الكثير منا تجده بين إخوانه في المساجد أو مع أصدقائه حسن الخلق طيب الكلام، ملتزم بتعاليم دينه، محافظ على الصلوات في أوقاتها وحريص على العبادات
وهو كذلك في السر عندما يكون بعيدا عن الناس خاليا مع نفسه لانه يعلم ان الله سبحانه وتعالى يراه في السر كما في العلن وهذه الزمرة من الناس هي الناجية والمفلحة يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
والبعض الآخر يراقبون الله عز وجل في الجلاء ولكن لا يراقبونه في الخفاء ...
يراقبوه أمام الناس فإذا خلوا بمحارم الله إنتهكوها وضيعوها وتعدوا حدود الله تبارك وتعالى وارتكبوا معاصيه!
لذلك جاء عند إبن ماجه بسند صحيح عن ثوبان "قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها"والله سبحانه وتعالى يقول: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"
فأحرص أخي وأختي أن لا تكون من بين هؤلاء الناس الذين إذا ما خلوا إنتهكوا حرمات الله عز وجل وتعدوا حدوده.
ولا تكن من أهل الرياء الذين ينتظرون محمدة الناس ومدحهم
الناس لن ينفعوك أو يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك أو عليك
كما في الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ( رفعت الأقلام وجفت الصحف)".
فلنحرص أن نكون من تلك الزمرة
الذين باطنهم خير من ظاهرهم
كما قيل: المؤمن باطنه خير من ظاهره... والمنافق ظاهره خير من باطنه
ولنعلم ان الله تبارك وتعالى يعلم السر وما يخفى. وهو الذي يرانا أين ما كنا
و الله طيب لا يقبل إلا الطيب
المطلوب منا أن نخشى الله عز وجل في الخفاء عندما لا يرانا إلا هو.. ولنعلم أن عيون الناس تنام عنا والله لا تأخذه سِنَة ولا نوم.. وإذا يوم غفل عنا الناس فالله تبارك وتعالى لا يغفل.
كما قال الأندلسي لأبنه:
وإذا خلوت بريبة في ظلمة........والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظرالإله وقل لها....إن الذي خلق الظلام يرانِ
يُروى انه كان هناك عالمٌ اراد أن يختبر تلاميذه وهم دون سن الرشد:
أعطى كل واحد منهم دجاجة وقال لهم أذهبوا إلى مكان لا يراكم فيه أحد وأذبحوا الدجاج ثم أرجعوا إلي؟
رجع التلاميذ وقد نفذوا ما قال لهم شيخهم إلا واحدا منهم , فقال يا بني لماذا لم تفعل ما قلته لك، قال يا شيخي بحثت كثيرا ولم أجد مكانا لا يراني الله فيه فلم أفعل.
فسبحان الله الذي جعل هذا الطفل الصغير يعلم ان الله يراه أين ما كان.
وما أجمل تلك الكلمات التي مرت بي، يقول أحدهم:
إذا ما أردت أن تتعلم الإخلاص ومخافة الله في السر والعلن:
تعلم من الراعي عندما يكون خالياً مع قطيعه، بعيدا عن الناس
يصلي لله ولا ينتظر أن يمدحه القطيع أو يثني عليه؟
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا...... تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل طرفة.......ولا أن ما تخفي عليه يغيب
ألم ترى أن اليوم أسرع ذاهب.....وان غدا للناظرين قريب
وفي صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه جبريل .... (فسأله الى ان قال).... قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
فلنجاهد أنفسنا ولنكن من الذين يخافون الله في السر والعلن حتى نكون من الفائزين برضوان الله ولنكن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة ربه ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق ، اخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه .
اللهم أجعلنا من الذين تظلهم يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظلك
وأجعلنا من: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ
وأجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم
وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين