هي الأوضاع الصعبة برمتها التي عايشها الفلسطينيون على مدى العقود الأخيرة كانت كفيلة بتشتيت شعباً أحب الحياة لتحقيق أهدافه . و كجزءاً من حياة الشعب الفلسطيني لم تنفك رياضته عموماً و كرة القدم على وجه الخصوص عما يعانيه الشعب من ممارسات تعسفية و اعتقالات و حصار و اغتيال و منع من قبل قوات الاحتلال الصهيونية .
فهذه هي كرة القدم تربو و تنتشر في أوائل القرن العشرين و هذه هي النكبة الفلسطينية تقع لتُشرد من الأطفال و تقتل منهم ما طالت , لتنطلق جموعٌ فلسطينية مهجرة من ديارها إلى مختلف بقاع العالم , و تلقى هؤلاء الأطفال تعليمهم الأساسي في الدور المهاجر إليها و مارسوا ألعابهم الرياضية و التي كانت متنفسهم الوحيد في ظل مخيمات اللجوء و ما يعرف عن أوضاعها الإنسانية الصعبة . و في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي شُكِلت العديد من المنتخبات الفلسطينية في مختلف الألعاب الرياضية و كان جُل عناصر هذه المنتخبات من لاعبي المخيمات الفلسطينية للاجئين في لبنان و سوريا . و كما رصدتها كووورة فلسطينية من خلال صحيفة المحترفين فهنالك ما يقارب من 80 لاعباً لهم أصول عربية بالدرجة الأولى بإمكانهم اللعب للمنتخب الفلسطيني و منهم من فعلاً شارك مع المنتخب الفلسطيني في بطولات سابقة و حالية .
لتستمر الحياة بعيداً عن الوطن و ليبقى القلب ينبض بحب الوطن حتى بعد الممات فقد نشأ جيلٌ جديد من صلب المهاجرين القدامى مارسوا كرة القدم و واصلوا مسيرة الآباء و يبقى من جديد حلم العودة هو العنوان و الهدف المنشود , فأصبحت كرة القدم الفلسطينية تضم عشرات اللاعبين المعلقين و آخرين مختطفين من قبل منتخبات الدول العربية المجاورة و غيرها في أوروبا و أمريكا اللاتينية , فاللاعب المهاجر أبوه أو جده إلى سوريا و الأردن يحمل جواز الدولة التي يقطن بها و بالتالي بإجراءات بسيطة يصبح من حقه اللعب في منتخب تلك الدولة و بذات الوقت يحق له أن يلعب في المنتخب الفلسطيني بعد إصدار الأوراق اللازمة لذلك فالعملية تبدو و كأنها أشبه بتجنيس اللاعبين , في حين أن لاعبي مخيمات اللجوء الفلسطينية في الأردن الشقيق سقط عنهم حق اللعب للمنتخب الفلسطيني وفق إتفاقات سابقة بين حكومتي الدولتين و بالتالي أصبح لاعبو هذه المخيمات ( مثل الوحدات ) لهم الحق في اللعب لمنتخب الأردن الشقيق دون اللعب لمنتخب بلادهم الأم فلسطين .و في لبنان لا يحق للاعب الفلسطيني اللعب للمنتخب اللبناني لأنه لا يمتلك أية أوارق ثبوتية من قبل لبنان . و أيضاً هنالك بعض اللاعبين في جمهورية مصر العربية أمثال محمد سمارة و عماد أيوب . و هنالك أيضاً ماجد أبو سيدو يحترف بالدوري الكويتي لنادي السالمية و من المعروف أن العديد من أفراد عائلة أبو سيدو التي تعود أصولها إلى مدينة غزة قد سكنت دولة الكويت .
و إلى أمريكا الجنوبية حيث طارت العشرات من العائلات معظمها يعتنق الديانة المسيحية أواخر القرن التاسع عشر مهاجرةً بسبب الحكم العثماني لفلسطين آنذاك و الحروب التي اندلعت وقتها في تلك المنطقة , حيث ولدت هذه العائلات جيلاً من الشباب الفلسطيني مارس كرة القدم و قد عملوا على إنشاء نادي كرة قدم و كان لهم ما أردوا في العام 1929 حيث تم تأسيس نادي يدعى " بلستينو " أي فلسطين بالأسبانية , و لعب هذا النادي في الدوري التشيلي و حاز على لقب الدرجة الممتازة مرتين و بكأس تشيلي و درع الإتحاد التشيلي مرتين أيضاً و يعتبر أحد الأندية دائمة الحضور في تلك الدرجة . و من بين هؤلاء اللاعبين نذكر : روبيرتو كاتلون , إدجاردوا عبد الله , باتريسيو مهنا , راؤول نايف , بابلو عبد الله , روبيرتو بشارة , ليو زامورا , فرانشسكو علام و جميعهم سبق و أن شارك مع المنتخب الفلسطيني في بطولات سابقة .
و في أوروبا تكتمل رحلة المحترفين الفلسطينين حيث تنقل هؤلاء اللاعبين إلى البلدان الأوربية تبعاً لتنقلات عائلاتهم , فكان هنالك من رست سفته في السويد و منهم من انتهى به المطاف في كرواتيا و آخرون في النرويج و العديد من الدول الأوروبية الأخرى , و يتوقع بعض المراقبون و المهتمون في هذا المجال أن يكون في السنوات القادمة لاعبين فلسطينين الأصل في الدوريات الأوروبية العريقة مثل الدوري الأسباني و أن هنالك لاعبين ناشئين فعلياً يلعبون في الدوريات الأوروبية الكبرى . نذكر من هؤلاء اللاعبين , عماد زعترة , برونو بيشة و العديد من الأسماء التي لم يحسم أمرهم بعد .
أما من انطلق من فلسطين ليتجه إلى عالم الاحتراف فكانت هنالك العديد من التجارب الفلسطينية الناشئة على الملاعب الترابية , حيث كانت الأردن أكثر دول الجوار ترحيباً بهؤلاء اللاعبين , و منهم من نجح في كسر هذه المرحلة و تجاوزها إلى مملكة البحرين و المملكة العربية السعودية , و من هؤلاء اللاعبين نذكر : فادي لافي , صائب جندية , زياد الكرد , فهد العتال , رجا الشريف .
و في ذات الإطار لازلت معالم إنضمام العديد من اللاعبين المميزين حقاً و الذين تألقوا في الملاعب الأوروبية غير واضحة و لم تحسم بعد , فأحمد و أنس الشربيني لاعبان في كرواتيا الأول انتقل إلى الدوري الإماراتي و من ثم إلى السويسري حديثاً و قد أعلن والد اللاعبان في وقت سابق أن ابنيه سيلعبان إلى المنتخب الفلسطيني , في حين لم نرهم بلباس المنتخب الفلسطيني حتى هذه اللحظة و اللاعبان قد شاركا في منتخبات كرواتيا تحت سن 21 سنة , و في السويد يقبع عماد خليلي و الذي لعب هو الآخر لمنتخب السويد تحت 21 سنة و لم يشارك في المنتخب الفلسطيني .