الالتهاب الكبدي المزمن «سي».. تشخيصه وعلاجه لدى المصابين السعوديين
باحثة سعودية تضع توصيات وضوابط احترازية لتفادي مضاعفاته الخطيرة
مريض بالتهاب الكبد الفيروسي «سي» يخضع لفحص دوري سنوي لكبده بالموجات فوق الصوتية في مستشفى هنري فورد الاميركي في ديترويت (كي آر تي)
جدة: د. عبد الحفيظ خوجة
فيروس التهاب الكبد "سي" (Hepatitis C virus HCV) هو أحد الفيروسات التي تصيب الكبد بالتهاب مزمن، وقد تم التعرف عليه عام 1989. ولفيروس التهاب الكبد "سي" دور كبير في زيادة شدة المرض والوفاة في العالم، حيث يوجد حوالي 170 مليون مصاب بالتهاب الكبد المزمن بسبب الفيروس "سي" أي ما يعادل 3% من سكان العالم.
* دراسة محلية ولمعرفة معدل البقاء لدى مرضى الالتهاب الكبدي المزمن خلال المراحل المختلفة للمرض، وتحديد العوامل التي تزيد من سرعة الانتقال من مرحلة مرضية إلى أخرى، قامت الباحثة الدكتورة نعيمة عبد القادر أكبر استشارية طب المجتمع واختصاصية الوبائيات بإدارة الرعاية الصحية الأولية بجدة بإجراء بحث تم فيه عمل دراسة تحليلية استعادية في مدينة جدة خلال عام 2006 على مرضى الالتهاب الكبدي "سي" من السعوديين الذين تم تنويمهم خلال الفترة من 1/1/ 2000 إلى 1/1/ 2006 في عدد من مستشفيات مدينة جدة. وكان عدد الذين انطبقت عليهم المواصفات التضمينية للدراسة 245 حالة، تمت متابعتهم لمدة إجمالية مقدارها 3.25 سنة وكان متوسط مدة المتابعة 3.2 سنةً.
وفي حديث خاص بـ "الشرق الأوسط" تم التصريح فيه لأول مرة عن نتائج هذه الدراسة، أوضحت الدكتورة نعيمة أكبر، في البداية، طريقة الاصابة الأولى بالمرض، واشارت الى أنها تحدث نتيجة التعرض للفيروس بعد عملية نقل دم أو منتجات الدم مثل المواد المخثرة للدم، أو زراعة الأعضاء (كلية، كبد، قلب) من متبرع مصاب، أو استخدام إبر أو أدوات جراحية ملوثة أثناء العمليات الجراحية، أو العناية بالأسنان عن طريق الخطأ، أو إدمان المخدرات، أو المشاركة في استعمال الأدوات الحادة مثل أمواس الحلاقة أو أدوات الوشم، أو عملية الغسيل الكلوي لدى مرضى الفشل الكلوي، أوالعلاقات الجنسية المتعددة الشركاء، أو من الأم المصابة إلى الجنين.
وتضيف أن أعراض الالتهاب الحاد قد تظهر، بعد فترة حضانة تتراوح ما بين 15 الى 90 يوماً، لكن في أغلب الحالات، أي حوالي 70%، لا توجد أي أعراض، وكثير من المصابين بالفيروس "سي" لا يعرفون أنهم مصابون إلا في سن متأخرة، فمن صفات هذا الفيروس أنه يبقى ساكنا خامدا عشرة أو عشرين عاما، لذا فهو يوصف غالباً بالوباء "الصامت"، وفي 80% من الحالات ينشط الفيروس ويتطور ليكون مزمناً ويحدث التليف بنسبة 20% وسرطان الكبد من 1% إلى 5% من هذه الحالات خلال 20 إلى 30 سنة.
ولكن إلى يومنا هذا ما زال التطور الطبيعي للمرض والمدة الزمنية التي يستغرقها في مراحله المختلفة غير معروفين خصوصاً في العالم العربي، كما أن العوامل المؤثرة في تطور المرض والتي تصنف إلى عوامل شخصية وعوامل خارجية وعوامل متعلقة بالفيروس لم يتم تحديدها أو يتم الإجماع على أهميتها حتى الآن.
* نتائج طبية
* متوسط العمر: أوضحت الدكتورة نعيمة أكبر أنه وُجد في الدراسة أن متوسط عمر المرضى عند تشخيص الالتهاب الكبدي المزمن في مرحلة التليف 45,7 سنة وهو أعلى من المتوسطات المسجلة عالمياً، أما متوسط عمر المرضى عند تشخيص التشمع الكبدي (53,5 سنة)، ومتوسط العمر عند تشخيص سرطان الكبد لدى مرضى الالتهاب الكبدي المزمن (68,9 سنة)، فكانا مقاربين أو متوافقين مع المتوسطات العالمية.
* معدل البقاء: ووُجد أن معدل البقاء في مرحلة الالتهاب الكبدي المزمن بدون تليف قبل التحول إلى مرحلة التشمع الكبدي 7,8 سنة وأن نسبة البقاء عند 5 سنوات تصل إلى 64% وهو أعلى من المعدلات العالمية، وكان معدل البقاء في مرحلة التشمع الكبدي قبل الانتقال إلى مرحلة الفشل الكبدي 4,7 سنة وأن نسبة البقاء عند 5 سنوات تصل إلى 46% وهذا المعدل يتطابق مع أعلى المعدلات المسجلة عالمياً، بينما كان معدل البقاء قبل ظهور السرطان الكبدي 16,1 سنة وأن نسبة البقاء عند 5 سنوات تصل إلى 83% والذي يتوافق مع المعدلات العالمية المنخفضة.
* العوامل المؤثرة: لقد وُجد أن استخدام الأدوية المثبطة للمناعة المستخدمة بعد عملية زراعة الكلى لدى المرضى المصابين بالفشل الكلوي هو من أهم العوامل المؤثرة في خفض معدل البقاء في مرحلة التليف الكبدي قبل التحول إلى مرحلة التشمع الكبدي. بينما تم تحديد أكثر من عامل واحد متسبب في خفض معدل البقاء في مرحلة التشمع الكبدي قبل التحول إلى مرحلة الفشل الكبدي وهي عمر المريض عند تشخيص التشمع الكبدي واستخدام الأدوية المثبطة للمناعة والمستخدمة بعد عملية زراعة الكلى لدى مرضى الفشل الكبدي والإدمان على المشروبات الكحولية.
كما وُجد أن استخدام الأدوية المقاومة لفيروس التهاب الكبد "سي" تزيد من معدل البقاء قبل التحول إلى مرحلة الفشل الكبدي وذلك حتى في عدم وجود استجابة علاجية للدواء، بينما وجد أن العامل الوحيد المؤثر في معدل البقاء قبل حدوث السرطان الكبدي هو العمر عند تشخيص تشمع الكبد.
* توصيات وبناء على نتائج هذه الدراسة، توصي الدكتورة نعيمة أكبر بالآتي: - ضرورة عمل مسح مصلي للأشخاص المعرضين للإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي "سي"، حيث كشفت الدراسة أن حالات الالتهاب الكبدي المزمن يتم تشخيصها في عمر متقدم مقارنة بالدول الأخرى. كذلك يجب إجراء فحوصات دورية للأشخاص الحاملين لفيروس التهاب الكبد "سي" وذلك لأهمية التشخيص المبكر لحالات الالتهاب الكبدي المزمن.
- نظراً للتطور السريع للالتهاب الكبدي المزمن في هذه العينة من المرضى، فإنه يوصى بأهمية متابعة حالات الالتهاب الكبدي المزمن "سي" بصورة روتينية وذلك لتفادي المضاعفات الخطيرة للمرض. - علاج جميع حالات التهاب الكبد المزمن بما في ذلك المراحل المتقدمة للمرض، حيث أثبتت الدراسة أن الأدوية المضادة لفيروس التهاب الكبد "سي" تزيد من معدل البقاء في مرحلة التشمع الكبدي قبل التحول إلى مرحلة الفشل الكبدي.
- وضع ضوابط إحترازية شديدة للتقليل من نسبة تعرض مرضى الفشل الكلوي لفيروس التهاب الكبد "سي" وذلك لكونهم عرضة للأدوية المثبطة للمناعة بعد عمليات زراعة الكلى، حيث وجد أنها من العوامل المهمة في خفض معدل البقاء لدى مرضى الالتهاب الكبدي.
-عمل برنامج مسحي وقائي لحالات التهاب الكبد "سي" المزمن، للاكتشاف المبكر لحالات سرطان الكبد، حيث أكدت الدراسة أن هذه الحالات سبب رئيسي لسرطان الكبد.
- عمل برامج توعية صحية لمرضى الالتهاب الكبدي "سي" وتقديم النصح للمرضى للامتناع عن تناول الكحوليات.
- أهمية عمل دراسات بمنهجية مماثلة أو بمنهجيات مختلفة في أماكن وأزمان أخرى في العالم العربي، حيث إن هذه الدراسات تدعم بعضها بعضاً.
منقول