كثيراً ما يتساءل البعض عن مدى وكيفية تأثير الموازنة العامة للدولة على الاستثمار باسواق المال سواء بالسلب او الايجاب , ولأن هذا التساؤل يصدر في العادة من غير المختصين في الشأن الاقتصادي, اردت ان ابسط قراءة هذا المقال لجعله لمحة توعوية موجزة تساعد على قراءة جانب من جوانب هذه الميزانية التي تحمل في طياتها الخير الواعد لمواطن هذا البلد المعطاء.
تتضمن السياسة المالية للدولة جانبين رئيسيين يتمثل الاول في بند الانفاق الحكومي والاخر في الايرادات الحكومية,حيث يكون هناك اولا تقدير لحجم الانفاق الحكومي بما يخدم الخطط التنموية الاقتصادية ثم يتبعه تقدير لحجم الايرادات اللازمة لتمويل هذه النفقات, وبما اننا نتحدث في هذا الجانب عن مدى تأثير الميزانية العامة على سوق الاسهم فسوف نسلط الضوء على الشق الاول والمتعلق بالانفاق الحكومي واثره على حركة اسواق المال. فالانفاق الحكومي هو عملية ضخ لموارد الدولة على شكل نفقات جارية ونفقات رأسمالية. فالنفقات الجارية تشمل الرواتب والاجور من جانب ومشتريات القطاع الحكومي من سلع وخدمات من جانب اخر.وتعتبر نفقات الرواتب والاجور هي زيادة في دخل الافراد قابل للتصرف من قبلهم اما بالاستهلاك او الادخار ,فلو وجهت هذه الزيادة في دخل الفرد نحو الاستهلاك و رفع القوة الشرائية للفرد فسيكون من الطبيعي وجود ارتفاع في مستوى التضخم وما يترتب عليه من ارتفاع الاسعار لزيادة الطلب على المعروض مما يعني الحاجة الى الايرادات الخارجية وما يتبع ذلك من اثار سلبية على سوق المال ,فيما لو اتخذت هذه الزيادة مسارها نحو توسيع مدخرات الافراد فسيذهب جزء منها للاستثمار بأسهم الشركات المتداولة مما يعني دخول سيولة جديدة تعمل على انعاش حركة التداول.
اما فيما يخص مشتريات القطاع الحكومي من سلع وخدمات فهذا بدوره يصب في صالح ايرادات الشركات التي تلبي هذه الاحتياجات للقطاعات الحكومية مما يؤدي الى زيادة التدفقات النقدية لتلك الشركات وارتفاع ربحيتها ومن ثم ربحية العائد الموزع على السهم .ومن النفقات الجارية الى النفقات الرأسمالية والتي تمثل الانفاق الحكومي على البنى الاساسية وما تحتاجه من مشاريع ضخمة كالطرق والبناء والتشييد والكهرباء وغيرها, فزيادة الانفاق على هذا الجانب لاشك انه يلعب دورا هاما في ربحية الشركات العاملة في مجالات البنية الاساس كقطاع التطوير العقاري وقطاع التشييد والبناء وغيره من القطاعات ذات العلاقة وبالتالي يصبح هناك عنصر جذب للمستثمرين نحو هذا النوع من الشركات .
ولو القينا نظرة على حجم الانفاق الحكومي في ميزانيات الدولة منذ عام 2003م لوجدنا ان هناك نمواً مطرداً بدأ من 250 مليار ريال في ذلك الوقت وصولاً الى 510 مليارات ريال لعام 2008م اضافة الى تقدير ما سينفق خلال عام 2009م بنحو 475 مليار ريال والذي يتوقع ان يكون رقمه الفعلي اكثر من ذلك, هذه المبالغ الطائلة تدل بدورها على اهتمام حكومتنا الرشيدة على مواصلة المسيرة التنموية في الوقت الذي تتمتع به المملكة بقوة ومتانة اقتصادها وهذا ما يجب انعكاسه فعلياً وبشكل ايجابي على سوق الاوراق المالية ليعكس بدوره الصورة الحقيقية عن منظومة الاقتصاد السعودي.
ــــــــــــــــــــــــــ
لكم تحياتي