الاستقامة: هي درجة بها كمال الأمور وتمامها، وبوجودها حصول الخيرات، ومن لم يكن مستقيمًا ضاع سعيه وخاب جهده، ومن استقام نال أجر الدنيا والآخرة، قال تعالى: ) إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (. وقال عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
فلا خوف، ولا حزن، وبشرى بالجنة، وولاية الله تعالى لهم في الدنيا والآخرة، ثم حصول النفس على كل ما تشتهيه.
ولمعرفته - صلى الله عليه وسلم - بقيمة الاستقامة أجاب سفيان بن عبد الله الثقفي لما سأله: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك، وفي رواية "غيرك" قال: "قل آمنت بالله ثم استقم".
وما أعطيت الاستقامة كل هذه القيمة إلا لأنها حقيقة الإيمان، وهي العبودية الحقة لله تعالى، والاستعانة به وتوحيده وتنزيهه -عز وجل-، وأما طريقها فهو الالتزام التام بهذا المنهج دون إفراط أو تفريط، وهو أمر شاق وعسير، لذلك قال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ). قال عمر -رضي الله عنه-: الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب، وقال الحسن البصري -رحمه الله-: هم من استقاموا على أمر الله، يعملون بطاعته، ويجتنبون معصيته، وقال ابن تيمية -رحمه الله-: استقاموا على محبته وعبوديته فلم يلتفتوا عنه يمنة أو يسرة.
وقد أوضح رسولنا -صلى الله عليه وسلم- سبيل حدوث الاستقامة بقوله: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه".
فالاستقامة وراءها الخير الكثير والفضل العظيم في الدنيا والآخرة، فإذا أردت أن تحيا في الدنيا والآخرة بلا خوف ولا حزن، وأن تنال ولاية الله في الدنيا والآخرة، وأن تبشر بالجنة، وتفوز بكل ما تشتهيه النفس، قل: آمنت بالله.. ثم استقم