من ديوان /الدر المنظوم لذوي العقول والمفهوم
للسيد / عبدا لله بن علوي بن أحمد المهاجر بن عيسى (المعروف) بالحداد التريمي اليمني الحسيني
فيم الركون إلي دار حقيقتها =كالطيف في سنة والطل من مزن
دار الغرور ومأوى كل مرزية=.ومعدن البؤس واللأواء والمحن
الزور ظاهرها والغدر حاضرها=والموت أخرها والكون في الشطط
تبيد ما جمعت تهين من رفعت=تضر من نفعت في سالف الزمن
النفس تعشقها والعين ترمقها=.لكون ظاهرها في صورة الحسن
سحارة تحكم التخييل حين يرى=.كأنه الحق إذ كانت من الفتن
إن الإله يراها كي يميز بها= بين الفريقين أهل الحمق والفطن
فذو الحماقة من قد ظل يجمعها= يعاني السعي من شام إلي يمن
مشمرا بركب الأخطار مجتهدا=لأجلها يستلين المركب الخشن
وذو الحجا يقلها زهدا وينبذها=وراءه نبذة الأقذار في الدمن
يرمي بقلب منير في مصايدها=فلا يصادق غير الهم والحزن
يجول بالفكر في تذكار من صرعت=من مؤثريها بسعي القلب والبدن
ممن أشادوا مبانيها وأحكمها=.ليستجن من الأقدار بالجنن
نالوا مكارمها أحيوا معالمها=.سلوا صوارمها للبغي والضغن
رقوا منابرها قادوا عساكرها =بقوة وابتنوا الأمصار والمدن
وعبدوا الناس حتى أصبحوا ذللا=لأمرهم بين مغلوب وممتهن
وجمعوا المال واستصفوا نفائسه=لمتعة النفس في مستقبل الزمن
حتى إذا امتلئوا بشرا بما ظفروا=.ومكنوا من علاها أبلغ المكن
ناداهم هادم اللذات فاقتحموا=.سبل الممات فأضحوا عبرة الفطن
تلك القبور وقد صاروا بها رمما=بعد الضخامة في الأبدان والسمن
بعد التشهي وأكل الطيبات غدا=يأكلهم الدود تحت الترب واللبن
تغيرت منهم الألوان وانمحقت=محاسن الوجه والعينين والوجن
خلت مساكنهم عنهم وأسلمهم=من كان يألفهم في السر والعلن
وعافهم كل من قد كان يألفهم =من الأقارب والأهليين والخدن
ماكان حظهم من عرض مااكتسبوا=غير الحنوط وغير القطن والكفن
تلك القصور وتلك الدور خاوية=يصيح فيها غراب البين بالوهن
فلو مررت بها والبوم يندبها=في ظلمة الليل لم تلتذ بالوسن
ولا تجملت بالأرياش مفتخرا =ولا افتتنت بحب الأهل والسكن
ولا تلذذت بالمطعوم منهمكا=ولا سعيت لدنيا سعي مفتتن
ولا اعتبرت إذا شاهدت معتبرا=تراه بالعين أو تسمعه بالإذن.
إن المواعظ لا تغنى أسير هوى=.مقفل القلب في حيد عن السنن
مستكبرا يبطر الحق الصريح إذا=يلقى إليه لفرط الجهل والشنن
يمني النفس أمرا ليس يدركه =إن الأماني مقطاع عن المنن
يكفى اللبيب كتاب الله موعظة=كما أتى في حديث السيد الحسن
محمد خير خلق الله قدوتنا=مطهر الجيب عن عيب وعن درن
عليه منا صلاة الله دائمة= ما سارت الريح بالأمطار والسفن
والآل والصحب ما غنت مطوقة = وما بكت عين مشتاق إلى وطن