من احتكار إلى احتكار
عابد خزندار
تنتظر الأوساط الصحية إعلان تشكيل أول مجلس إدارة للشركة الوطنية لشراء الأدوية التي سبق أن وافق عليها مجلس الوزراء في شهر شعبان الماضي، وقد قيل في حينه انّ السبب في تأسيسها هو القضاء على البيروقراطية التي تتحكم بروتينها البطيء وإجراءاتها الروتينية في تأمين الأدوية والأجهزة الطبية والمعامل لمختلف أجهزة الخدمات الطبية للدولة مما ينجم عنه كما حدث وكما هو حادث نقص في الأدوية وخاصة الحساسة في مستشفيات الدولة، ثم إنّ وجود جهاز للشراء في كل جهاز خدمة طبية حكومي يؤدي إلى الهدر في الأموال والوقت، وقد رصد لهذه الشركة مبلغ مليار و 500مليون ريال للقيام بمهامها من خلال إقامة نظام للشراء الموحد للأدوية والأجهزة الطبية وما في حكمها، ومن غير المعروف حتى الآن عمّا إذا كانت الشركة المقترحة ستلجأ إلى المناقصات بين الوكلاء المحلييين الذين يحتكر عشرة منهم وكالات معظم الأدوية، أم ستتفاوض مباشرة مع الشركات المنتجة والشراء منها متجاوزة الوكيل المحلي الذي لن يحول الشراء المباشر من الشركات المصنعة بينه وبين الحصول على عمولته لا سيما إذا كان كما هو حاصل متمكناً من السوق، ولهذا فإن هذه الشركة بالكميات الكبيرة التي تشتريها وبقدرتها على التفاوض ستقضي على مستوردي الأدوية والأجهزة الطبية ووكلائها الصغار، وبذلك تقل أو تندر البدائل التي تنتج بكميات صغيرة من قبل مصانع صغيرة ودول صغيرة حتى لو كانت أسعارها أرخص لعدم قدرتها على تأمين الكميات الكبيرة المطلوبةمن الشركة الموحدة، ولهذا سينتهي الأمر إلى أن تحتكر المصانع الكبيرة في الدول الأوربية بالذات توريد الأدوية والأجهزة الطبية للسعودية، وسيتم القضاء على كلّ الموردين الصغار، ولن يؤدي هذا الوضع إلى الهدف المتوخى وهو الحصول على الأدوية بأرخص الأسعار، أي أننا سننجو من احتكار إلى احتكار آخر.
الرياض