.
.
احتلال القلب
قلب الإنسان لا يتسع لشريكين: نور وإلا ظلمة، ملك وإلا شيطان،
هداية وإلا غواية، إذا غلب جند الإيمان في القلب كانت نوازع الخير
وأنوار الهدى وأدوية الطاعات، وإذا غلب جند إبليس كانت نوازع الشر
وآفات الهوى وسموم المعاصي.
وبالنظرة يدخل جند الشيطان القلب ليجاور جند الإيمان، لكن الشيطان
ملحاح طماع لا يقبل الشراكة، فيظل يتربص ويغوي ويفسد: يلقِّح النظرة
بأخرى إلى أن يحتل نسله القلب كله، ويرفع على أرجائه راية النصر ثم
يقدم الشكر لمن يستحق: النظرة.
ومع أن القلب له عدة أبواب تؤدِّي إليه وتفتح عليه، لكن القرطبي يؤكِّد:
«البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من
جهة، ووجب التحذير منه، وغضُّه واجب عن جميع المحرماتوكلِّما يُخشى الفتنة من أجله» .
ومن قبل القرطبي قام الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بعمل المقارنة وكفانا مشقتها
ووفَّر علينا وقتها حين خرج لنا بالنتيجة الآتية:
«حفظ البصر أشدُّ من حفظ اللسان» .
وضرب ابن سمنون لنا مثلًا جميلًا مقنعًا قطع به حجة كل من متهاون بإطلاق بصره فقال:
«أما سمعت قول النبي: «إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة أو تمثال!!» فإذا كان الملك لا
يدخل بيتًا فيه صورة أو تمثال، فكيف تدخل شواهد الحق قلبًا فيه أوصاف غيره من البشر؟!» .
والصلة بين العين والقلب جد وثيقة، فالعين ماء يصب في خليج القلب، فإن تكدَّر صفوها
بفضول نظر أو صورة محرمة تكدر الخليج وتغير طعمه، فلا يقربه ملك يلهم بل شيطان يغوي.
من كتاب صفقات رابحة د / خالد أبو شادى
م-ن
.