قالت : أتُنْشِدُ والمدافعُ تضربُ = والمجرمُ الباغي بقدسكَ يلعبُ ؟=
أتصوغ شعراً والرصّاص قصيدةٌّ =ناريّةٌ ، ألحانُها تتلهّبُ ؟
أتنمّق الشعر الجميلَ بصورةٍ = شعريةٍ ، ودَمُ الضحيّة يَثْغبُ ؟
ماذا تفيد قصائد الشعر التي = تبكي ، وناصيةُ الكرامةِ تُضْرَبُ؟
هَبْ لي من الشعر المُنمّقِ مِعطفاً = يكسو الفقيرَ ،وكأس ماءٍ تُشْرَبُ ؟
هَبْ لي من الشعر المُنّمقِ كِسْرةً = من خُبْزَةٍ لجياع قُدْسِكَ تُوْهَبُ
وعباءةً تلتْف فيها حُرّةٌ = دَمْعُ العَفافِ على خُطاها يُسكَبُ
وحذاءَ طفلٍ لم يزلْ يمشي على= حَسَكٍ ،به الَقَدَمُ الصّغيرةُ تَعْطَبُ
هَبْ لي من الشعر المنّمقِ منزلاً= يأوي إليه الخائفُ المتغرّبُ
وانشُدْ به ظلّ الأمانِ لأسرةٍ = طُردتْ ، فليس مِن التشّردِ مَهْرَبُ
ما قيمة الشعر الذي نهفو إلى = ألحانه ، والقُدْسُ منّا تُسْلَبُ؟
والطفلُ في الساحاتِ ، تحمل كفُّه =حجراً ، عن الّروح الأبيّة يُعْرِبُ ؟
والشيخُ يرسم ظهرُه قوس الأسى =وفؤادُه مما رأى يتعذّبُ؟
هُدِمَتْ على الذكرى الحزينةِ دارُه = فمضى وقد ضاق الفضاءُ الأَرْحَبُ؟
يا شاعرَ الفُصحى وعازف لحنِها = ياليتَ شِعرَك ، كيف هان المَطْلَب ُ؟
أنسيتَ أنّ الجُرْحَ أعمقُ من يد= تُعطي من قَلَمٍ فصيحٍ يَكتبُ ؟
أنسيتَ أنّ المعتدين تنمّروا =وعلى ضعاف المسلمين استكلبوا؟
أنسيتَ أنّ يدَ اليهودِ، وبئسما = هيَ مِن يدٍ ، بدم الضحية تُخْضَبُ؟
تبكي وتكتب دمع قلبك أَحُرفاً =فإلى متى تبكي الحروفَ وتندبُ؟
وإلى متى تَطَأُ الثّرى مترفّقاً = والمعتدي متطاولٌ متوثّبُ ؟
لو جُمعّتْ كلُّ الدواوين التي = كُتِبتْ ، لما ارتدع العدوّ المُذنبُ؟
ما قيمة الكلماتِ في الحرب التي = فيها المدافعُ والقنابل تَخطُبُ؟
ما قيمة الكلماتِ ، والدّار التي = فيها الأحبةُ تُستباحُ وتُنْهبُ؟!
ما قيمة الكلماتِ، واللّصُ الذي = فُتحتْ له الأبوابُ لا يتهيّبُ؟!
يا شاعر الفصحى وعازفَ لحنها = يا من تجيئُ بك الحروفُ وتذهبُ
أتعبتَ شعركَ في مواجهة الأسى = ونداءِ قومٍ في اللذائذ أسْهبُوا
لن يهجر القومُ الهوى إلاّ إذا = هَجَر الموائد والولائمَ أشعبُ
يا شاعر الفصحى وعازفَ لحنها =ما كلُّ لحنٍ في القصائد يُطربُ
إن كان شعرك سوف يَهزم باغياً = فاضربْ به المستوطنين ليهربوا
لقيتْ قصائدُك الحسانُ أمانها = والطفل يلقاه الرّصاص المرُعبُ
ماذا صنعنا باليهود ،ونحن مِن = خمسين عاماً في الوسائل نشجُبُ؟؟
ماذا صنعنا ، والقصائدُ لم تزلْ = تُلْقى ونحن بحفظها نتأدّبُ؟؟
اللّحْنُ لحنُ الطّفلِ يعزف بالحصى = عَزْفاً ، يَروق لسامعيه ويعجبُ
إن كان رأيُك في القصيدة صائباً = فالّرأْي في ذِهْنِ الحجارةِ أصْوَبُ
الشاعر د:عبدالرحمن العشماوي