دراسة ( الفكر الاسلامى ........ وقابلية النماء والتطور )
بقلم الكاتب والباحث / طارق فايز العجاوى
نعم الفكر الاسلامى يملك قابلية الناء والتطور ويرفض الجمود والتراجع وهذا المنهج سلكه اسلافنا فى عصر التقدم والنهضة بشجاعة فائقة وذكاء متوقد فنراهم تصدوا وتصدروا الدور او بالاحرى ادوارهم فى اثراء الفكر الاسلامى السامى عن طريق الاجتهاد الذى اقره ودعا اليه الاسلام وكلنا يعلم مدى اهمية الاجتهاد على مر العصور فى سفر ديننا وحضارتنا الاسلامية وفى تكوين وابراز اصحاب المدارس الفكرية التى اثرت بدون ادنى شك الفكر الاسلامى بتراث واضح المعالم وخالد على مر الازمان والعصور وسيظل المنارة المضيئة والعلامة البارزة فى تاريخ امتنا المشرق المشرف
واقع الحال اطلق علماء الفكر على قابلية النماء والتطور مصطلح ---- التجديد -- ومضمون هذا المصطلح يعنى تكوين ظروف الاستمرارية والبقاء لمواكبة كل المستجدات وتجديد الفكر يعنى استمرارية الايمان بصلاحيته حتى يتسنى له ان يكون الاداة الحقيقية لهداية الانسان وتوجيهه وبناءا على ذلك يجب ان يكون التجديد مطلبا ملحا كونه يمثل العلاقة بين الانسان والفكر ولذلك اجزم بان توقف عوامل التواصل بين الانسان والفكر يؤدى الى جموده وبالتالى تراجع دوره
اذن اداة التواصل حقيقة --- بين الانسان والفكر --- هو التجديد بعينه كونه يعطى للفكرة بعدها الزمنى عن طريق ربط تلك الفكرة بالرؤية المتجددة التى تعطيها القدرة على الاستمرار والصمود فى وجه التطورات المستحدثة المستجدة التى يمليها الواقع الجديد وتتقبلها الاجيال اللاحقة
وعليه فلا ارى حاجة الى البرهان على اهمية التجديد بالنسبة للفكر كون التجديد هو وسيلة الاستمرار فالعقل البشرى من حقه ان يباشر مسؤولياته فى فهم الظواهر الانسانية وبالتالى من حقه ايضا ان يفسر تلك الظواهر وفق ما يعتقده ويراه من باب كونه يمارس صلاحيات مشروعة ومباحة لذلك ليس من العدل ان ينكر جيل سابق على جيل لاحق حقه فى ممارسة رؤيته المتجددة لقضاياه الفكرية على اعتبار ان الانكار لا يلغى ذلك الحق ولا يوقف ممارسة الانسان له بطريقة اعتيادية من غير تجاوز او تكلف
مقدمة كان لابد منها لارتباطها بنفس الموضوع وعليه اقول ان الفكر الاسلامى شأنه شأن الفكر الانسانى من حيث قابليته للتجديد وايضا من حيث خصائصه الانسانية ولكن لا يستطيع احد ان ينكر اختلافه عن الفكر الانسانى فى جوانب خاصة وهذه الجوانب هى التى تكفل له سلامة المنطلق والاستمرارية والبقاء ويظهر ذلك الجانب المتميز فى الفكر الاسلامى من خلال ما يمتاز به من خصائص ذاتية واهداف انسانية ويمكن اجمال ابرز هذه الخصائص بالتالى
**** كونه الهى المصدر وهذه حقيقة اخص خصائصه وسنام مزاياه وهى التى تكفل للفكر الاسلامى ان يكون فى منأى عن الاهواء والغايات والمصالح على اعتبار ان التوجيه الربانى تكفل لهذا الفكر السامى ان يكون اصيلا فى تكوينه انسانيا فى غاياته وايضا ابرز الجانب الاخلاقى فى موقع التطبيق بحيث لا يضل ولا ينحاز ولاتوجهه مصالح الاقوياء ولا تعبث به عواطف اهل الاهواء وهذه المعطيات تجعله يحكم فى البشر ويرسم لها طريق السلامة والسعادة حتى يعيش المجتمع بكامله برخاء وامن واستقرار
**** اخلاقية اهدافه وهذه ضرورة حتمية على اعتبار اعتماده نصوصا غير قابلة للنسخ والاهمال كونها نصوصا قرأنية او احاديث نبوية شريفة ونلح خاصية اخلاقية الاهداف فى كل الاحكام وفى كل المواقف ولا يمكن للفكر الاسلامى ان يتجاوز هذا المنهج الاخلاقى الذى يعبر حقيقة عن اصالته كفكر لسبب اشرنا اليه الا وهو اعتماد النص القرأنى والحديث النبوى
ونتيجة لكل ما تقدم فهناك ضوابط ومعايير لهذا النمو والتطور ( التجديد ) لا يمكن تجاوزها كونها تخضع فى مجال الفكر التشريعى لضوابط ضرورية بحيث تعطى لهذا النمو والتطور شرعيته وهى ايضا الحاجز الذى يمنعه من اى تجاوز او انحراف يجرنا اليه عقل مغلق غير متبصر او ميل وهوى لنفس جامحة لم تبلغ النضج او الرشد او الكمال الاخلاقى
وعلينا ان نعى جيدا ان مسلك ووسيلة التجديد فى الفكر التشريعى هى الاجتهاد الملتزم بالضوابط الشرعية فاذا التزم هذه الشروط اصبح مشروعا وضروريا وعندها لا مناص لمن يمتلك هذه الشروط والمقومات ان يتقاعس عنه سواء كان مبنى هذا التقاعس الكسل او الورع الشديد والجميع يدرك انه ليس من الورع بشىء ان يتخلى المجتهد عن مسؤولياته الفكرية لذلك فالاجتهاد المشروع له ضوابط ومعايير لا بد من الالتزام بها ويمكن اجمالها بالتالى
----- التزام النصوص الثابتة وهذا الضابط يرتب على المجتهد عدم الاخلال بالتزام هذا الضابط الهام والمهم وهذه الميزة للفكر الاسلامى تميزه عن غيره من حيث المصادر فالفكر الوضعى هو فكر بشرى بحيث يخضع للعقول المجردة وللاجتهادات الفكرية من غير ضوابط او قيود اما الفكر الاسلامى فهو فكر ملتزم بمصادره الاساسية بحيث لا يمكن تجاوزها برأى ولا يناقضها اجتهاد بعنى ان اى تنكر او تجاوز يفقدها الصفة الاسلامية وبالتالى تصبح خاضعة حكما لكل مقاييس وشروط الفكر الوضعى الذى يمكن ان يطاله الخطأ والتحيز والهوى والالغاء والميل والحيف
وقطعا الدلالة اللغوية هى معيار التفسير والتوضيح فما افادته الدلالة اللغوية عن طريق القطع والجزم حكما يزج ضمن النصوص القاطعة الباته واما بخصوص الظنى من الدلالة اللغوية بمعنى كان مبناه الظن يخضع قطعا لقواعد الاجتهاد ومن المعلوم ان الدلالة اللغوية للكلمة العربية تثبت عن طريق الاستعمال المتكرر والنقل المتواتر ويمكن ان تثبت ايضا عن طريق الاستنباط العقلى المؤكد بالنقل من علماء اللغة او استخدامهم للالفاظ اللغوية
اما بخصوص اثبات المعانى اللغوية عن طريق القياس فقد اختلف العلماء فى حكم اثباتها ولكن الرأى الراجح هو ان القياس اللغوى بحاجة الى اثبات استعمال العرب له وقبولهم به حتى نتجنب تحكم العقل فى المعانى اللغوية بطريقة تعسفية
والثابت ان اهم القواعد التى تخضع لها النصوص التشريعية الثابتة فى توضيح دلالاتها الشرعية نجملها بالتالى
1- التزام القواعد الاجتهادية وهذه القواعد هى اهم ضوابط الفكر حتى يكون اصيلا من منطلقاته لا يحيد ولا يضل عن غاياته واهدافه وكما هو معلوم لدينا ان الاجتهاد هو الجهد الذهنى الذى يبذله المجتهد فى استنباط حكم من دليله وهو الاداة المثلى للتواصل بين النصوص الثابتة والمصالح المتجددة اما دائرة الاجتهاد فانها تتسع لتشمل ايضا مواضع نذكر منها تلك النصوص التى وردت فى اطار الظنية فى دلالتها او ثبوتها وهنا لا بد ان يتصدى الاجتهاد للبحث عن صحة السند من خلال دراسة ذلك السند وطرق روايته او يتصدى الاجتهاد للبحث فى تفسير تلك النصوص بما يؤدى الى وضوح الدلالة على المعانى المرادة منها
ويشمل ايضا تلك القضايا التى لم يرد نص بها فى كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وهذه الساحة الاهم لحركة الاجتهاد على اعتبار ان القضايا المستجده والتى يفرضها الواقع بكافة المناحى بحاجة الى بحثها والبت باحكامها
2- الالتزام بالمعنى اللغوى الذى استقر عليه العلماء شرط مراعاة المصطلحات الشرعية التى اخرجها المشرع من معناها اللغوى العام الى معنى خاص دل عليه النص عن طريق ادلة قطعية وهذا التغيير فى معانى المصطلحات - الاسماء - لا يخرج الكلمة عن معناها الاصلى على اعتبار ان التصرف فى اللفظ العربى امر مألوف فى لغتنا العربية ولقد جرى العرف على تخصيص بعض الاسماء للدلالة على المعانى القريبة منها
3- بيان علاقة اللفظ بالمعنى المستفاد منه وتحديده وذلك عن طريق مراعاة القواعد المقررة عند علماء علم الاصول بحيث يكون استعمال اللفظ معبرا عن معنى ارادة الشرع وعليه كلما كانت العلاقة ظاهرة وواضحة بين اللفظ والمعنى كانت مهمة المجتهد سهلة وميسرة ففى ظل الوضوح تضيق دائرة الاجتهاد الا ان اتساع الدلالة اللفظية على المعانى الشرعية يساعد على نمو حركة الاجتهاد وازدهار الرأى واتساع الفروع الفقهية
اذن التجديد بواسطة الاجتهاد هو الاصيل الذى لا يجوز الاختلاف فيه على اعتبار ان منهج الاجتهاد من المسلمات التى يجب الاعتراف به فتقاعس اهل الاختصاص عن واجبهم فى ابداء الرأى فى مختلف القضايا التى يجب البت بها يسهل وبطريقة مباشرة الى اقصاء الشريعة عن اداء دورها الاجتماعى كاداة للتنظيم وكمنهج للحياة الانسانية وهم بذلك يسهمون فى فرض العزلة على الفكر الاسلامى وبالتالى ضعفه وجموده فكغيره من الفكر ينمو بالجهد البشرى وكما اشرنا سابقا فمن يدعى الورع فى امر الاجتهاد لا يعتبر مبررا للتهرب من المسؤولية فى ابداء الرأى والتعبير عن موقف الاسلام من القضايا المطروحة على الساحة - الشائكة منها والمستحدثة - التى تواجه المجتمعات الاسلامية فى ايامنا وما اكثر هذه القضايا التى تنتظر البت فيها وابداء الرأى بخصوصها وارثنا الاسلامى يغص بكل ما يدعو للاجتهاد وابداء الراى --- فمن اخطأ له اجر ومن اصاب له اجران - تصوروا حتى فى الخطأ له اجر وذلك مكافئة له على جهده المبذول
اذن ليس من الورع بشىء ان يمسك العلماء عن الاجتهاد تهيبا وخشية فالمسؤولية تحتم على اهل الاختصاص ان يتصدوا للاجتهاد لكى تؤدى الشريعة الاسلامية دورها فى تنظيم حياة المجتمعات الاسلامية
ولاستحداث الاحكام الشرعية فى القضايا المستجدة هناك قاعدتان هما
الاولى ---------------- القياس وقاعدة القياس تقوم على اساس الحاق المسكوت عن حكمه بالمنصوص عليه عند مشاركة المسكوت عنه للمنصوص فى علة الحكم
وتظهر العلاقة القياسية بشكل جلى وواضح كلما كان المسكوت عنه اولى بالحكم من المنصوص عليه وفى بعض الاحيان قد لا يكون الالحاق ظاهرا بين الاصل والفرع وذلك نتيجة لتعدد المعانى التى تجمع بينهما مما يجعل القياس صعبا ومعقدا ومن هنا تبرز الحاجة الى البحث عن العلة التى تعتبر من اهم ضوابط القياس على اعتبار ان الشرع ينيط الحكم بوصف لا يصعب على العقل البشرى ادراكه مما يدخل ضمن المقاصد الشرعية التى هدفها الاسمى جلب نفع او دفع ضرر مما اقر الشرع الحنيف اعتباره وقد اشبع علماء الاصول فى بحث الوصف المناسب لكى يكون علة فى القاعدة القياسية ووضعوا ضوابط واشترطوا فيه ان يكون ظاهرا ومتعديا ومنضبطا والا يكون مما الغى الشارع اعتباره
الثانية ---------------- المصالح المرسلة وهذه القاعدة او هذا المصدر يقوم على اساس حرص الشرائع على تحقيق مصالح الخلق المتمثلة فى جلب المصالح ودرء المفاسد وهذه المصالح تقسم الى قسمين
****** مصالح معتبره ويمكن تقسيمها بحسب اهميتها بالنسبة للناس فمنها الضرورى ومنها الحاجى ومنها التكميلى وجاء اعتبار هذه المصالح فى نظر الشرع كونها تحافظ على النفس والمال والعقل والعرض
****** مصالح ملغاة فى نظر الشرع على اعتبار ان هناك نصوص تلغى اعتبار تلك المصالح لان هناك اعتبارات اكثر اهمية بالنسبة للانسان فمصلحة السارق ملغاة ومصلحة المرابى والمحتكر ,,,,,,,, الخ وسبب الغاء هذه المصالح ما يترتب عليها من اضرار بحق المجتمع بصفة عامة
ومن المعلوم ان المقصود بالمصالح المرسلة هى المصالح التى لم يذكر فيها نص بالاعتبار او الالغاء وتركت للمجتمع لكى يقرر فيها علماء الامة وفقهائها التنظيم الذى يصون الحريات ويحفظ الحقوق
اذن التجديد البنّاء هو ذلك التجديد الذى يعتمد المنهج الاصولى الحق والصحيح فى تفسير وتأويل النصوص وهو منهج يحض على استخدام الرأى وينكر الجمود والتقليد
وانا ارى ان الامة التى تلغى كيانها وذاتها هى التى ترفض التجديد ولا تمارس حقها فيه وبالتالى تضعف من امكاناتها الفكرية وتكون عبء وعالة على السابق واللاحق من الاجيال واذا سلمنا ان منهج الاجتهاد الفقهى يشجع الرأى ويلقى على كاهل العقل البشرى ان يتحمل مسؤوليته كاملة فى ميدان الاجتهاد فان التجديد فى ميادين وساحات الفكر الانسانى بصفة عامة امر منطقى وطبيعى كون العقول البشرية مكلفة بأن تمارس انسانيتها من خلال ما تفكر به
نقطة غاية فى الاهمية لا بد من التعريج عليها ونحن بهذا الصدد الا وهى ان للفكر الاسلامى اهداف وغايات مثلى تناسب عظمة هذا الفكر وهذا الدين الحنيف يمكن اجمالها بالتالى
( 1 ) - وضع اسس هدفها تنظيم حياة الفرد خاصة والمجتمع بصفة عامة لتحقيق السعادة والحياة الفضلى التى يطمح اليها كل ابناء المجتمع وبالتالى تحقق الرخاء والرقى
( 2 ) - محاربة الخرافة والاسطورة كون الفكر اداة للهداية فتحرير الانسان يشعره بانسانيته التى اكرمها الله بنور العقل وهدايته
هذه المنطلقات والمبادىء اساسية لا تخضع للتجديد كونها تحمى الانسان من الانحراف وتبعده من مواطن الحيف والزلل والتجديد امر لا خيار فيه وهو مطلب عقلى واجتماعى كون العقل يرنو اليه لممارسة حق مشروع والمجتمع يتطلع اليه لتزويده بالرأى الذى يحقق له المصالح المشروعة التى اقر ديننا الحنيف بها فى مبادئه الاساسية لذلك هناك عوامل عديدة تبرز مبررات التجديد فى فكرنا الاسلامى نذكر منها *** التطور المتنامى فى طبيعة الحياة الاجتماعية وقابلية النصوص التشريعية للفهم المتجدد وهذا المبدأ متفق عليه ********* وتلك الضرورة الملحة لمواكبة فكرنا الاسلامى لحاجات الانسان ورغباته على اعتبار ان الفكر غاية الانسان ومبغاه ولا يجوز لهذا الفكر ان يكون معزولا عن قضايا الامة وما يطرح من مستجدات على الساحة بمعنى كافة القضايا التى يعيشها الفرد على كافة الصعد وفى كافة المجالات
وفى الختام لا بد من كلمة فى قضية التجديد فلقد تتالت مواكب دعاة التجديد والتاريخ شاهد على ما ندعى بدلائل لا يستطيع احد ان ينكرها على امتداد تاريخنا المشرف وكان هؤلاء الدعاة الرواد يبذلون الغالى والنفيس فى سبيل ذلك بهدف استمرار وتصحيح المسيرة سواء على صعيد الفكر والتشريع ام فى ميدان العقيدة وحقيقة لم يضق صدر الاسلام بهؤلاء الدعاة وانما ضاق صدره بما اثقل كاهل الفكر الاسلامى من تقليد وانحراف وجمود وهذا مدعاة لتقديس التاريخ وعصمة للتراث وهذه العصمة والتقديس تتعارض قطعا مع منهج الاسلام الذى يرفض كلاهما ويجعل امر الفكر فى مواطن رعاية العلماء المؤتمنين على مواصلة العطاء حتى تبقى شعلة الفكر متقده متوهجة تنير الدرب وتعبر المسالك امام قوافل المؤمنين برسالة الاسلام
والثابت ان الفكر لا يترعرع ولا ينمو فى ظل التقليد الذى بسيادته او التزمه فيه كل الدلالة على تراجع وتخلف الامة وبالتالى عجزها عن العطاء مع ملاحطة ان التجديد لا يعنى بأى شكل من الاشكال التغيير وانما يعنى الاضافة المتميزه التى تسم الفكر بسمة عصره حتى يكون الوليد الشرعى للمجتمع ولا يمكن لمجتمع حى ان يتخلى عن مسؤوليته فى ابداء رأيه فيما يواجهه من قضايا فكرية على اعتبار ان الفكر الاسلامى يملك قابلية التجديد المستمر كون النصوص الشرعية التى تعتبر مصادر اساسية للفكر الاسلامى اناطت بالعقل البشرى مسؤوليات جسيمة وأطمأنت الى سلامة اختياراته وارست له ضوابط حتى تكون رحلته فى الاستنباط والبحث والاستنتاج محكومة بمؤشرات الوقاية من الضلال والخطأ محاطة بكل اسباب السلامة
وكما اشرنا انفا بان الانسان هو السبب الرئيس للتجديد هو ايضا دون ادنى شك اداة التجديد وهو الغاية والهدف من كل تجديد وهو مؤشر - اقصد التجديد - على نضج الممارسة العقلية وتحمل الانسان لمسؤوليته فى التعبير عن تجربته الذاتية ورؤيته المتجددة لقضايا عصره فاذا مارس الفرد هذا الحق المشروع بشجاعة وحرية دون قيود وضوابط كان مؤهلا فعلا لحمل وتحمل المسؤولية وان طاله التقاعس عن ممارسة هذا الحق سواء كان لعجز او جهل او خوف ووجل كان جديرا بان يكون فى مؤخرة الصفوف
وان مجتمعنا الاسلامى اليوم مطالب بأن يتصدى لقضاياه الفكرية اكثر من اى وقت مضى مؤكدا فى ذلك اصالة الفكر الاسلامى وتميزه بالانسانية وبخصاصه الذاتية التى تضعه فى المقدمة دون منازع
واذا لم يتصدى علماؤنا وفقهاؤنا وهم رموز واعلام الحياة الفكرية فى مجتمعاتنا المعاصرة لتحمل مسؤولياتهم فى الاعراب عن ارائهم الفكرية فى القضايا المطروحة على مجتمعنا فان التخلف والتراجع عصره سيمتد ويطول لا محالة وسيبحث مجتمعنا --------- وهنا مكمن الخطر وسنامه --------- عن البدائل الفكرية المتزاحمة التى نراها وتغص بها ساحاتنا وهى حقيقة بدائل لن ولم تسهم فى رقى مجتمعنا وتقدمه ولا فى نمو وتطور فكره كون الفرق شاسع واسع بين الاصيل من الفكر والدخيل فالاصيل يملك القدرة على مخاطبة امتنا ويلامس واقعنا ويلك القدرة على تحسس وتلمس مشاكلنا
وسيبقى منهج النمو والتطور فى مجال الفكر الاسلامى الاصيل هو الرجاء الذى لا خيار لنا فى تخطيه على اعتبار ان مجنمعنا ضاق بليل الظلام ويرنو الى مشاعل التجديد التى ستنير بعون الله ذلك العتم الدامس حتى ينبثق ويطل من خلف الافق البعيد ذلك الوهج والنور المحمل بالامل والذى يحمل بيديه بشرى عهد جديد يتصدى فيه فكرنا الاسلامى السامى لكافة التحديات الفكرية المعاصرة
والله نسأل ان يجنبنا العثار والزلل فى القول والعمل