وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ
قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (الروم:23)
قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47)
مضار السهر و العمل في الليل :
لقد ذكر الله أن من الأدلة الدالة على قدرته و عظمته هو منامكم بالليل والنهار ،
فسوف نطوف بالقارئ الكريم حول حقائق النوم ، و العمليات التي تتم داخل جسم
الإنسان أثناء النوم ، و النظريات التي فسرت النوم و إلى غير ذلك ، وذلك لنبين أن
النوم من العمليات المعقدة التي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى و قدرته .
الله تعالى لما خلق الإنسان و هو أعلم به قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
(الملك:14)، فهو صممه على أساس أن ينشط و يعمل في النهار و ينام ويستريح في الليل
، أما عندما يخالف الإنسان هذا النظام فإنه يعرض نفسه إلى مشاكل صحية فقد أجريت
دراسات على العمال الذين يعملون ليلاً فوجد أن ساعتهم الداخلية تضطرب بشدة ..!
كما أنها ستأخذ وقتاً ، حتى : " تتكيف " مع الوضع الجديد و تتعود عليه .
و قد تستقر بعض النشاطات الجسمية في وقت قصير ، مثل ضربات القلب ،
و إفرازات الإدراينالين و النور أدراينالين .. إلا أن نشاطات كثيرة أخرى قد تتطلب
أياماً و أحياناً أسابيع حتى تستقر ، و تتعود على " الدورة الجديدة " و " الوضع الجديد " !.
و خلال فترة " التكيف " و العودة هذه ، عادة ما يحدث أن الوظائف الفسيولوجية الجسمية
لا تكون قادرة على التآزر و التعاضد مع بعضها !.. و هذا بلا شك ،
يؤدي إلى تغيرات الإنجاز و تغيرات في الإتقان و الأداء !!.
كما سوف يقل الإنتاج ، و تقل القدرة على التركيز ، و يصاب الشخص بالأرق .
و ليس ذلك فحسب ! ... فمن الدراسات الطريفة التي قامت بها باحثة تدعى براون ،
هو أنها درست الحياة العائلية و الأحوال الصحية لعمال ورديات الليل والنهار ،
فتبين لها أنه تظهر عليهم أعراض النوم غير المنتظم ، فهؤلاء يتعرضون لقلة النوم
و الإرهاق .. فنومهم أقل مجلبة للراحة .. كما أن اضطرابات الجهاز الهضمي المعدي
المعوية منتشرة بينهم !.. و السبب في ذلك بالإضافة إلى قلة النوم ، هو أنهم عادة
ما يتناولون وجبات أقل انتظاماً و تغذية !.. و يستهلكون مقداراً أكبر من المنبهات مثل
الكافئين ( الشاي و القهوة ) و التبغ ، ( لاسيما في مناوبات الليل ) !.
كما أنهم يعانون من التفكك العائلي ! حيث أن ساعات العمل الشاذة تخلخل
المقاييس العائلية بخلقها جواً مناسباً للخيانة الزوجية !.. كما و يسبب التغرب
عن أفراد العائلة و الأصدقاء ، الذين يعملون في ساعات النهار العادية !.
قال تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلي يوم القيامة ،
من إله غير الله يأيتيكم بليل تسكنون فيه ؟ أفلا تبصرون ) [سورة القصص : 72].
لقد تمت بعض التجارب على الحيوانات .. فعرضت لضياء مستمر ، و نهار دائم ،
فاختلت " توتراتها اليومية " و تأثرت تأثراً بالغاً !.
و رغم أن " الساعة البيولوجية " حاولت التكيف مع هذا الضوء المتصل إلا أن :
كل الأبحاث الحديثة ، تشير إلى عطب في تنظيم الحرارة !.
و هذا الأمر من الأهمية ، و له من الخطورة ، و له من الحيوية .. الشيء الكثير !
و تشير إلى أن الجهاز التناسلي لهذه الحيوانات ، أصيب بتغيرات غريبة !!
فلقد شوهد مثلاً عدم انتظام الدورات التناسلية ، وقصرها عند البط الذي
عرّض للضياء الصناعي المستمر !.
كما وجد أيضاً ، عند الثديات عديدات الدورات النزوية أن التعرض الطويل ،
أو المستمر للضوء ، يغير في الوظيفة المبيضية أو الخصيوية على السواء !.
قال تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (القصص:73) .