قد تشعل المرأة حرباً وقد تطفئها باستخدام الذخيرة ذاتها .. فالمفردات إذا ما تم استثمارها بذكاء وحنكة وانفعالات أنثوية تستطيع أن تخلق الشيء ونقيضه .. قد تشعل المرأة حباً باستخدام أسلحة مشابهة أيضاً .. غير أن خيارات ما بعد الاشتعال لا تحتمل أن تتخذ شكل الإطفاء فإما أن تحترق حباً وإما أن تحترق بما قد يخلفه هذا الحب من كراهية .
إن عاطفة المرأة كانت ولم تزل إحدى ساحات معاركها أو حرب الاستنزاف خاصتها ، وكانت إحدى هفوات المهتمين بدراسة قضايا المرأة هي عدم إيلاء العوامل الثقافية الاهتمام الكافي ، وكان الحماس المبالغ فيه أحدها والذي عزز نزعة الانحياز مما نحى أي جهد لدراسة سيكولوجية المرأة ذات الأبعاد الثقافية ، ولذا ونتيجة لاستبعاد مثل هذه الدراسات فإن الخوض في السلوكيات النسوية قد يبدو بمثابة خطيئة من منظور المهتمين بقضاياها وربما يكون فاتحة لخوض حروب نسوية وغير نسوية أيضاً ، إلا أن الانحياز بأي شكل من أشكاله لم يكن يوماً ليحقق أي هدف دون أن يترك عقبات وعثرات ذات آثار مستقبلية ، ولأن التغيير الذي أنجز لم يتغلغل في جذور الثقافة الاجتماعية ولم يكن مؤثراً فيها بما يكفي لاجتثاث محرضاته فإن أدواراً وأنماطاً وتوجهات سلبية خاصة بالمرأة لم تزل تفرض وجودها ولم تزل المرأة بما يصدر عنها من سلوكيات متأثرة ومؤثرة فيها في الوقت ذاته .
والحروب النسوية قد تكون إحدى نواتج ماسبق .. فعلى الرغم مما تتسبب به الحروب الحقيقية والنزاعات المسلحة للنساء من مآسي وعلى الرغم من تنوع الجبهات التي تناضل فيها المرأة في شتى بقاع العالم إلا أن حروباً أخرى ذات لمسات أنثوية ترتاد المرأة جبهات القتال خاصتها ، هي حروب ليست تشبه أي حرب ، فالخصم فيها هو مجموع (الأنا الأنثوية) وهي دون أدنى شك لا تريق الدماء ، كما تتميز بنعومة ورقة أسلحتها ، والتي قد لا تتعدى ذخيرتها في كثير من الأحيان مهارة امتلاك تركيب المفردات وانتقائها وصياغتها بما يحقق الهزيمة للطرف السامع أو الخصم المستهدف .
وهناك صور أخرى كثيرة تلك التي تبدو فيها الحروب النسوية .. فالحب والحب المبالغ فيه ربما يكون إحدى تلك الصور ، وما لا يمكننا تجميله أو إغفاله هو أن الضبابية وعدم وضوح الرؤيا ، وإجادة استخدام الأقنعة فيما يتعلق بتعبيرالمرأة عن مشاعرها ، هما ما يفعلان فعل القنابل المسيلة للدموع بالنسبة للمقابل مما يفقده القدرة على تمييز الحب من الكراهية والقبول من الرفض ، ومما يتطلب مهارات تحليلية أنثوية لتمييزها وبالتالي تحديد الموقف المناسب منها دفاعا أو احترازاً .
في الحروب النسوية تختلف مقاييس النصر والهزيمة ، ولأنها تكاد تكون جزءاً متمماً لروتين الحياة اليومية فغالباً ما تكون أهدافها مرتبطة بتحقيق توازن نفسي