تُعد الحياة في البحر مسرفة إسرافاً أبعد من كل خيال ، سواءً في وفرتها ، أو تنوُّعها ، أو قِدمها ، أو غرابتها ، أو جمالها ، أو شراستها بغير تعقل ، وبما ليس له نظير آخر في الطبيعة ، وتتراوح الكائنات البحرية من ملايين بلايين الكائنات الميكروئية ، التي تجوب البحر في المياه الزرق ، إلى حيتان المحيط المتجمد الجنوبي ، الزرق الذي يبلغ طول الواحد منها ثلاثين متراً ، ويزن مائة وثلاثين طناً ، وتشتمل هذه الكائنات على أجمل الأنواع ، التي لم تجد الطبيعة بمثلها ، كتلك الأسماك الرائعة الفضية ، وتلك الحيوانات التي تتفتح كالزهور ، وكتلك الشعب المرجانية المتلألئة ، وكتلك الديدان التي يبلغ طولها سبعة وعشرين متراً وكتلك الأسماك التي تتلون بأحد ثمانية ألوان ، فإذا وقفنا عند أكبر هذه الكائنات وهو الحوت ، فإنه يحتاج إلى أربعة أطنان من السمك ، تدخل في معدته حتى يشعر بالشبع ، ويحتاج وليده إلى ثلاثمائة كيلو من الحليب في الرضعة الواحدة .
ويتدفق من جسم الحوت في أثناء صيده ثمانية أطنان من الدم ، وفيه خمسة وعشرون طناً من الدهن ، وخمسون طناً من اللحم وعشرون طناً من العظام ، وتزن أعضاؤه الداخلية ثلاثة أطنان ، ولسانه طنين ونصف ويستخرج منه ما يزيد على مائة وعشرين برميلاً من الزيت ، وقد استطاع حوت أن يجر سفينة ثمانية ساعات ونصف ، بسرعة خمس عقد في الساعة ، والسفينة تُعمِل محركاتها بأقصى اتجاه معاكس لسيره .
هذه فقرات من مقالة علمية عن الكائنات البحرية ، مأخوذة من مجموعة " لايف " العلمية ، أردت أن استهل بها هذه المقال عن فن المقالة ، لتكون تجسيداً ومتكأً للأفكار النظرية المتعلقة بهذا الموضوع .
*****
تعريف المقال
هو عبارة عن قطعة مؤلفة متوسطة الطول تعالج موضوعاً ما من ناحية تأثر الكاتب به. تكون منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة والوضوح وسهولة التراكيب ودقّة الكلمات.
الخطوات العامة لكتابة المقال
من يرغب في كتابة مقال معين عليه أن يلتزم بالخطواط التالية:
أختيار الموضوع، تحديد الهدف، عنوان المقال، الإطار أو الخطة.
أولاً: اختيار موضوع المقال
إن اختيار موضوع المقال يتطلب من الكاتب أن يختار موضوعاً يعرف عنه قدراً كافياً من المعلومات، وأن يكون موضوع مقبولاًمن جانب القراء الذين يكتب لهم.
ويؤخذ الموضوع عادةً مـن الحياة، مثل: تجربتي تعلّم اللغة الانكليزية، حادث شاهدته، قراءة الصحف، تجربة مرعبة.
ثانياً : تحديد الهدف من المقال:
إن أحد العوامل التي يتوقف عليها النجاح في الكتابة هو تحديد الهدف. وهذا التحديد يساعدنا على أمرين: معـرفة ماذا نكتب؟ وكيف نكتب؟
فلو أنك قمت بزيارة مكة المكرمة وأردت أن تكتب عنها، فعليك أن تحدد هدفك من المقال:
- هل تريد أن تجعل القارئ يشاركك التجربة الوجدانية؟
- هل تريد وصف الحرم المكي الشريف؟
- هل تريد أن تقارن بين مدينة مكة الآن وقبل مئة سنة.
ثالثاً: اختيارعنوان المقال:
إن اختيار عنوان المقال ضرورةٌ لأنه يساعد الكاتبَ على تحديد موضوع المقال؛ لذا يجب أن يكون العنوان:
- محدداً.
- واضحاً بعيداً عن الغموض (أبها المدينة الساحرة)، وهذا عنوان غامض، وبديله: (أبها أحد مصايف المملكة).
- دالاً على أنه يعالج قضية واحدة في المقال لا أكثر. لاحظ مثلاً هذا العنوان الغريب: التنمية وتوعية المواطن مسؤولية مَنْ.
رابعاً: خطّة المقال
تتكون الخطةُ عادةً من المقدمة، والعرض، والخاتمة.
- المقدمة.
- تبدأ بجملة لجذب انتباه القارئ إلى الموضوع.
- ثم تتولها جملةٌ لتحديد هدف المقال.
- ثم تنتهي بما يحدد مجال المقال، ويمهد للعرض.
- ويجب أن تكون المقدّمة موجزةً، وتتناسب والموضوع كمّاً وكيفاً.
- العرض
- يمثل العرضُ الجزءَ الأكبر من المقال؛ يتناول الكاتب فيه المشكلة بالشرح، والتحليل، والتمثيل حتى يصل بهدفه إلى ذهن القارئ.
- وهذا القسم يحتل ثلثي حجم المقال.
- ومن سماته: التسلسل المنطقي للأفكار، والدقة في التعبير، ووضوح الأسلوب.
الخاتمة
تأتي الخاتمة في نهاية المقال، وهي تميل إلى الإيجاز، وفيها يلخص الكاتب هدفَ المقال، والنتيجة التي توصل إليها، ويجبُ أن تكون موجزةً، واضحةً، لغتُها سهلة.
أنواع المقال
- المقال الوصفي السردي
- الهدف منه: إعطاء صورة لمكان رآه الكاتب، أو لحادث شاهده.
- وينبغي أن يخصصَ الكاتبُ العرضَ لإعطاء صورة للمكان الذي رآه أو سرْدٍ لوقائع الحادث.
- وإذا مافعل الكاتب ذلك عبر وصفه أو سرده لما رآى، أوشاهد سيجعل القارئَ يخرج بصورة واضحة للمكان، أو الحادث، كما لو كان قد شاهده بنفسه.
- فإذا أردنا أن نُعرِّفَ القارئَ بالثلاجة نبدأ بتحليلها إلى أقسامها الرئيسية، فنَصِفُ كلَّ قسم على حده، ونبدأ من الخارج إلى الداخل أو العكس. وبذلك يستطيع القارىء أن يكوِّنَ صورةً متناسقة للجهاز الموصوف دون أن يراه.
- المقال الصحفي: وهو نوعان
- المقال الافتتاحي: يكتبه رئيس التحرير، وهو يستعين بالوثائق ليدعم رأيه. وهو يلتزم فيه بما يلي :
- التحفظ والحذر في إبداء الرأي.
- إقناع القارئ ، وطرح الموضوعات الطازجة.
- النزوع إلى التوجيه ومخاطبة الرأي العام.
- تناول مايهم البلاد من أحوال سياسية، داخلية وخارجية واقتصادية وجتماعية.
- ويمتاز أسلوب المقال الصحفي بما يلي:
1- يشتمل على فكرة يحسن كاتبها عرضها في ثوب من التشويق.
2- أسلوبه سهل واضح يفهمه كل قارئ.
3- يميل إلى الجدل في مناقشة الأراء والاتجاهات المختلفة.
4- يميل إلى التطويل فيما يتطلب ذلك، وإلى الإيجاز في أكثر الأمور.
ملاحظة : ينبغي أن يكون المقال جميل الأسلوب، سلس العبارة، واضح الأفكار.
- مقال الرأي: وهو القسم الثاني من المقال الصحفي:
1- ليس بالضرورة أن يعبر مقال الرأي عن رأي الصحيفة كالمقال الافتتاحي.
2- وهو ليس مقصوراً على جوانب سياسية.
3- يمكن أن يُقدّمَ في سلسلة معينة، مثل فن القصة، أو قضية المرأة في أفريقيا.
أشكال المقال: للمقال شكلان: ذاتي وموضوعي.
أولاً - سمات المقال الذاتي:
1- تبدو فيه شخصية الكاتب أكثر وضوحاً.
2- يشيع فيه الأسلوب الأدبي الذي يمتلئ بالصور الفنية والإيقاع الموسيقي.
3- يثير المقال الذاتي بالقارئ شتى أنواع الانفعال "الحزن أو الفرح".
4- يظهر فيه ضمير المتكلم بشكل بارز لأنه يطرح أساساً تجربة ذاتية تجربة ذاتية.
ثانياً- : سمات المقال الموضوعي
1- الوضوح والبساطة والبعد عن الغموض.
2- خلوه من العواطف الشخصية.
3- الإيجاز غير المخل "طول العبارة على حجم الفكرة".
4- الدقة وتسمية الأشياء بمسمياتها.
5- التقيد بالموضوع ومتطلباته، وعدم الخروج عنه إلى أمور جانبية.
6- استخدام البراهين العقلية والجدل.
7- التسلسل الفكري والمنطقي بحيث تؤدي الفكرة السابقة إلى الفكرة اللاحقة حتى ينتهي الموضوع إلى نتيجته.
8- غلبة المنهج العلمي عليه.
التحقيق الصحفي:
تعريفه
يتناول ظاهرة معينة من جوانب متعددة ووجهات نظر مختلفة أو متباينة.
أساليبه
1- عرض الآراء المختلفة للمعنيين بالظاهرة. والأفضل هنا استقصاء الآراء وعرضها.
2- السرد والقص أكثر الأساليب مناسبة.
3- الوصف والاستقراء للواقعة.
4- الاعتراف: ويتم من خلال استدراج المسؤول للحصول منه على اعترافات كاملة (داخل السجون، مع المسؤولين في الدولة ليكشف عن تورطهم في أخطاء، مع الفنانين).
5- المقابلة أو الحوار الصحفي. وعلى الصحفي أن يعد نفسه وأسئلته بدقة تلّم بمعلومات عن الشخص الذي سيحاوره ماله وماعليه.
6- اختيار عنوان لافت للتحقيق.
خطوات كتابة التحقيق: تشبه خطواط اعداد المقال التي ذكرت سابقاً (من إختيار للموضوع، وتحديد الهدف أو إختيار العناوين، وتصوير النظري، والتنفيذ).