ثقافة الأمة في القرن الحادي والعشرين
منذ سنين والعالم يشهد نهضة لا حدود لها في شتى المجالات نهضة علمية فاقت كل التصور ونهضة اقتصادية بهرت العقول ونهضة صناعية تجاوزت حدود الخيال ونحن في كل هذا وذاك على الهامش.
العالم يتقدم يوميا ونحن إن لم نتأخر فحسبنا ذلك تقدما، فنحن نعيش في عالم تقدم بشكل رهيب وبسرعة الصاروخ ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما أعلنت عنه عالمة الفيزياء الفرنسية برجيت بوسوليا أنها استنسخت أول طفلة في التاريخ عن طريق الجينات الوراثية وقفزة البشرية العملاقة في مجال استكشاف الفضاء من دون أن ننسى كيف أصبح اتصالنا بمن نريد في أي مكان من الكون لا يكلف كثير عناء.
فعصر اليوم هو عصر التكنولوجيا بما في الكلمة من معنى عصر شهدت أواخر قرنه الماضي ما بات يعرف اصطلاحا بالعولمة أو القرية الكونية الواحدة التي تجلت بأبهى صورها فأصبح سكان المعمورة على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وتباعد أماكنهم وكأنهم يعيشون في مكان واحد .
مع أن الغرب لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه لو لا ما حققه أسلافنا فجل العلوم التي كان لها دور في تطور البشرية كان المسلمون هم السباقين إليها فقد بدأ الغرب من حيث انتهينا فالغرب أدرك نقطة الضعف وأحسن استغلالها وعلم أن السيطرة على المسلمين لن تكون إلا بالسيطرة عليهم ثقافيا وتبع في ذلك وصية ملك فرنسا الويس التاسع عشر بعد فشله في الحملات الصليبية الذي قال: "إن الغرب لن يستطيع هزيمة المسلمين ما داموا متحدين ولكن عليه أن يغزوهم فكريا ليفرقهم ومن ثم يسيطر عليهم ".
وهو بالفعل ما حدث فقد شن الغرب من حينها حربا ثقافية شعواء تمثلت بدايتها في الحركة الاستشراقية التي لعبت دورا كبيرا في اختراق الغربيين للإسلام وإثارتهم للكثير من الفتن والنعرات الطائفية وفي وقتنا الحاضر أصبحت وسائل الاتصال الحديثة بوابة خلفية للغزو الفكري عن طريق الفضائيات والإذاعات والكتب والمجلات واختراع العصر وفخر البشرية «الإنترنت" ونحن لاهون منغمسون في ملذات الحياة وكأن الأمر لا يعنينا فأصبح شبابنا وللأسف الشديد لا يفقه سوى ثقافة الجنس و"الكليبس" وثقافة الأفلام والأغاني أو بالأحرى ثقافة هوليود ثقافة الخزي والعار.
وفي وسط هذا الزحام نبحث عن أنفسنا فلا نجد لها أثرا ولا نسمع لها ذكرا فما الذي أوصلنا إلى هذه الوهدة؟ فأصبحنا متبِعين بعد أن كنا متبَعين أهو التفرق والتشرذم أم حالة التخدير والتنويم المغناطيسي التي تعيشها الأمة أم حبنا للشهوات ولهثنا خلفها أم كلها مجتمعة.
فمتى يا ترى ستعي الأمة الخطر المحدق بها من كل جانب وترقى إلى مستوى الحدث وتكون على قدر التحدي.