنه في العضل يسبب تحسسًا أكثر من تعاطيه عندما يحقن بالوريد.
نسبة الحدوث: :Icon214:
نسبة حدوث الحساسية من الأدوية قليلة جدًا وتتراوح ما بين (2% إلى 25%) إلا أنها لا تزيد على 4% بالعادة. ففي دراسة شهيرة على حوالي 36 ألف مريض منوم سريريًا وجد أن 731 مريضًا منهم كانوا مرضى لعارض جانبي لدواء تم استخدامه في فترة ماضية. وهذا لا يعني إصابتهم جميعًا بأحد عوارض الحساسية.
كيف تحدث الحساسية؟
عوارض الحساسية غالبًا ما تفسر بأنها نتيجة تفاعل الدواء الكيميائي مع البروتين الحامل، هذا يؤدي إلى إنتاج خلايا ليمفاوية تساعد على إنتاج مضادات من نوع Ig وخصوصًا أحد الأنواع الثلاثة الآتية:
أ ـ IgG.
ب ـ IgE.
ت ـ IgM.
وقد قسم العلماء التفاعلات المؤدية إلى عوارض الحساسية إلى أربعة أنواع نذكر ثلاثة منها عطفًا على أهميتها:
ـ التفاعل الاستهدافي: :027:
يحدث عند التعرض الأولي للأنتيجين فيؤدي إلى تكون أجسام مضادة، وعندما يتعرض المريض للدواء مرة أخرى فهذا يقوده إلى تفاعل الأنتيجين مع الأجسام المضادة المكونة سابقًا مسببًا خروج عدد من المواد كالهستامين أو غيره، وأعراضه تتراوح ما بين الحكة البسيطة إلى الأرتكاريا، وقد تتطور الحالة إلى تقلص القصبات الهوائية ومن ثم فشل للتنفس، أو انخفاض لضغط الدم الانقباضي ثم الموت.
ـ تفاعل الخلية السمّي:
قد تتطور مراحل التفاعل الاستهدافي إلى أن يحدث تفاعل يؤدي بشكل ما إلى تكسير الخلايا، كخلايا الدم الحمراء، مسببًا أحد أنواع الأنيميا.
ـ الالتهاب الجلدي:
والذي يحدث نتيجة اتحاد الخلايا الليمفاوية مع الأنتيجين.
كيف تشخص العوارض؟
:Icon214:
لابد في البداية من الحصول على جميع التفاصيل الممكنة بخصوص الأدوية التي يتعاطاها المريض، وخصوصًا تاريخ وكمية استخدامها، ويتم التأكد من كون الأدوية سببًا لهذه الحساسية بوساطة ملاحظة ما يلي:
حدوث عوارض حساسية محددة للمريض جراء تعرضه لدواء معين.
لا بد من تحديد خصائص العوارض الجانبية وخصوصًا الحساسية الناتجة عن الأدوية عند التعرض للدواء مرة أخرى.
معرفة الجرعة وتاريخها ومدة تعرض المريض للدواء بشكل دقيق.
سؤال المريض عما إذا تعرض لأدوية مشابهة سواء من ناحية التركيب أوالتأثير.
ملاحظة تغير التأثير الجانبية أو توقفها حال توقف تعاطي الدواء.
ملاحظة درجة وكيفية استجابة المريض للتعاون على برنامج العلاج.
تنفيذ أحد اختبارات الحساسية كحساسية الجلد، فمثلاً من أشهر الأدوية التي قد تسبب الحساسية (Penicillin) حيث يستخدم بكميات قليلة جدًا لقياس حساسية الفرد تجاه المضاد الحيوي المذكور.
في النهاية :020:
على الرغم من نصيحة المتخصصين بأهمية الابتعاد عن الأدوية المثيرة للحساسية إلا أنه لابد من التذكير بأن نسبة حدوث التحسس من الأدوية لا تكاد تذكر، لذا فلا داعي للهلع من استخدامها، مع تأكيد ضرورة استشارة الصيدلي أو الطبيب المعالج.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقول