تركي بن حميد .. الشيخ والفارس والشاعر
الزعامة والشجاعة والفروسية وإجادة الشعر صفات ما أن تجتمع في شخصية واحدة
إلا وتكون هذه الشخصية حتما أشهر من نار على علم ويتم تصنيفها ضمن المشاهير
والشيخ تركي بن صنهات بن حمد بن حميد العتيبي إحتوت شخصيته هذه الصفات جميعها
فكان من أشهر شيوخ قبيلة عتيبة قاطبة ولم لا فهو الشيخ والفارس والشاعر الذي سارت بأخباره الركبان
ليخلد التاريخ إسمه وتتوارث الأجيال أخباره وقصصه ومآثره وأشعاره حتى وقتنا الحاضر .
عاش في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري وبرز من خلال الأحداث الدامية التي شهدتها جزيرة العرب
خاصة منطقة عالية نجد وما حولها.
ويعتبر الشيخ تركي بن حميد من الشخصيات التي كان لها تأثير واضح وآثار راسخة في تلك المنطقة
ولعبت شخصيته دوراً بارزاً في تاريخ نجد ومجريات أحداثها حيث قاد قبيلته عتيبة القبيلة العربية الأصيلة المعروفة
في أحلك المواقف وأصعب الظروف فحقق معها المفاخر وأسس معها مجداً عظيماً فكان الفخر هو الوجه اللآخر للنصر .
يعتبر من المشاهير فهو من أشهر الفرسان الذين أنجبتهم جزيرة العرب حيث لا يختلف إثنان على شجاعته وفروسيته
وإجادته للشعر وكان رمزاً يشار له بالبنان وكان شاعرا بالفطرة نالت قصائده شهرة واسعه
فحفظها الرواة وتناقلها الركبان حتى جاء عصر التدوين فكتب غالبيتها وهو من الشعراء القلائل
الذين صدقوا في رواياتهم وإعترفوا بالحقائق وثبتوها من خلال قصائد تاريخية تروي الأحداث
بكل صدق وأمانة من غير الإنتقاص من حقوق الآخرين وكانت معظم مساجلاته الشعرية
مع الشيخ المعروف محمد بن هادي بن قرملة شيخ قبيلة قحطان الغني عن التعريف هو وقبيلته .
وتعتبر قصائد الشيخ تركي بن حميد خليطا تمتزج فيه مواصفات الشجاعة والفروسية مع الطيب والنصح والحكمة
مما أعطى شعره القوة والقابلية عند الجميع .
ويروى أن الملك عبدالعزيز آل سعود أطلق عليه لقب الشاعر الصخري واصفاً إياه بأنه الشاعر الذي يبدع من صخر
وذلك لقوة أبياته وصلابة معانيه بعيداً عن قصائد الغزل وذكر المرأة التي يرى البعض في ذلك الوقت
أنها تشكل نقطة ضعف للرجل .
وقد جاءت هذه الصفة مطابقة لشعر تركي بن حميد فالمتتبع لأشعاره يراها تكاد تكون خالية تماماً من الغزل والحب
وتنحصر قصائده دائماً في رسم ملاحم البطولة والفروسية وصفات الطيب والكرم الممزوجة بالحكمة والنصيحة والتحذير
من الإغترار بزخارف الدنيا وبهرجتها ومؤكداً أن الذي يدوم للإنسان وينفعه هي طاعة المولى عز وجل كقوله في أحد قصائده:
وأخير منها ركعتين بالأسحارلا طاب نوم اللي حياته خساره
ويحرص الشيخ تركي في غالبية أشعاره على إبداء النصيحة للرجال بإكتساب السمعة الطيبة
والحرص على الكرم والشجاعة والنخوة والشهامة والترفع بالنفس عن الأعمال القبيحة والأفعال الدنيئة
وحفظ النفس وصونها عن الرذيلة كما لا يخلو شعره من الإفتخار بنفسه وبقومه وأفعالهم المشرفة .
وقد قتل الشيخ تركي بن حميد في إحدى المعارك في نهاية القرن الثالث عشر الهجري
تاركاً خلفه الكثير من صفحات العز والمجد والشرف التي حفظها التاريخ وتناقلتها الأجيال .
منقول