التعريف
هو أحد المذاهب الاربعة، اسسه الامام محمد بن ادريس الشافـعي الذي اعتمد على الجمع بين مدرستي الرأي والحديث، ويعد من الاوائل الذين وضعوا علم الاصول، وكانت مصر هي المكان الذي صدر عنه هذا المذهب، وتبلور مذهباً فقهياً مستقلاً في اوائل القرن الثالث الهجري.
عوامل الظهور
ـ تلقى محمد بن ادريس الشافعي الفقه والحديث على يد مالك، والرأيَ على يد محمد بن الحسن الحنفي، ونظراً لتمتعه بالثقافة الواسعة والقدرة الفائقة على الجدل فقد استطاع أن يرسم لنفسه منهجاً وسطاً جمع فيه بين مدرستي الرأي والحديث، تمخض عنهما المذهب الشافعي.
ـ ولعل أهم العوامل التي هيأت للشافعي أسباب النجاح في مصر هي :
أ ـ كان معروفاً بأنه تلميذ لمالك وخريج لمدرسته، وكان لمالك هناك ذكر ولمذهبه انتشار، فقوبل الشافعي بالعناية.
ب ـ نشاط الشافعي وعلّو همته وتفوقه بالأدب ومعرفته باللغة واحاطته بأقوال مالك وأقوال أهل الرأي وانتصاره لمذهب أهل الحديث ج ـ اشتهار قرشيته، واحتجاجه بالانتساب للنبي (ص) وهذا له أثره في قلوب المسلمين.
د ـ صلته بحاكم مصر الجديد عبد الله بن العباس بن موسى.
هـ ـ اهتمام الخليفة العباسي هارون الرشيد بالشافعي.
و ـ الدعم الاعلامي المتمثل بكثرة الروايات المنسوبة للنبي (ص) بحق الشافعي أو سرد الرؤيا « الاحلام » من قبل انصاره.
النشأة والتطور
الشافعي هو الذي نشر مذهبه بنفسه، وسبب انتشار مذهبه ما قام به من الرحلات المتعددة بين بغداد والمدينة حيث ينتشر مذهب أهل الرأي وأهل الحديث، فاخذ الشافعي منهجاً وسطاً بين الفريقين فأوجب العمل بالحديث اذا كان صحيحاً وان لم يكن مشهوراً، وكذلك أخذ بالقياس في المسائل التي لم يكن فيها نصّ. فبذلك أقبل عليه أهل الحديث ورضى عنه أهل الرأي.
ـ حظي المذهب الشافعي بتأييد الحكام الايوبيين، ولما خلفت دولة المماليك البحرية * دولة الايوبيين لم تنقص حَظوة هذا المذهب فقد كان اغلب سلاطينها من الشافعية.
كان للمذهب الشافعي رجالات حملوا على عاتقهم نشره في بقاع العالم الاسلامي، امثال خالد بن اليمان البغدادي، والحسن بن محمد الصباح الزعفراني، ويوسف بن يحيى البويطي المصري.
الافكار والمعتقدات
ـ طريقتهم في الاستنباط هي احتجاجهم بظواهر القرآن حتى يقوم الدليل على ان المراد بها غير الظاهر ثم بعد ذلك يستدلون بالسنّة، ثم بعمل الاجماع، وان لم يجدوا فبالقياس.
ـ قالوا : بجواز رؤية الله يوم القيامة مستدلّين على ذلك بجواب الامام الشافعي الى أهل الصعيد عند ما سألوه عن قوله تعالى : « كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون »، فأجابهم : لما حجب قوماً بالسخط دل على ان قوماً يرونه بالرضا، وسئل : أو تدين بذلك ؟
قال : والله لو لم يدن محمد بن ادريس انه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا.
ـ عملوا بخبر الآحاد مادام الراوي ثقة ومادام الحديث متصلاً بالرسول الكريم.
ـ قالوا بأن صلاة الجمعة لا تنعقد الا بأربعين نفساً.
ـ لايؤمنون بحجية الاستحسان ورفضوا الأخذ به.
ـ قالوا بوجوب معرفة احكام الايمان والاسلام في الجملة وقالوا أصل الايمان المعرفة والتصديق بالقلب.
ـ وفي الامامة رووا ان القرشي العادل اذا تغلب فبايعه المسلمون بيعة صحيحة راضين مرضيين تكون بيعته صحيحة وان تأخرت عن الولاية التي نالها بالغلبة.
ـ اعتمدوا في الحديث على صحاحهم الستة.
أبرز الشخصيات
1 ـ محمد بن ادريس الشافعي
2 ـ يوسف بن يحيى البويطي المصري
3 ـ اسماعيل بن يحيى المزاني المصري
4 ـ الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي
5 ـ حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي
6 ـ محمد بن احمد المعروف بالحداد
7 ـ خالد بن اليمان البغدادي
8 ـ الحسن بن محمد الصباح الزعفراني
مواقع الانتشار
أنتشر المذهب الشافعي في مصر وفلسطين وعدن وحضرموت وفي العراق والباكستان والعربية السعودية وهو المذهب الغالب في اندونيسية.
أحداث ووقائع
ـ ذكر رجل للشافعي يوماً مسألة، فأجاب عنها فقال له الرجل : خالفت علي بن ابي طالب (ع) فقال الشافعي : « ثبت لي هذا عن علي بن ابي طالب حتى أضع خدي على التراب وأقول قد اخطأت وأرجع عن قولي الى قوله ».
ـ حضر الشافعي يوماً مجلساً فيه بعض الطالبيّين فقال : لا أتكلم في مجلس يحضره أحدهم (أي الطالبيين) هم أحقّ بالكلام مني ولهم الرياسة والفضل.
ـ لما سمع الشافعي ان بعض الناس رموه بالتشيع أنشد وقال :
اذا نـحـن فـضـلـنا علياً فإننا * روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل
وفضـل ابي بكر اذا ما ذكــرته * رميت بنصب عند ذكراي للفـضل
فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما * أدين به حتى أوسّـد في الرمــل
من ذاكرة التاريخ
اتهم الشافعي مع تسعة من العلويين في اليمن بالخروج على الدولة العباسية فألقي القبض عليهم جميعاً، وكان إذ ذاك يتولى عملاً بنجران، فأرسلوا الى بغداد وضربت رقاب العلويين وجاء دور الشافعي فقال : مهلاً يا أمير المؤمنين فإنك الداعي وانا المدعو، وانت القادر على ما تريد مني ولست القادر على ما أريده منك، يا أمير المؤمنين ما تقول في رجلين يراني احدهما اخاه والآخر يراني عبده أيّهما أحبّ اليّ ؟ قال : الذي يراك أخاه. قال : فذاك أنت يا أمير المؤمنين، انكم ولد العباس وهم ولد علي ونحن بنو المطلب، فأنتم ولد العباس تروننا اخوتكم وهم يروننا عبيدهم.
قال الشافعي يوماً : كان في عليّ اربع خصال لا تكون خصلة واحدة لانسان الا يحق له ان لا يبالي بأحد : كان زاهداً والزاهد لا يبالي بالدنيا واهلها، وكان عالماً والعالم لا يبالي بأحد، وكان شجاعاً والشجاع لا يبالي بأحد، وكان شريفاً والشريف لا يبالي بأحد.
الخلاصة
المذهب الشافعي : هو أحد المذاهب السنية الاربعة اسسه محمد بن ادريس الشافعي الذي اعتمد على مدرستي الرأي والحديث، ووضع اصول الفقه، كانت بذرة هذا المذهب الاولى في مصر، وتبلور مذهباً فقهياً مستقلاً في أوائل القرن الثالث الهجري.
استطاع محمد بن ادريس الشافعي ان يرسم لنفسه منهجاً وسطاً بين مدرستي الرأي والحديث تمخض عنهما المذهب الشافعي، بعد ان تلقاهما على يد مالك ومحمد بن الحسن الحنفي.
المصادر
1 ـ الشنتناوي، خورشيد، دائرة المعارف الاسلامية، (بيروت ـ لبنان، دار المعرفة). احمد امين، ضحى الاسلام (بيروت ـ لبنان، دار الكتاب العربي، 1343 هـ. ق ـ 1935 م).
2 ـ د ـ علي محمد جعفر، تاريخ القوانين ومراحل التشريع الاسلامي.
3 ـ اسد حيدر، الامام الصادق (ع) والمذاهب الاربعة (بيروت ـ لبنان، دار الكتاب العربي، ط 2، 1390 هـ. ق ـ 1969 م).
4 ـ احمد بن علي الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (بيروت ـ لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، 1417 هـ ـ 1997 م).
5 ـ بوجينا غيانه، تاريخ التشريع الاسلامي، (بيروت ـ لبنان، دار الآفاق الجديدة، ط1، 1980 م).
6 ـ الخضري، تاريخ التشريع الاسلامي (بيروت ـ لبنان، دار الكتب العلمية ط9، 1390 هـ. ق ـ 1970م).
7 ـ السبكي، طبقات الشافعية (القاهرة ـ مصر، مطبعة عيسى البابي، ط 1، 1383 هـ.ق ـ 1964 م).
8 ـ د ـ علي محمد جعفر، تاريخ القوانين ومراحل التشريع الاسلامي.
9 ـ الزلمي، مصطفى ابراهيم، اسباب اختلاف الفقهاء، (بغداد ـ العراق، ط2، مط شفيق، 1986 م).
10 ـ الغزالي، محمد بن محمد ، المهذب في فقه الشافعي (القاهرة ـ مصر، دار احياء الكتب العربية الكبرى، ط 2، 1959 م).
11 ـ الامين، شريف يحيى، معجم الفرق الاسلامية، (بيروت ـ لبنان، دار الاضواء، ط1، 1406 هـ. ق ـ 1986 م).
12 ـ الجندي، عبد الحليم، الإمام جعفر الصادق (ع) (القاهرة ـ مصر، دار المعارف، 1986 م).
13 ـ النديم، الفهرست، (القاهرة ـ مصر، 1393 هـ. ق ـ 1973).
14 ـ ياقوت الحموي البغدادي، معجم الادباء، (بيروت ـ لبنان، دار الفكر، ط3، 1400 هـ. ق ـ 1980 م).
15 ـ محمد ابو زهرة، تاريخ المذاهب الاسلامية، (بيروت ـ لبنان، دار الفكر العربي).
منقول