عدنان الروسان
الربيع العربي خلط كل الأوراق وغير الأولويات لدى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ولكنه لم يغير كثيرا في النظام الرسمي العربي ، عل ى الأقل على صعيد الرؤية والإستراتيجيات ، فبينما غيرت الغرب والولايات المتحدة على رأسه من أولوياته ومواقفه تجاه الأنظمة العربية وبدأ يتعامل مع الثورات العربية من منطلق مصالحه الحيوية في المنطقة ، ركبت الغالبية العظمى من الزعماء العرب رؤوسها وتعاملت مع الثورات والحراكات في بلادها على أساس أنها انقلابات عسكرية لابد من إيقافها والانتهاء منها بأي طريقة ومهما كان الثمن .
بالطبع تراوحت درجات التعاطي مع الحراكات والثورات فبينما في مصر وتونس وليبيا واليمن رأت الأنظمة أن تقوم بالقتل والدمار وبالتالي فقد انقشع دخان الصدامات عن سقوط أربعة زعماء بين قتيل وهارب ومريض وسجين ماتزال الأوضاع في سوريا تراوح مكانها بوتيرة ذبح وقتل غير منطقية ولا مفهومة ، وبينما في الأردن ماتزال الدولة تتعامل بمبدأ الأمن الناعم ، هذا المصطلح الجديد الذي دخل قاموس السياسة العربية في السنة الماضية .
غير أن الوضع في البحرين يعتبر حالة استثنائية ، فقد كادت المعارضة أن تطيح بالنظام السياسي هناك لولا تدخل قوات عسكرية من دول الخليج ودول عربية أخرى ، حيث قامت تلك القوات بإعادة الأمور إلى ماكانت عليه ومكنت ملك البحرين من إحكام قبضته من جديد على الوضع ، غير أن الأمور لا يبدو أنها انتهت أو تسير في الاتجاه الصحيح بالنسبة للدولة ، خاصة وأن المخاوف من دعم إيراني للمحتجين قد تقلب الوضع رأسا على عقب من جديد في أية لحظة .
و تقول مصادر صحفية غربية نقلا عن مصادر دبلوماسية ان المملكة العربية السعودية تنظر في شأن إعلان وحدة اندماجية بينها وبين البحرين تصبح البحرين بموجبها مسؤولية سعودية بالكامل في الجانب الأمني والعسكري ، غير ان القانونيين والسياسيين على حد سواء لا يستطيعون ايجاد الإطار الذي يمكن الخروج به على ابناء الشعبين لإعلان هذه الوحدة خاصة وانهما عضوين في مجلس التعاون الخليجي وهذا سيتسبب في حرج كبير لباقي أعضاء المجلس .
يقول المطلعون على الشأن البحريني وعلى كواليس السياسة السعودية أن الولايات المتحدة الأمريكة تقف وراء هذا المقترح ، وأنها ترى ان هذا النوع من الوحدة سيجعل من المستحيل على ايران التعرض للبحرين عسكريا اذا ماتطور الوضع في الخليج العربي الى الأسوأ حيث ستكون البحرين تحت مظلة السعودية واليت تتمته بدورها بحماية المظلة النووية الأمريكية ، وهذا سيوقف أي تغيير تطمح اليه المعارضة عبر الحراكات السياسية او عبر صناديق الإقتراع فيما لو اضطرت البحرين الى اجراء انتخابات نزيهة مقبلة .
مسؤول سياسي سابق رفيع المستوى من دولة عربية خارج مجلس التعاون الخليجي سافر الى البحرين مبعوثا من زعيم دولته للقاء ملك البحرين والتباحث بشأن فكرة الوحدة المطروحة ، ولا يعرف ما إذا كانت الدولة المعنية تسعى الى الإنضمام الى هذه الوحدة ، أو ان لديها مقترحات جديدة ترى ان بامكانها ان تساعد في انهاء المشكل البحريني عبر سلسلة اجراءات قانونية تحرم المعارضة وايران من التفرد بالنظام البحريني الذي يعاني من ضعف شديد اذا ماترك لوحده في ساحة الأحداث .
قد نشهد خلال الأسابيع القليلة القادمة هذا الحدث الفريد وهو اعلان الوحدة بين البحرين والسعودية ولا أحد يستطيع التكهن بحوى التفاصيل التي ستحكم علاقة الوحدة تلك ولا كيف يمكن ان تحكم دولة واحدة بملكين منفصلين الا إذا تم تبني النموذج الماليزي وهذا مستبعد جدا لأن النظام السعودي لن يقبل بأي حال من الأحوال بتلك الصيغة ، أما النظام البحريني والذي يبدو انه مضطر لقبول صيغة الحدة فسيقبل ببعض التنازلات الشكلية الا ان ملك البحرين سيبقى ملكا متوجا على كل الأحوال.
بالنسبة لباقي دول مجلس التعاون الخليجي سيكون الأمر فيما اذا صحت التسريبات حدثا جللا وقد ينذر بانفراط عقد المجلس او تشكل مجالس وعلاقات جديدة بين باقي الدول او بين بعض دول المجلس ودولا أخرى في الإقليم
خبر منقول