كأس مصر .. والثلاث بقع البترولية
لم تكن أولى علامات الاستفهام التي وضعت حول الدوري المصري هذا الموسم متمثلة في انهيار فريق أو اندثار قوة كبيرة أو ظهور فريق جديد يحقق العديد من المفاجآت ، إلا أنها كانت حول كثرة أندية الشركات التي تشارك في الدوري مما جعل الكثيرون يؤكدون غياب المتابعة الجماهيرية لعدة مباريات قد تجمع بعض فرق الشركات معاً ، في ظل غياب أندية عريقة لها شعبية أمثال الأوليمبي البطل الغائب والمنصورة الذي يحظى بتشجيع كبير من جماهيره حتى في أثناء وجوده في دوري المظاليم ونادي السكة الحديد شيخ الأندية المصرية ، وبدأت فرق الشركات تظهر رويداً رويدا في مقدمة فرق الدوري أمثال بتروجيت وغزل الحدود وأنبي.
إلا أن العدوى انتقلت إلى بطولة كأس مصر خاصة من فرق البترول أنبي وبتروجيت وبترول أسيوط حيث تمكنت تلك الفرق من تغيير مسار البطولة ووضع بصمتها في عديد من المواجهات الهامة ، أو بالأحرى أسقطت ثلاث بقع بترولية غيرت في النظام الكروي في مصر بشكل عام.
كانت أولى تلك "البقع" وأهمها على الإطلاق فوز بترول أسيوط على النادي الأهلي بهدف نظيف وإخراجه من البطولة ، ولم تأت أهمية هذا الفوز من منظور خروج حامل اللقب على يد فريق من الدرجة الثانية في الدورال32 فحسب ، بل لأن البترول كذلك أعلن عن بطل جديد لإحدى البطولات المصرية بعد أن اقترب الموسم الرابع من الانتهاء دون وجود منافس للنادي الأهلي على إحدى البطولات المصرية ، بعد أن حصد الساحر جوزيه كل الألقاب وأكل الأخضر واليابس وأعلنها صراحة في دستوره داخل القلعة الحمراء "المركز الثاني حق مكفول للجميع" ، ليؤكد فيما بعد عملياً أن الصراع مع النادي الأهلي على تحقيق إحدى البطولات أمر يصعب تحقيقه بل حتى أصبح عسراً على أي إدارة غير إدارة نادي القرن الأفريقي أن تفكر بمنافسة النادي الأهلي حتى النهاية ، فهم ليس لهم باع في المنافسة على مركز متقدم في البطولات المصرية على عكس حاصد الألقاب الساحر مانويل جوزيه ، ولذا فتحقيق بترول أسيوط الفوز على النادي الأهلي جعل منه فارساً للبطولة حتى وإن كان قد ودعها من الدور ثمن النهائي ، فاستغل مدرب بترول أسيوط غياب نجوم النادي الأهلي للاستعداد لبطولة أمم أفريقيا 2008 ، ولم يتهاون في تحقيق فوزاً لفت الأنظار وبشدة لنادي بترول أسيوط المرشح عودته لدوري الأضواء الموسم القادم ، ولج فحج وغنم فوزاً لم يكن في الحسبان.
أما المفاجأة الثانية فكانت من بتروجيت الذي سحق الإسماعيلي في ثمن النهائي بثلاثية نظيفة ، واستغل كذلك غياب الركائز الأساسية في برازيل مصر ليلقن مختار مختار مدرب بتروجيت مسؤولي الإسماعيلي درساً في فنون اللعبة جعلهم يعودون إلى الإسماعيلية يجرون أذيال الخيبة ليس بسبب الهزيمة بل بفعل النتيجة الكبيرة التي صنعها نجم بتروجيت حسين علي الذي سجل هدفين في المباراة ولفت أنظار الأندية الكبرى التي طلبت التعاقد معه إلى جانب زملائه في الفريق وليد سليمان وأسامة محمد وغيرهم ، إلا أن البتروجيت لم يهنأ بالفوز الكبير وسقط أمام نادي حرس الحدود في ربع النهائي بهدف نظيف ليودع البطولة بعد أن فجر مفاجأة بإسقاط الدراويش مبكراً.
إلا أن البقعة الثالثة والتي كان فارسها نادي أنبي لم تكن مفاجأتها في إسقاط أحد جبابرة الدوري المصري ، بل تمثلت في التأهل إلى المباراة النهائية لمواجهة الزمالك بعد أن اعتقد الكل قبل بداية البطولة أن الأهلي أو الإسماعيلي هو من سيكون شريك الزمالك في اللقاء النهائي أو حتى أن يكون "الفاينل" بين الأهلي والإسماعيلي ضحايا أندية البترول ، فلم يجد أنبي أي صعوبة تذكر في تخطي أبو قير في ال32 ثم واجه فارس البطولة النادي البترولي الأخر بترول أسيوط وهزمه على ملعب بترو سبورت بهدفين نظيفين ، ليجد نفسه في ربع النهائي أمام نادي عريق هو الإتحاد السكندري المتعثر هذا الموسم حيث يهرول نحو الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية وتمكن نادي أنبي من هزيمة "سيد البلد" بهدف ، ليصل إلى نصف النهائي ويواجه ذئاب الجبل نادي المقاولون العرب ، وتمكن من تحقيق فوز ثمين وصعب بثلاثة أهداف مقابل هدفين في مباراة حسمها المهاجم الأفريقي دي كونيه لاعب أنبي بعد أن اعتقد الكثيرون انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل الإيجابي.
"ثلاث بقع بترولية" أثرت على سير كأس مصر هذا العام ، فتكفلت الأولى بإسقاط الأهلي وإفساح المجال لوجه جديد ليتوج على عرش بطولة مصرية بعد احتكار الأهلي على البطولات خلال السنوات الثلاث الأخيرة ، بينما كان الأخر كفيل ليسقط قلعة الدراويش ومازال يقدم عطاء كبير في الدوري المصري ، بينما لازال الأخير يتشبث بالأمل سعياً لتحقيق البطولة على حساب نادي الزمالك بعد أن كان أخر من توج بها قبل سيطرة الأهلي عليها لموسمين متتاليين حينما فاز أنبي في نهائي الكأس موسم 2004-2005 على الإتحاد وحقق البطولة ، فهل سيتمكن أنبي من أن يكلل جهود أندية البترول بتحقيق الفوز وإسقاط الزمالك والتحليق عالياً بعد أن أسقط "أبناء عمومته" الأهلي والإسماعيلي؟.