حليمة السعدية ... رضي الله عنها ...
مقدمة :
بني سعد بن بكر بن هوازن
بحكم كون مكة مجتمعاً تجارياً يطرقه الأعاجم تجاراً وزواراً، ويقيمون فيه عبيداً، والصبي من أبنائها إن سمع من هؤلاء وهؤلاء في أيامه الأولى تبلبل لسانه واضطربت لغته فقد كان أهل مكة يحرصون على أن يترعرع أبنائهم في البادية ففيها العرب الخلص، وفيها اللسان القويم، وإذن كان للاسترضاع في البوادي فائدة تعليمية فلم يكن في البادية كلها من هم أفصح من بني سعد بن بكربن هوازن.
هل المرضعة أم لمن أرضعت ؟
الأجابة الأكيدة نعم نص عليها القرأن الكريم في الأية (23) من سورة الحجرات : { وأمهتكم التي أرضعنكم .. } والمرضعة أم لمن أرضعت و أبنائها سواء بالنسب او بالرضاعة هم أخوان والبنات منهم يحرمون على أخوانهم من الرضاع حرمة أبدية حالهم كحال من كن أخواتن له بالولادة والنسب.
من غير الرسول صلى الله عليه وسلم ترعرع في بادية بني سعد وهوازن؟
من اللذين ترعرعوا في بادية بني سعد وهوازن بلأضافة الى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم , عم الرسول بالنسب وأخوه بالرضاع حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء و أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه ابن عم الرسول بالنسب وأخوه بالرضاع (الثلاثة : الرسول الكريم وحمز وأبا سفيان أرضعتهم حليمة السعدية وترعرعوا في بادية بني سعد) , سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه ,عم الرسول و حبر الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنه والأثنين (أبن الوليد وأبن عباس رضي الله عنهم ) ترعرعوا في بادية بني هلال (أصحاب التغريبة) والحديث في هذا المقام يطول.
أمهات النبي - صلى الله عليه وسلم – الطاهرات:
اختار الله تعالى لنبيه محمد أمهات طاهرات كريمات .. ذوات صل عريق .. وأنساب شريفة .. كان لكل واحدة منهن دور في رعايته والعناية به إلى أن أصبح شابا سويا ..فمن أمهات النبي صلى الله عليه وسلم : آمنة بنت وهب : وهي الأم الكبرى له وكان لها شرف تكوين الله تعالى نبيه محمدا في رحمها الطاهر .. وحملها له إلى أن وضعته ، وقد واجهت في حملها لنبي الكثير حتى وضعته، وهذا من دلائل إقناعها بعظمة شأنة. وأما وحليمة السعدية : وهي الأم الثانية التي كان لها شرف إرضاعه وتغذيته بلبنها .. ورعايته في طفولت وكانت رضي الله عنها فاضلة طيبة وحاضنة مرضعة، كسبت شرف أمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعته .
وكذلك ثويبة ، مولاة أبي لهب ، وهي أم النبي بالرضاعة أيضا، أرضعته حين أعانت آمنة به. وكانت خديجة تكرمها وهي على ملك أبي لهب ، وسألته أن يبيعها لها فامتنع ، فلما هاجر رسول الله أعتقها أبو لهب . وكان رسول الله يبعث إليها بصلة ، وبكسوة ، حتى جاءه الخبر أنها ماتت سنة سبع ، للهجرة.
فترة الرضاعة :
يعتقد البعض أن فترة الرضاعة تمتد حتى يبلغ الطفل الفطام وذلك غير صحيح لأن الهدف الحقيقي منها هو الحرص على أستقامة لسان الطفل ولذلك فأن فترة رضاعة الطفل أو حضانته كانت تمتد قرابت الخمس سنوات وربما أكثر
حليمة السعدية مرضعة الرسول وأم السيدين
نسبهــــا:
هي حليمة بنت أبي ذويب ، وأبو ذويب: عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيسا بن عيلان.
زوجهــــا:
هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة
أبناؤها:
كبشة، وأنسيه، والشيماء
أبناؤها من الرضاعة:
محمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق والأنبياء،حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، سيد الشهداء وعم النبي،أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم الرسول وبذلك تكون حليمة السعدية أم السيدين (سيد الخلق وسيد الشهداء) وهي بذلك نالت شرفا عظيما لم تسبقها اليه أي من نسااء العالمين ولن تلحقها في ذلك أمراءة أخرى حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
سبب أخذها للرسول :
قدمت حليمة السعدية مع نساء قومها يلتمسن الرضاع من أبناء مكة،فرجعت صاحباتها بأبناء مكة ولم تجد هي أحداً ترضعه سوى اليتيم محمداً r، وقالت حليمة:"قدت في سنة شهباء( جدباء )، على أتان لي ومعي صبي لنا وشارف( ناقة )، فقدمنا مكة، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله r فتأباه.إذا قيل أنه يتيم الأب،فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيره، فلما لم أجد غيره قلت لزوجي إني لأكره أن أرجع من بين صاحباتي وليس معي رضيع،لأنطلق إلى ذلك اليتيم فلآحذنه فأخذته حليمة ووجدت بركة في شرفها، وثديها، وآل بيتها، وأغنامها، وأرضها التي كانت تعاني من الجدب.
حضانتها للرسول الكريم :
أختلفت الروايات حول الفترة التي أمضاها رسول الله في بادية بني سعد ولكن الأرجح أنه بقي في بادية بني سعد حتى بلغ الخامسة من عمره صلى الله عليه وسلم
رجوع حليمة إلى مكة:
قالت : فقدمنا به على أمه، ونحن أحرص شيء على مكثه فينا،لما كنا نرى من بركته،فكلمنا أمه، وقلت لها: لو تركت بني عندي حتي يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت: فلم نزل بها حتى ردته معنا، قالت فرجعنا به.
حليمة ترجع بالرسول الكريم إلى أمه:
قالت حليمة: فاحتملناه فقدمنا به على أمه، فقالت: ما أقدمك به وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك؟ قالت : فقلت: نعم قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي، وتخوفت الأحداث عليه، فأديته عليك كما تحبين، قالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك، قالت: فلم تدعني حتى أخبرتها، قالت :أفتخوفت عليه من الشيطان؟ قالت : قلت: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لبني لشأناً،أفلا أخبرك خبره؟ قالت:قلت: بلى، قالت رأيت حين حملت به أنه خرج منه نورٌ أضاء لي به قصور بصري من أرض الشام، ثم حملت به، فوالله ما رأيت من حملٍ قط كان أخف ولا أيسر منه، ووقع حين ولدته وإنه لواضعٌ يده بالأرض، رافعٌ رأسه إلى السماء، دعيه وان طلقي راشدة.
سبب آخر لعودة حليمة به :
قدم جماعة من نصارى الحبشة إلى الحجاز فوقع نظرهم على النبي الكريم في بادية بني سعد ووجدوا فيه جميع العلائم المذكورة في الكتب السماوية للنبي الذي سيأتي بعد عيسى عليه السلام؛ ولهذا عزموا على أخذه غيلة إلى بلادهم لما عرفوا أن له شأناً عظيما؛ً لينالوا شرف احتضانه وذهبوا بفخره.
وفاة حليمة:
توفيت حليمة السعدية-رضي الله عنها- بالمدينة المنورة،ودفنت بالبقيع.
المراجع :
السيرة النبوية لابن هشام أبي عبد الملك بن هشام المعافري المتوفي بمصر سنة 218 هجرية،تقديم ومراجعة صدقي جميل العطار،تحقيق وتعليق سعيد اللحام، المجلد الأول، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. منقول