بات من الضروري ايجاد توازن جديد بين المجمعات الصحراوية والموارد الزراعية الصحراوية ومن بينها الترب الصحراوية، ومن الطبيعي ان يتوجه هذا التوازن الجديد الى دعم المحاولات الرامية الى حل مسألة تزايد السكان مع ضعف كفاية الترب المنتجة زراعياً،
والكثير من البلدان تنشد الخروج من ضائقتها الزراعية فتحاول جاهدة الى تغيير صيغة هذا التوازن باستمرار ودفعه باتجاه العناية بنواقص (الترب الصحراوية)..
وفي هذا التوجه تناول خبير الاقتصاد الزراعي (د.وليد العكيدي) في بحثه موضوعة استصلاح الترب الصحراوية او اعمارها موضحاً ان (الصحاري العراقية) في غربة تمثل مساحات كبيرة جداً تكاد تكون ثلث مساحة البلاد، وتبلغ مساحة الهضبة الصحراوية 270,000 كم2 اي ما يعادل 59% من مساحة العراق، وان الصفة المميزة للهضبة الصحراوية هي كثرة الوديان التي تخترقها والتي تنحدر باتجاه الجنوب الشرقي حيث تصب معظمها في نهر الفرات، د.وليد اشار الى ان هذه الميزات للصحراء يمكن استغلالها في اقامة الحواجز والسدود للاستفادة من المياه في العمليات الزراعية، وعن امكانية قيام مشاريع الاستزراع من خلال اقامة السدود العملاقة وبين انه قد يبدو ظاهرياً ان تنفيذ مثل هذه المشاريع غير عملي او اقرب الى الخيال، معتبراً تصميمها على شكل سدود صماء (بدون بوابات) اجدى وانفع من حيث استخدام (الركام الصخري) المحلي القريب من الوديان لاقامتها ورخص تكاليفها، د. وليد اوضح اهمية هذه السدود اذا ماقيست بالنسبة للتكاليف الباهظة التي تتحملها بعض الدول لاستغلال اراضيها مثل (مصر ) وفي موضوع تحقيق مستوى التنمية الزراعية المطلوب اوضح د. وليد ان اكبر المناطق التي لا تسقط الامطار في اراضيها تضطر الى (حفر الابار) والى عمق عشرات المئات من الامتار وهذه العمليات تكلف اموالاً باهظة، فضلاً عن ان الترب المستعمرة بهذه الطريقة تعاني من مشكلة نفاذية التربة، ان كل هذه النفقات يمكن تفاديها من خلال عملية اعمار الترب الصحراوية موضحاً ان وجود كميات كبيرة من الاملاح في السهل الرسوبي دفعت دوائر الدولة الزراعية للعمل من اجل انقاذ تلك الترب من هذا الوباء عن طريق عمل المبازل وفروعها والتي تكلفها اموالاً طائلة هي من حيث المقدار اضعاف مضاعفة تكلفة انشاء السدود الصحراوية، وأكد ان عدم وجود ضغط سكاني في الوقت الحاضر والمستقبل القريب في البلد لا يعني عدم التخطيط للمستقبل والاستعداد للزيادة المتوقعة والتفكير بمساحات اراضي جديدة للتوسع مستقبلاً بالزراعة، د. وليد ربط تجارب البلدان المختلفة في مشاريع اعمار الصحاري بالاعتماد على كيفية وتوقيتات فعاليات معينة منها اقامة السدود والمسطحات للاستفادة من مياه الامطار المتجمعة على هيئة سيول مارة في الممرات المائية، واستحداث قنوات اروائية جديدة يفضل ان تكون مبطنة وتأخذ المياه من اقرب مصدر مائي واقامة مزارع اروائية محمية بمصدات الرياح ومانعات التبخر والعمل على زراعة المحاصيل الملائمة للبيئات الصحراوية..
مــــنــــقـــــــول